للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حرمت فيها العرب القتال، حتى أن أعداءهم كانوا يأتون مكة دون خوف. ولما وصل النبي على بعد ٩ أميال من مكة أرسل لقريش من الحديبية يطلعهم بوصوله ويسألهم الإذن لمواصلة السير.

وكان عثمان بن عفان، الذي عرف في التاريخ الإسلامي بذي النورين، هو سفير رسول الله إلى قريش، وحدث أنه بعد ذهابه إلى قريش شاع بين المسلمين خبر مقتله أو اعتقاله من قبل قريش، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمين إلى البيعة وهو تحت الشجرة، فبايعوه (١) على أن لا يفروا (٢).

وكان عدد الذين شهدوا بيعة الرضوان أربع عشرة مائة (٣)، وجاء القرآن الكريم: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} (الفتح: ١٨).

وقد بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عثمان فوضع يده اليسرى على يده اليمنى وقال هذه عن عثمان، ولما بلغ قريشا خبر البيعة خافوا، وجاء رؤساؤهم الواحد تلو الآخر إلى الحديبية، وكان منهم عروة بن مسعود الثقفي (...) ولما رجع إلى قريش قال لهم: يا معشر قريش إني قد جئت كسرى في ملكه والنجاشي في ملكه، وإني والله ما رأيت ملكا في قوم قط مثل محمد في أصحابه، لا يبصق بصاقا إلا وقع في كف رجل منهم فدلك بها وجهه، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها (٤).

وقد استعدت قريش للصلح بعد تفكير وروية وكان من شروط الصلح ما يلي:

١ - يكون الصلح لمدة عشر سنوات يسمح للجانبين بحرية التنقل.


(١) البخاري ٧/ ٤٨، ٤٩ عن عبد الله بن زيد وسلمة، وأحمد ١/ ٥٩ وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشار بيده اليمنى فقال هذه يد عثمان.
(٢) البخاري عن ابن عمر.
(٣) البخاري ٦/ ٦٣ عن براء وجابر بن عبد الله وابن هشام ٢/ ٣١٥.
(...) وعروة الذي جاء سفيرا لقريش يدخل الإسلام بعد سنوات ليكون سفير الإسلام يبلغ الإسلام بين قومه.
(٤) نقلا عن صحيح البخاري عن مسور بن مخرمة باب الشروط في الجهاد.

<<  <   >  >>