للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الداخلية. ولذا يمكن وصف المعرفة بالتصور ووصف العلم بالتصديق.

وإطلاق رأس المال على المعرفة في الحديث إشارة إلى السلوك في بدايته حينما تبدأ معرفة الإنسان لكونه عبدا ولكون رب العالمين مالكا. وهذه المعرفة مع الشعور تصبح هاديا للإنسان.

وقد فصل أهل التصوف الكلام على أمارة المعرفة وشواهدها يقول شبلي: ليس لعارف علاقة، ولا لمحب شكوى، ولا لعبد دعوى (١).

وسئل الجنيد عن العارف فقال: لون الماء لون إنائه (٢).

ومعنى هذا القول أن ألوان العبودية تعتور على العبد، فحينا يصبر على ابتلاء الرب تعالى، وحينا يشكر له على نعمائه، وقد يهتز قلبه ببشارة الوعود الصادقة، وقد يتضرع ويخشى بوعيد الله جل جلاله.

يقول ذو النون: علامة العارف ثلاث:

١ - يغلب نور الورع نور المعرفة.

٢ - لا تعارض عقيدة الباطن حالة الظاهر.

٣ - لا يتردى في محارم الله بكثرة النعم الإلهية (٣).

والحقيقة أن المعرفة تورث الهيبة التي فيها الأنس والانشراح. جاء في الحديث الصحيح: ((أنا أعرفكم بالله وأشدكم له خشية)) (٤).

فالمعرفة نور يودع قلب المؤمن حتى يفهم الصفات ويستخدم الشواهد والبراهين.

والعارف يؤمن بالصفات ويراها فوق التشبيه، وينفي التشبيه ويجتنب التعطيل، ولا يفرق بين الذات والصفات، ثم يستغني عن جميع الوسائل والوسائط والبراهين


(١) مدارج السالكين ٣/ ٣٣٨.
(٢) نفس المصدر ٣٤٢/ ٣.
(٣) مدارج السالكين ٣٣٨/ ٣.
(٤) نفس المصدر ٣٤٢/ ٣.

<<  <   >  >>