للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقابله في الطريق ملك سدوم "وملكي صادق" (١) ملك شاليم وكان كاهنا لله، فأعطى إبراهيم عليه السلام عشر الغنائم لملك شاليم، ورد بقية الغنائم كلها إلى ملك سدوم، ولم يأخذ لنفسه شيئا من الغنائم، إلا أنه أعطى جزءا من الغنائم لقبائل عاذ وأشكول وممرا، وهي القبائل التي حاربت معه.

وحين ولد إسماعيل عليه السلام كان سيدنا إبراهيم عليه السلام في السادسة والثمانين (٢)، ولما كان في التاسعة والتسعين ظهر له الرب في الرؤيا وأمره بأن يختن كل مولود يصل عمره ثمانية أيام، وتبقى هذه العلامة الخالدة في ذريته إلى عهد الله (٣).

وكان إبراهيم عليه السلام في التاسعة والتسعين من عمره بينما كان إسماعيل عليه السلام في الثالثة عشرة حين اختتن، ومن هنا بقي إبراهيم عليه السلام بين قادس وسور وأقام في جراره حيث أراد ملكها "أبي ملك" أن يستولى على سارة، إلا أنه ردها إلى إبراهيم بأمر من الله، وأكرم إبراهيم عليه السلام وأعزه.

وكان إبراهيم عليه السلام قد بلغ مائة عام حين ولد له إسحاق ثم عقدت معاهدة وتحالف بين أبي ملك ملك جرار وإبراهيم عليه السلام، وعاش إبراهيم عليه السلام ردحا من الزمن في أرض الفلسطينين، ثم زوج إبراهيم ابنه إسحاق من ربقا حفيدة أخيه ناحور، وانتقل إبراهيم عليه السلام إلي الرفيق الأعلى وقد تجاوز مائة وخمسة وسبعين سنة (٤).

ويكنى إبراهيم عليه السلام بأبي محمد، كما يكنى أيضا بأبي الأنبياء لأنه لم يبعث من بعده نبي إلا من ذريته، يقول تعالى: {وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب}.

ولهذا لقب إبراهيم عليه السلام بعمود العالم الثالث، وسيأتي ذكر أحواله المباركة في الأبواب القادمة.


(١) عقيدة النصارى فيما يتعلق بملكي صادق عقيدة عجيبة ففي رسالة بولس إلى العبرانين ورد أنه أب وبلا نسب، ليس له بداية ولا لحياته نهاية، وسيظل كاهنا إلى الأبد، والنصارى يشبهون هذا الكاهن الذي لا نسب له وأنه أزل بالله.
(٢) ورد في صحيح البخاري أنه كان في الثمانين.
(٣) سفر التكوين (الأصحاح ١٧/ ١٥٩).
(٤) دفن في مغارة مكفيلة وهي أمام ممرا.

<<  <   >  >>