للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتظهر هذه الآية ما في آدم عليه السلام من صفة البشرية وأن النسيان من لوازم البشر فلا ينبغي لأحد أن يقدح فيه ويعيبه على ما صدر عنه من فعل أو ما ترك ناسيا.

وقال تعالى في شأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - {سنقرئك فلا تنسى} (١). إن كلمة {سنقرئك} في هذه الآية توضح ما في كلمة {وعلم آدم} من معنى كما تبين لنا أن الله تعالى هو مقرئ النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقد نفى النسيان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية وأخبر أن الرسالة المحمدية أعظم شأنا وأجل من الغوائل البشرية.

٣ - وقال تعالى في آدم: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه} (سورة البقرة: ٣٧).

يظهر من هذه الآية أن الله أكرم آدم عليه السلام بالوحي وطهره من الفعل السيء العاقبة. وذكر الله ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - من يمن وبركة فقال:

{ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور (...) وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} (سورة الشورى: ٢٤، ٢٥).

وهكذا ورد في هذه الآية ذكر ما أعطاه الله النبي - صلى الله عليه وسلم - من كلمات وذكر ما فيها من تأثير وفيوض، تنتفع بها الأمة الإسلامية.

٤ - وقال تعالى عن آدم: {ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (...) فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو} (سورة البقرة: ٣٥، ٣٦). هذه الآية ذكرت فيها الشجرة كشيء ابتلى به آدم وزوجه وكذلك ذكر فيها ظلمهما


(١) ليعلم أن سهو النبي - صلى الله عليه وسلم - مذكور في ثلاثة أحاديث صحيحة. ففي حديث ذي اليدين أنه سلم على ركعتين وفي حديث ابن بحينة أنه قام من الركعتين وفي حديث ابن مسعود أنه صلى الظهر خمس ركعات. وهذه الأحاديث لا تعارض عندنا القرآن. فإن النسيان أمر والسهو أمر آخر، في النسيان يتعرض الذهن للذهول والغفلة والآفة وفي السهو لا يتعرض الذهن لهذه الأشياء وإنما هو شغل والآيتان المذكورتان قد ورد فيهما لفظ النسيان لا السهو. كما وأن النسيان يتعلق بالعلم والسهو بالفعل.

<<  <   >  >>