٢ - قال الله على لسان موسى:{وأخي هارون هو أفصح مني لسانا}(سورة القصص: ٣٤).
وذلك يدل على كمال فصاحة هارون وبلاغته.
إن الفصاحة والبلاغة أمر وجداني يصعب تصويرها بالكلمات، ومن الجدير بالذكر أن الفصاحة والبلاغة تتعلق بالألفاظ كما تتعلق بالمعاني، وتتعلق بالأسلوب كما تتعلق بمناسبة الكلام، وكذلك فإن الفصاحة والبلاغة لها شأنها في كل من الألفاظ والمعاني، وأسلوب الكلام، ومناسبة هذا الكلام، وشأن القائل ومنزلة المستمع، فإذا تضمن الكلام هذه الأوصاف كلها فلا شك أنه يبلغ قمة الفصاحة والبلاغة.
وهذه الأوصاف كلها توفرت في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - توفرا يجعل الناقد البصير يعترف بقصور باعه وقلة شأنه فيها. وأسوق هنا للنبي - صلى الله عليه وسلم - نماذج من أقواله تبين ما فيها من وضوح البيان وإيجاز الكلام وجزالة اللفظ وجمال المنطق:
«- ما هلك امرؤ عرف قدره.
- حبك للشيء يعمي ويصم.
- اليد العليا خير من اليد السفلى.
- الخير كثير وقليله فاعله.
- رحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو سكت فسلم.
- ثلاث منجيات وثلاث مهلكات، فأما المنجيات فخشية الله في السر والعلانية، والاقتصاد في الغنى والفقر، والحكم بالعدل في الرضا والغضب؛ وأما المهلكات فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه.
- لا تزال أمتي بخير ما لم ترى الأمانة مغنما والصدقة مغرما».
وأتطرق الآن إلى ما نحن بصدده:
فأقول إن القرآن الكريم يشير إلى ما يملكه النبي من فصاحة وبلاغة فيقول على لسان أعدائه - صلى الله عليه وسلم -: {إن هذا إلا سحر يؤثر}(سورة المدثر: ٢٤).