للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

د - وأسمع المسيح عليه السلام كلمة حكومة السماء وملكوتها، وهذه الألفاظ تدل على الروحانية دون شك، وذكر حب الإنسان لخالقه بقلب بسيط، وكان ذلك درسا للروحانية المحضة، لكن للأسف لم يرزق أتباعه الذوق والوجدان والتحمل، فاضطر أن يصرح بأن ((روح الحق)) سوف يكمل هذا الأثر (١).

٢ - والحديث الشريف سمى تعليم الروحانية ((الإحسان)) وورد شرح معناه في حديث أبي هريرة عند الشيخين (٢) وحديث عمر الفاروق في صحيح مسلم (٣):

((الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)).

وهذا الحديث ذكر مقامين:

الأول: أن يصل الإنسان بنفسه إلى المقام الذي يكون فيه مهبط الرحمة.

والثاني: أن يحتل المقام الذي يشاهد فيه أنوار المعرفة.

وعلم بهذا الحديث أن مقصود الروحانية أن تصبح رابطة القلب ونسبة الروح مع رب العالمين، ويتحقق هذا المقصود بالعبودية لله والذي بينه الإسلام في شرح هذا المقصود وتوضيح كيفية الوصول إليه كثير جدا ولا يساوي ما ذكرته الأديان الأخرى بالنسبة له.

ولذا صح أن نقول: إن الإسلام هو دين الروحانية.

العبودية: بين الإسلام بوضوح تام العبودية، لأن بناء الروحانية يقوم على هذا الأساس.

فذكر أن مظهر العبودية هو القلب واللسان والجوارح، وإليكم بيان هذا باختصار شديد:

ألف: واجبات القلب خمس:

١ - النية، وهي الفارق بين العادة والعبادة، وبها تفاوت مراتب العبادة.

٢ - الإخلاص، ومقصده وحدة المطلوب.


(١) إنجيل يوحنا ١٦/ ١٣.
(٢) البخاري ١/ ١١٤ - الإيمان، ومسلم ١/ ٣٩ - الإيمان.
(٣) مسلم ١/ ٣٧ - الإيمان.

<<  <   >  >>