والأقوام، وما نتيجة هذا الإنذار؟ والله تعالى أخبر هنا عن أمرين:
١ - إن الكفار لا يستطيعون مع قوتهم وطاقتهم وكثرة عددهم هزيمة المسلمين، وهنا أخبر الله تعالى بأن هزيمة المسلمين هزيمة للدين الإلهي، لأن عداء الكفار للمسلمين إنما هو بسبب عدائهم لدين الله وبسبب البغض الإلهي الكامن في قلوبهم.
٢ - سيهزم الكفار ويلحق بهم الذل، فقد كانوا يعدون أعظم المحاربين الشجعان في جزيرة العرب، لكن مواجهة المسلمين لهم تكشف عن حقيقة شجاعتهم ومدى بسالتهم، وحينئذ يلحق بهم الذل والهوان في الجزيرة العربية كلها، ويتبين لنا مدى صدق هذا التنبؤ حينما نطلع على نتائج مهاجمة قبائل بني الأسد وبني غسان وبني غطفان وغيرها.
التنبؤ الثاني:
قال تعالى:{سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا}(آل عمران: ١٥١).
إن المعارك الصغيرة التي تعرض لها المسلمون في عصر النبي (ص) كانت مع قريش أو مع حلفائها، ومني فيها الأعداء بالهزيمة واشتبكت القبائل المذكورة مع المسلمين مرة أو مرتين، والقبيلة التي قاومت مرة لم تجترئ مرة أخرى على المقاومة، حتى عم السلام جميع البلاد في فترة قصيرة لم تتراوح السبع سنوات.
والقبائل التي داومت على الحرب والقتال وكأنها تدفع بخيلها إلى حلبة رهان لمدة خمسين سنة، ظنا منها أن الحرب شيء تافه جدا أصيبت من المسلمين برعب أقعدها إلى الأبد، بل إنها تخلت عن مناوأة المسلمين بعد نقض عهدهم مع القبائل المتحاربة. وكل ذلك كان بالتنبؤ الذي ذكر الله تعالى فيه أنه ألقى الرعب في قلوب الكفار. ولاشك أن هذا السكوت عن المسلمين والابتعاد عن الحرب في بلد مولع بالقتل وسفك الدماء كان نموذجا حيا للقدرة الإلهية.
تنبؤان عن أهل مكة: ألف: نفقاتهم تكون حرة عليهم. ب - إنهم جميعا يتغلبون.
قال الله تعالى:{إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون}(الأنفال: ٣٦).