للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان هذا هو سبب بقاء بيت المقدس قبلة للمسلمين طيلة إقامة النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة لأن مشركي مكة لم يكونوا يحترمون بيت المقدس كما أنهم أنفسهم جعلوا من الكعبة معبدهم الأكبر ولهذا كانت العلامة الواضحة لقبول الإسلام ونبذ الشرك في مكة هي التوجه إلى بيت المقدس لأداء الصلاة.

وحين وصل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، كان معظم السكان هناك من اليهود والنصارى، ولم يكونوا يعظمون المسجد الحرام (الكعبة) في مكة، وكانوا يعتبرون بيت المقدس هو بيت [ايل] أو هيكل أو كليسيا ولهذا كانت العلامة الواضحة لقبول الإسلام وترك الدين المتوارث عن الآباء هي الاتجاه إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة لأداء الصلاة.

وطبقا للحكم الإلهي صار هذا المسجد قبلة للمسلمين على الدوام، وقد بين الله تعالى سبب هذا الحكم بقوله:

{إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين} (آل عمران: ٩٦).

أي نظرا لسبقه الزمني وعظمته التاريخية كان من المناسب جعله قبلة للعالمين.

{وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} (البقرة: ١٢٧).

أي أن مؤسس هذا المسجد وبانيه هو إبراهيم عليه السلام وهو الجد الأعلى لليهود والنصارى والمسلمين، فإن جعل مسجد جد هذه الأمم العظيمة قبلة إنما هو دعوة للوحدة الروحية بين هذه الأمم الثلاثة بتذكيرها بوحدتها في النسب والدم، وفي هذا إبلاع لرسالة الوحدة بين هذه الأمم:

{ادخلوا في السلم كافة} (البقرة: ٢٠٨).

وإني على يقين أن أيا من المذاهب لا يمكن أن ينكر السبق الزمني والعظمة التاريخية للكعبة فاليهود والنصارى متفقون على أن داود عليه السلام هو مؤسس أورشليم وأن سليمان عليه السلام هو الذي بناها ومن هنا فإن بناء الكعبة قد سبق بناء أورشليم بنحو ٩٢٥ سنة وقبل ظهور المسيح بألف وتسعمائة وواحد وعشرين سنة.

وقد جمع مستر آر سي دت C. DATTR في كتابه "حضارة الهند القديمة" CIVILIZATION OF ANCIENT INDIA CIVIL شهادات عدد من العلماء واستنتج منها أن الدور الأول لحضارة الهند أي بداية عصر الفيد سبق المسيح عليه السلام بألف وأربعمائة

<<  <   >  >>