للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سلمى (١) مرضعة النبي قد بشر النبي بولادته فوهب له عبدا. وسماه باسم أبيه إبراهيم. وأرضعته أم بردة بنت المنذر بن زيد الأنصاري زوجة براء بن الأوس الأنصاري، فأعطاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرضا عليها نخل. وتوفي إبراهيم وهو ابن ثمانية عشر شهرا لتتم رضاعه حوريات الجنة رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، فأخذه في حجره وقال: "يا إبراهيم لا نغني عنك من الله شيئا".

ثم قال: "لولا أنه أمر حق، ووعد صدق، وأن آخرنا سيلحق أولنا، لحزنا عليك حزنا هو أشد من هذا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون، تبكي العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب"

ووافق موته كسوف الشمس (٢) وكان العرب القدماء يعتقدون أن الكسوف والخسوف يحدث لموت إنسان عظيم، فبدأ بعض المسلمين يقولون إن الشمس انكسفت لموته، فسمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا القول فخطبهم قائلا:

"إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد من الناس، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموها فصلوا" (٣).

يقول أنس بن مالك: قد كان ملأ مهده ولو بقي لكان نبيا، ولكن لم يكن يبقى لأن نبيكم آخر الأنبياء - صلى الله عليه وسلم -.

وقال ابن أبي أوفى: مات وهو صغير ولو قدر أن يكون بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - نبي لعاش ولكنه لا نبي بعد محمد - صلى الله عليه وسلم -.

ووالدة إبراهيم هي مارية القبطية التي أرسلها ملك مصر لخدمة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قدم ملك مصر المعاصر لإبراهيم هاجرة لخدمة سارة. وليس بينهما فرق إلا أن الملك المعاصر لإبراهيم كان وثنيا جبارا، والملك المعاصر للنبي - صلى الله عليه وسلم - كان نصرانيا. وكان سكان مصر


(١) هي مولاة لأم الزبير رضي الله عنهما وهي قابلة أولاد فاطمة رضي الله عنها كلهم غسلت هي وأسماء بنت عميس فاطمة رضي الله عنها وشهدت غزوة خيبر أيضا.
(٢) صحيح البخاري عن المغيرة. كتاب الكسوف.
(٣) صحيح البخاري عن ابن مسعود كتاب الكسوف.

<<  <   >  >>