ومحمد - صلى الله عليه وسلم - هو أيضا نتيجة لدعاء أبيه إبراهيم الهرم الذي دعا هو وابنه إسماعيل ربهما وهما يبنيان البيت:
١ - {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ... ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ... ربنا وابعث فيهم رسولا منهم}(سورة البقرة: ١٢٧ - ١٢٩).
٢ - قال تعالى في شأن يحى عليه السلام:{مصدقا بكلمة من الله}(سورة آل عمران: ٣٩).
وصف القرآن عيسى بن مريم بكلمة الله وجعل يحيى مصدقا به. ومما لاريب فيه أن يحيى عليه السلام أخبر الناس بقدوم عيسى بن مريم وأطلعهم على فضائله.
وسمى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - مصدقا لما بين يديه. ومنه يتبين أن تصديقه للأنبياء كان أوسع وأشمل.
أ - أنبأ الناس بأسماء بعض الأنبياء وبين أخبارهم ممن لم يكن يعرفهم حتى أهل الكتاب مثل هود وصالح وشعيب.
ب - صدق بنبوة بعض ممن كذبه أهل الكتاب مثل سليمان الذي كذبه اليهود والنصارى وعيسى بن مريم الذي كذبه اليهود.
ج - أكبر من ذلك أنه أوضح مبدأ شاملا خفى عن أهل الأرض جميعا وهو أن بني إسرائيل كانوا يدعون بأن النبوة قاصرة على بني إسرائيل دون سواهم من الأمم، وكذلك البارسيون الذين ادعوا بأنه لم يؤت الله النبوة إلا أهل " مه " وهم من أصول فارسية، وبذلك ادعى الهنود وأهل الصين وأهل مصر من القدماء. فكان كل قوم يكذبون غيرهم فيما ادعوا به، وجر ذلك عليهم عداوة وبغضاء، فرقت بين الأمم والبلاد، فجاءالنبي - صلى الله عليه وسلم - مصدقا لما بين يديه، وفك هذه العقدة وكشف هذا السر، فتلا عليهم آيات كثيرة وردت بألفاظ مختلفة وأساليب متنوعة: