للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثل ذلك حال المرأة التي ورد ذكرها في الحديث السابق الذي أخرجه الشيخان، وقد وردت هنا رواية البخاري وزاد فيه البيهقي (١): أن رواة الحديث أرسلهم النبي (ص) نفسه وقال لهم: إنكما ستجدان امرأة بمكان كذا وكذا، امرأة معها بعير عليه مزادتان إلخ.

وعلى هذا تكون الرواية متضمنة لمعجزة وتنبؤ معا.

٥ - أخرج البخاري عن أنس قال: حضرت الصلاة، فقام من كان قريب الدار من المسجد يتوضأ، وبقى قوم، فأتى النبي (ص) بمخضب من حجارة فيه ماء فوضع كفه فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه، فضم أصابعه فوضعها في المخضب، فتوضأ القوم كلهم جميعا، قلت: كم كانوا؟ قال: ثمانون رجلا (٢).

وفي رواية البيهقي: أن النبي (ص) وضع في المخضب أربعة من أصابعه. وقال أنس: رأيت الماء يفور من بين أصابعه، وقد وقع ذلك في قباء.

وأخرج الشيخان عن أنس بن مالك قال: أتى النبي (ص) بإناء وهو بالزوراء، فوضع يده في الإناء، فجعل الماء ينبع من بين أصابعه، فتوضأ القوم. قال قتادة: قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاثمائة (٢).

٦ - وأخرج البخاري عن عبد الله بن مسعود قال: كنا مع رسول الله (ص) في سفر فقل الماء فقال: اطلبوا فضلة من ماء فجاءوا بإناء، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حي على الطهور المبارك، والبركة من الله، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله (ص) (٣).

وقال النبي (ص) عن هذا الماء: إنه طهور ومبارك، واتفق علماء الأمة على أن الماء الذي نبع من أصابع النبي (ص) كان أكثر بركة وحرمة من ماء زمزم.

وهناك وقائع أخرى مثلها. وبالنظر في خصائص الروايات يتضح أن واقعة انفجار الماء من بين أصابع النبي المباركة تعددت وكثرت. والحقيقة أن هذه المعجزة لو لم تقع في بلد حار جاف مثل الجزيرة العربية، وفي أسفارها الغزوات الطويلة لأدى ذلك إلى هلاك كثير من المجاهدين الذين كانوا يواجهون قلة ملموسة في المال والعتاد.


(١) انظر لهذه الزيادة الخصائص الكبرى ٢/ ٤٢.
(٢) البخاري ٣٥٧٥.
(٣) البخاري ٣٥٧٢، ومسلم ٢٧٩.

<<  <   >  >>