للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* أعيدوا النظر إلى الحديث، إن النبي (ص) حمد الله تعالى حينما أخذ القدح في يده، هذا هو الشيء الذي يعد روح تعليم النبوة.

* يمكن أن يرى أي شخص آخر غير النبي (ص) هذا الأمر العجيب فيشعر بالعظمة، ويمكن أن يعده البعض من الكمالات الشخصية، أما النبي (ص) فإنه لم يذكر به إلا مالكه والقادر عليه، ونسب النعم والعطايا كلها إلى ذاته تبارك وتعالى الذي تجلت ربوبيته بمثل هذه الأمور.

ثانيا: مر النبي (ص) في سفره للهجرة بأم معبد عاتكة بنت خالد بن خليد الخزاعية، وكانت امرأة متقدمة في السن تجلس أمام خيمتها وتسقي المارة وتبيع التمر وغيره؛ وكان أبو بكر مع النبي (ص) حينذاك، وكان يركب خلف النبي (ص) على الناقة. وعلى الناقة الأخرى كان عامر بن فهيرة (١) وعبد الله بن أريقط، وكان خبيرا بهذا الطريق استأجره النبي (ص) في هذا السفر. وتوقف ذلك الركب الميمون عند خيمة أم معبد للاستراحة. وسألوا المرأة هل عندها شيء من الأكل؟ قالت: لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى، وإذا القوم مرملون مسنتون.

وقال حبيش بن خالد (٢) (أخو أم معبد) قتيل البطحاء: فنظر رسول الله (ص) فإذا شاة في كسر خيمتها فقال: ((ما هذه الشاة يا أم معبد؟)) فقالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم. قال: ((تأذنين لي أن أحلبها؟)) قالت: إن كان بها حلب فاحلبها، فدعا رسول الله بالشاة فمسحها ومسح ضرعها وذكر اسم الله ودعا بإناء لها يربض الرهط فحلب فيه ثجا حتى ملأه فسقاها وسقا أصحابه فشربوا عللا بعد نهل، حتى إذا رووا شرب آخرهم، ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء فغادره عندها ثم ارتحلوا)) (٣).

إن آية النبوة سقت الناس اللبن، ومعجزة الخلق المحمدي أن النبي (ص) كان يسقي رفاق السفر قبله ويشرب بعدهم، ثم يترك بقية كافية لأصحاب البيت.


(١) كان غلاما أسلم، عذب في الله فاشتراه أبو بكر وأعتقه. قتل يوم بئر معونة سنة أربع من الهجرة ولم يعثروا على جثته.
(٢) أسلم وشهد الفتح مع رسول الله (ص) فقتل يوم فتح مكة هو وكرز بن جابر ولهذا يقال لهما ((قتيل البطحا)).
(٣) البداية والنهاية ٣/ ١٩٢، أسد الغابة ٤٥١/ ١.

<<  <   >  >>