للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اردشير بن بابك من وصول تلك الصحف إليه قبل ثلاثة قرون من الإسلام، ولو لم تسقط مصر في عصر كليوبترا تحت سيطرة الرومان لما أحرقت مكتبات مصر القديمة.

ولو لم تقع مصر تحت سيطرة دولة قسطنطنية النصرانية بعد سيطرة روما الوثنية لما حرقت مكتبة الإسكندرية الشهيرة على يد البطريق، ولو لم يفرض بوذا حظره على تعلم السنسكريتية، ولو لم يبذل الملك أشوك وخلفاؤه جهودهم لإعدام الكتابات والمؤلفات السنسكريتية لما ضاعت لغة الويد من العالم، ولو لم يكن هناك إجراء قوي من قبل أتباع ((الأصول السلمية)) (١) للقضاء على كتابات المصلحين القدامى لما دخلت في صحف الهندوكية في كتاب مثل مها بهارت نحو عشرين ألف عبارة (٢) غير أصلية. وهكذا وجد الانتحال سبيله إلى منوسمرتي بحيث أعجز علماء الهندوكية وخاصة (رشى ديانند) عن معرفة الكلام المنتحل من غيره والتمييز بين الأصلي والموضوع.

وقد أشرنا إلى هذه الخسائر ضمن إقامة الدليل على الآثار التي تحدثها السيطرة الأجنبية على دولة ما أو بلد ما.

والآن ينبغي أن ننظر إلى البلاد والأماكن التي تشرفت بقدوم الرسول (ص) ودخل أهلها في الإسلام، إنها لا تزال تحت سيطرة المسلمين، ولغتها هي لغة النبي الكريم (ص)، ومدنيتها هي مدنيته، وكتابها هو الكتاب الذي جاء به الرسول (ص)، وقد ورد في القرآن الكريم تشبيه الإسلام بالشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، والحقيقة أن الإسلام لا يزال على هذه الصفة، فهذا الأمر أيضا من خصائص الإسلام. وقد سبق نفسير هذه الآية في باب خصائص القرآن الكريم.


(١) مرنجان مرنج.
(٢) اشلوك.

<<  <   >  >>