للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا تضمنت الآية المذكورة ستة تنبؤات.

وينبغي أن ننظر إلى هذا التنبؤ مع التنبؤ الذي شبه فيه الإسلام بالشجرة الطيبة.

تنبؤ عن زيد بن حارثة: كان جبير بن مطعم (١) اشترى زيد بن حارثة لخديجة الكبرى من سوق عكاظ، ولما تزوجت خديجة النبي (ص) أمرت زيدا بخدمة النبي، ولما بعث النبي (ص) آمن به زيد في اليوم الأول الذي آمنت فيه خديجة وآمن فيه علي وأبو بكر رضي الله عنهم، فهو من السابقين الأولين، وقال الله تعالى عنه:

{إذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه} (الأحزاب: ٣٧).

وبهذه الآية علمنا أن زيدا ممن أنعم الله عليهم. وتم تحديد المنعم عليهم في آية أخرى، يقول تعالى:

{فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين} (النساء: ٦٩).

والنتيجة أن الشهيد منعم عليه من الله، والمنعم عليه إن لم يكن نبيا أو صديقا فلابد أنه شهيد أو صالح. وهكذا أخبرت الآية الكريمة عن زيد بن حارثة بشهادته، وقد استشهد في غزوة مؤتة عام ٨ من الهجرة وهو قائد الجيش، وبذلك تحقق التنبؤ المذكور. تنبؤ عن إسلام الأمم الأخرى:

قال تعالى: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} (محمد: ٣٨).

في الآية خطاب للذين أعرضوا عن الجهاد، كما يتضح من العبارة المذكورة للقرآن، والآن انظروا إلى الذين جاهدوا في إفريقيا والأندلس وخراسان والسند والهند فقد كانوا من الأمم التي لم تتعلق بهؤلاء المنافقين في الحسب والنسب.

والخدمات التي قام بها الأتراك والمغول والخلجيون والسوريون والغوريون لإعلاء كلمة الله تندرج كلها تحت هذا التنبؤ.


(١) في الاستيعاب ٢/ ٥٤٣ أن حكيم بن حزام اشترى زيدا، وكذا في الإصابة ٥٦٣/ ١.

<<  <   >  >>