جميع الأجرام الموجودة في هذا النظام، كما أن لهذا العالم المادي حاجة كبيرة إلى الشمس، فإن لضوء حرارتها تأثيرا بالغا على وجود كل شيء ونموه. هذه هي شمس العالم المادي وها هو الله قد أرانا شمس العالم الروحي في نوره (١) ووصف لنا محمد - صلى الله عليه وسلم - بأنه " سراج منير ". ولا شك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مدار أعظم، تدور حوله نجوم سماء النبوة، والصلة الأولى لدوام عالم الشريعة وبقائها - صلى الله عليه وسلم - على نبيه.
إن الشمس تبدد ظلام الليل، وكذا السراج المنير قد بدد ظلمات الكفر والشرك.
إن ضوء الشمس يسود النجوم ويواريها، وكذا شريعة السراج المنير قد سادت جميع الشرائع وسيطرت عليها. إن ضوء الشمس يحول دون ارتكاب الجرائم، وكذا نور السراج المنير قد حال دون ارتكاب المعاصي.
إن الشمس لا تنير في وقت واحد إلا وجها واحدا من الكرة الأرضية. أما السراج المنير فقد بدد بأشعته في وقت واحد ظلمات الجاهلية، وغياهب الجهل، وسواد الكفر والشرك، وحلكة العادات والتقاليد الزائفة، وعتمة التقليد الأعمى، وملأ القلوب بنور الإيمان، وأفعمها بلمعات العقيدة السليمة، وأنار الأبصار بمطالعة الكتاب المبين، وأزال الشك المظلم بالأدلة الساطعة، وأباد الظنون الحالكة بالبراهين القاطعة. واستطاع كل إنسان من خلال هذا النور أن يعرف حقيقة الأشياء ويدرك به كوامن النفس، والذين كانوا قد نسوا حقيقة الإنسانية، أصبحوا الآن كما قال فيهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " وأولئك الذين كانوا قد ضلوا الطريق أصبحوا الآن هداة على الطريق.
إن الخفافيش لا تبصر إلا في الظلام، وكذا شأن الأشقياء، الذين لا يطيقون الأنوار المحمدية ولا يستنيرون بالرسالة النبوية. أما المؤمنون الصادقون فإنهم يضحون بأرواحهم في سبيل هذا السراج الرباني.