للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} (النصر).

ففهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مرتحل من الدنيا (١).

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد اعتكف في رمضان الأخير عشرين يوما، بينما كان يعتكف كل عام عشرة أيام وذكر لابنته الحبيبة فاطمة البتول أن السبب يرجع إلى دنو أجله (٢) وفي خطبة حجة الوداع الشهيرة قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته أنه مرتحل من الدنيا قريبا (٣).

وفي بداية شهر صفر سنة ١١ هـ بدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - يعد العدة للرحيل عن هذه الدنيا. فقدم جبل أحد ذات يوم، وصلى على شهداء أحد ثم عاد من هناك وصعد المنبر وقال:

"أيها الناس: إني بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وإن موعدكم الحوض وإني لأنظر إليه من مقامي هذا، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا ولكني أخشى عليكم من الدنيا أن تنافسوها" (٤) ثم انطلق إلى البقيع في منتصف الليل ودعا لأهله (٥) وقال في الموضعين: "إنا بكم للاحقون" وكأنه بشرهم بقدومه، ثم جمع المسلمين يوما وقال:

أيها المسلمون مرحبا بكم حياكم الله بالسلامة رحمكم الله، حفظكم الله، جبركم الله، رفعكم الله، وقاكم الله.

أوصيكم بتقوى الله وأوصي الله بكم وأستخلفه عليكم وأحذركم الله، إني لكم منه نذير مبين، أن لا تعلوا على الله في عباده وبلاده فإنه قال لي ولكم: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين}.

ثم تلا هذه اللآية:

{أليس في جهنم مثوى للمتكبرين}.

وفي النهاية قال:


(١) الطبراني، عن جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (إني مرتحل من الدنيا قريبا).
(٢) البخاري، عن عائشة، عن فاطمة رضي الله عنها ٢/ ٢٦٠.
(٣) في الصحيحين عن جابر.
(٤) صحيح البخاري عن عقبة بن عامر، كتاب المغازي، ٤١/ ٢١٠؛ وانظر أيضا مسلم (٢/ ١٩٠٤).
(٥) صحيح البخاري ٥/ ٢٩.

<<  <   >  >>