للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مختلفين، وينبغي أن نذكره ضمن خصائص النبي (ص) أيضا في هذا الموضع. وأسلوبه هنا يختلف عن السابق إن شاء الله.

وليتذكر القراء أن المعراج من خصائص النبي (ص) التي لم يشاركه فيها أحد من الأنبياء والرسل، وأصل المعراج العروج، وقد ورد في الأحاديث قوله (ص) ((عرج بي)) ولذا اختص لفظ المعراج بهذه الواقعة المباركة، والمعراج يعني الدرجة والسلم، وبما أن العروج والارتقاء كان درجة بعد درجة حسن هذا التشبيه الظاهري للحادث الباطني.

تعدد المعراج: من العلماء من قال بتعدد المعراج، وفرق بين معاني الإسراء والمعراج، وذكروا لهذه الوقائع سنين وشهورا مختلفة. ولكن المحقق الباحث الحافظ ابن كثير وضح في تفسيره أن القول بتعدد المعراج ليس له سند، كما أنه يتعارض مع الأحاديث الصحيحة.

تحديد الزمن: في حديث أم المؤمنين عائشة في البخاري أن أم المؤمنين خديجة توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين. وفي رواية أخرى: أن وفاتها كانت قبل فرض الصلوات الخمس (١)، وثبت بذلك أن واقعة المعراج كانت بعد وفاة السيدة خديجة، ولا يمكن أن تسبق الهجرة بأكثر من ثلاث سنوات.

يبتدئ ذكر الهجرة بلقاء العقبة الأول الذي قابل فيه ستة من الأنصار النبي (ص)، ولذا تتصل واقعة المعراج بالهجرة اتصالا قريبا. وذكر الإمام ابن عبد البر في مقدمة الاستيعاب (٢): أن الهجرة وقعت في سنة ٥٢ من المولد النبوي، وصرح بأنه فصل الكلام في ذلك في ((التمهيد)) وقال الزرقاني: إن الإمام ابن عبد البر والإمام ابن قتيبة الدينوري والإمام النووي (تبعا للرافعي) حددوا شهر رجب للمعراج.

وقال الحافظ عبد الغني المقدسي (ت ٦٠٠ هـ) أن الراجح هو السابع والعشرين من رجب، وذكر أن الاتفاق عملا كان على ذلك دائما (٣).

وخلاصة الأقوال السابقة أن واقع المعراج كان في السابع والعشرين من رجب عام ٥٢ من ولادة النبي (ص).


(١) الإصابة ٢٨٣/ ٤.
(٢) الاستيعاب (ص٤٠ مقدمة).
(٣) انظر لهذا القول البداية والنهاية ٣/ ١٠٩.

<<  <   >  >>