للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسهر النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك الليلة ولم ينم، فقال له بعض أصحابه: ما أسهرك يا نبي الله؟

فقال: "أسهر لأنين العباس" فقام رجل من القوم فأرخى من وثاقه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مالي لا أسمع أنين العباس؟ فقال رجل: أنا أرخيت من وثاقه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "فافعل ذلك بالأسرى كلهم".

والذي ثبت من حديث الحجاج بن علاط أنه قديم في الإسلام يكتم إسلامه وكان مقيما بمكة بأمر من النبي - صلى الله عليه وسلم - يكتب أخبار المشركين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان يساعد المسلمين الفقراء في مكة، ثم أظهر إسلامه وشهد حنينا والطائف وتبوك.

وحضر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العقبة الثانية قبل إظهار إسلامه ودفع يوم بدر فدية عقيل ونوفل ابني أخويه أبي طالب والحارث من ماله، وفي غزوة حنين ظل العباس بجوار بغلة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكرم العباس بعد إسلامه ويعظمه ويجله ويقول: "هذا عصي وصنو أبي". وكان العباس جوادا مطعما وصولا للرحم ذا رأي حسن ودعوة مستجابة.

توفي العباس لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب (أو رمضان) سنة اثنتين وثلاثين وصلى عليه عثمان ودفن بالبقيع وهو ابن ثمان وثمانين سنة (١).

ولدت له أم الفضل: الفضل وعبد الله وعبيد الله ومعبد وقثم وعبد الرحمن وأم حبيب وولد له عون بن عباس من زوجة غير أم الفضل وولد له من زوجة ثالثة تمام وكثير ومن زوجة رابعة ولد له الحارث.

١ - فالفضل بن العباس أكبرهم وبه يكنى أبوه أبا الفضل وأمه لبابة الصغرى أم الفضل. غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حنينا وشهد معه حجة الوداع وهو ممن غسلوا النبي بعد وفاته وكان يصب الماء على يد علي رضي الله عنه.


(١) الاستيعاب (٢/ ٨١٠).

<<  <   >  >>