للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الأمثال العربية: الموت جسر يوصل الحبيب إلى الحبيب.

ومعنى تمني الموت من ولي هو طلب الوصال، ومن لوازم المحبة والولاية تكرار مثل هذا الطلب والإصرار عليه.

والآية طالبت اليهود يتمني الموت ولو مرة واحدة، ثم قالت على سبيل التنبؤ إنهم لن يفعلوا ذلك، وذلك أنهم يرسلون ادعاءاتهم العريضة بالألسنة فقط ولكن قلوبهم لا ترضى بذلك، فإن معاصيهم وسيئاتهم قد تمثلت أمامهم وسيطرت الأفعال القبيحة على قلوبهم وأفكارهم، فهم يكرهون الموت ويهربون من المثول بين يدي الله تعالى فإن كان اليهود صادقين لبادروا إلى تكذيب القرآن وبيان صدقهم وتمنوا الموت ولو مرة واحدة حتى يسمعه المسلمون. ولكن التنبؤ المذكور كان من الله ولذا لم يستطيعوا التصريح بالتمني، وقد ضحك الكفار والمشركون أيضا على حالة اليهود هذه.

وكان مقصد التنبؤ المذكور كشف حقيقة ادعاء اليهود بأنهم أولياء الله وأبناؤه، والدلالة على أن أحدا لا يستطيع أن يتكابر في القول أمام الله الذي يملك الموت ويتصف

بالجبروت.

٣ - قال تعالى عنهم:

{ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس} (آل عمران: ١١٢).

وهذه الآية تدل على:

١ - أن اليهود لا يستطيعون أن يعيشوا في الدنيا كأمة حرة فيما يأتي من الزمن.

٢ - وأنهم يتعرضون للذل والمسكنة ولا تكون لهم دولة.

٣ - وأنهم إما أن يدفعوا الجزية للمسلمين، وقد عبر عنه بحبل الله فإنه تعالى منح الذميين حقوقهم.

٤ - وإما أن يدفعوا الضريبة إلى أقوام أخرى، وقد عبر عنه بحبل من الناس. فالآية الواحدة تضمنت أربع تنبؤات.

انظروا إلى الزمن التالي لنزول الآية، هل قامت لليهود دولة حرة في أي قطر من الدنيا؟ هل وجد فيهم أحد لا يدفع الضريبة لقوم غير قومه؟

<<  <   >  >>