وفي الحرب العالمية الأولى (١٩١٤ م - ١٩١٨ م) اضطرت انجلترا وروسيا وأمريكا، واحدة بعد الأخرى، إلى تركها، أفليس هذا كله من فيوض الإسلام غير المباشرة؟
كان سكان آريه ورت يقصرون الملوكية على أولاد (بهارت الأعظم) ومن هنا أراقوا دماء الهنود كلهم في أرض (كوروكشتير)، وكان المجوس يخصون (كيان ايران) بالملكية، ومن هنا قضوا على حكومات التتار واليونان وبابل، وكان الصينيون يصفون أسرة (شو) بأبناء السماء ويرون أنهم فوق سكان العالم وسكان الصين، وكان الفرنسيون يقولون بتفوقهم على أوربا ويبدون استحقاقهم في السيطرة عليها، ومن هنا رأوا أنهم أحق بإصدار ميثاق الحكم على البشر.
وعلى هؤلاء جميعا أن يفكروا في نوعية الحكم الذي أرشد الإسلام إلى محاسنه بقوله تعالى:{وشاورهم في الأمر}(آل عمران: ١٥٩). وبقوله:{وأمرهم شورى بينهم}(الشورى: ٣٨).
وهكذا أرشدهم إلى مبدأ الحفاظ على بني الإنسان، والتعاون بين أبناء الوطن.
يقال إن برلمان انجلترا أقدم برلمانات العالم، ولذا يلقب به ((البرلمان الأم)). وأقول إن ذلك صواب، ولكن هو أقدم من أحكام القرآن المحكمة؟!. إن التاريخ يجيب بلا ثم لا، ولذا يجب الاعتراف بأن جميع الحكومات الديمقراطية في العالم مدينة للإسلام في هذا الأمر، كان في العالم مكان آريه ورت الذين رفعوا راية (برهما، وبشن، ومهيش) وكان هناك الأفلاطونيون الذين آمنوا بحكم الله والعقل الكل والنفس الكل وأهل الكنيسة الإنجليزية الذين آمنوا بالإله الأب وبالإله الابن وبروح القدس، وأهل الكنيسة الروسية الذين آمنوا بالإله الأب وبالإله الابن وبالروح، واليونانيون القدامى الذين آمنوا بالإله الأب وبالإله الابن وبمريم وسموهم الأقانيم، والآريون الذين آمنوا بقدم (برماتما، وآتما، وبرانو).
إن هؤلاء جميعا كانوا منشغلين بنشر تثليثهم، ولكنهم اليوم يعترفون بسمو عقيدة التوحيد ويفتخرون بها، ويصفون تثليثهم بأنه يؤدي إلى التوحيد ويستدلون على ذلك. والمسلمون يفرحون بهذا التقدم من إخوانهم في الإنسانية، ويأملون أن يعترفوا يوما بمعروف الإسلام هذا حبا للخير وإيثارا للعدل، وبعد الوصول إلى هذه الحقيقة يفتحون أذهانهم وقلوبهم للانتفاع من بركات الإسلام والاستنارة بأنواره، فتجد قلوبهم وأرواحهم سعة وفرحا، ثم تقر بهذه الخاصية للإسلام.