للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن الإسلام يقرر مثل هذه الحرية التي لا يكون فيها إجبار وإكراه.

وكان جد بن قيس الأسلمي هو الشخص الوحيد، في هذا الحشد الكبير، الذي توارى وراء إبله ولم يبايع، ومما يدل على حرية الإسلام أنه لم يقع عليه إكراه، نعم، قال (ص) لبيان كرامة المبايعين وشرفهم: ((أنتم خير أهل الأرض)) (١).

وقد ورد ذكر هذه البيعة في آيات القرآن العديدة، وهذا يدل على أن هذه الواقعة مرتبطة برضوان الله تعالى ارتباطا قويا، قال تعالى:

{إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} (التوبة: ١١١).

وقال: {فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به} (التوبة: ١١١).

وقد ذكرت هذه الآية ضمن الخصائص النبوية لأنها تدل على فضل كبير وشرف عظيم للنبي (ص).

تأملوا كيف جعل الله تعالى من بايع على يد النبي (ص) مبايعا على يده تعالى: إن هذا شرف لم يحصل لنبي غيره.

ورد في آية العنوان ((يد الله فوق أيديهم)) وقال الإمام فخر الدين الرازي (٢): يراد باليد في الموضعين معنى واحد، أو معنيان مختلفان.

الف - فإن أريد به في الموضعين معنى واحد كان معنى الآية: إن منة الله تعالى فوق منتكم. قال تعالى في موضع آخر: {بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان} (الحجرات: ١٧).

وأيضا إن النصر والتأييد الذي ناله النبي (ص) من الله تعالى أرفع وأعلى من النصر والتأييد الذي ناله من الصحابة.

وإطلاق كلمة ((اليد)) على الغلبة والنصرة والقوة معروف في لغة العرب، يقال: اليد لفلان.


(١) البخاري (٤١٥٤).
(٢) مفاتيح الغيب (٧/ ٥٤٠).

<<  <   >  >>