للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّ الْيَدَ أَحْرَزُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إطْلَاقُ قَوْلَيْنِ، وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ: إنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِمْسَاكِ ضَمِنَ، وَإِنْ أَمْسَكَ بَعْدَ الرَّبْطِ لَمْ يَضْمَنْ (وَلَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ بَدَلًا عَنْ الرَّبْطِ فِي الْكُمِّ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ إلَّا إذَا كَانَ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَبِالْعَكْسِ) وَهُوَ أَنْ يَرْبِطَهَا فِي الْكُمِّ بَدَلًا عَنْ قَوْلِهِ: اجْعَلْهَا فِي جَيْبِك، (يَضْمَنُ) لِتَرْكِهِ الْأَحْرَزَ (وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِالسُّوقِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ الْحِفْظِ فَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ، وَأَمْسَكَهَا بِيَدِهِ أَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ بَالَغَ فِي الْحِفْظِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَيْبُ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ، فَيَضْمَنَ لِسُهُولَةِ تَنَاوُلِهَا بِالْيَدِ مِنْهُ. (وَإِنْ أَمْسَكَهَا بِيَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ أَخَذَهَا غَاصِبٌ، وَيَضْمَنُ إنْ تَلِفَتْ بِغَفْلَةٍ أَوْ نَوْمٍ) لِتَقْصِيرِهِ (وَإِنْ قَالَ: احْفَظْهَا فِي الْبَيْتِ فَلْيَمْضِ إلَيْهِ وَيُحْرِزْهَا فِيهِ، فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْهَا فِيهِ مِنْ التَّأْخِيرِ. (وَمِنْهَا أَنْ يُضَيِّعَهَا بِأَنْ يَضَعَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا أَوْ يُدِلُّ عَلَيْهَا سَارِقًا) بِأَنْ يُعَيِّنَ مَوْضِعَهَا (أَوْ مَنْ يُصَادِرُ الْمَالِكَ) بِأَنْ يُعْلِمَهُ بِهَا فَيَضْمَنَهَا بِذَلِكَ (فَلَوْ أَكْرَهَهُ ظَالِمٌ حَتَّى سَلَّمَهَا إلَيْهِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِتَسْلِيمِهِ (ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الظَّالِمِ) وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ تَضْمِينُهُ لِلْإِكْرَاهِ، وَيُطَالَبُ الظَّالِمُ، وَلَهُ عَلَى الْأَوَّلِ مُطَالَبَتَهُ أَيْضًا، وَلَوْ أَخَذَهَا الظَّالِمُ مِنْ الْمُودِعِ قَهْرًا، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ (وَمِنْهَا أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا بِأَنْ يَلْبَسَ) الثَّوْبَ (أَوْ يَرْكَبَ) الدَّابَّةَ (خِيَانَةً) بِالْخَاءِ (أَوْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ) مِنْ مَحَلِّهِ (لِيَلْبَسَهُ أَوْ الدَّرَاهِمَ) مِنْ مَحَلِّهَا (لِيُنْفِقَهَا فَيَضْمَنَ) بِمَا ذُكِرَ، وَقَوْلُهُ خِيَانَةً أَيْ لِغَيْرِ عُذْرٍ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ اللُّبْسِ. لِدَفْعِ الدُّودِ وَرُكُوبِ مَا لَا يَنْقَادُ لِلسَّقْيِ، وَيَأْخُذُ مَعْطُوفٌ عَلَى يَنْتَفِعُ.

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (فَأَمْسَكَهَا فِي يَدِهِ) أَيْ بَدَلًا عَنْ الرَّبْطِ أَوْ مَعَهُ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ فَإِنْ امْتَثَلَ وَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ فَإِنْ لَمْ يُحْكِمْ رَبْطَهَا ضَمِنَ مُطْلَقًا، أَوْ كَانَ فَوْقَ مَا رَبَطَهَا فِيهِ ثَوْبٌ آخَرُ لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا. وَإِلَّا فَإِنْ رَبَطَهَا مِنْ خَارِجٍ فَضَاعَتْ بِأَخْذِ طِرَازٍ ضَمِنَ أَوْ بِاسْتِرْسَالٍ، فَلَا أَوْ رَبَطَهَا مِنْ دَاخِلٍ فَعَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَضْمَنُ) مَا لَمْ يَكُنْ نَهَاهُ عَنْ الْيَدِ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَلَوْ لَمْ يَرْبِطْ كُمَّهُ عَلَيْهَا فَضَاعَتْ سَهْوًا أَوْ بِنَفْضِ كُمِّهِ أَوْ بِاسْتِرْسَالٍ، وَهِيَ خَفِيفَةٌ لَا يَشْعُرْ بِهَا ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ، وَلَوْ وَضَعَهَا فِي كُورِ عِمَامَتِهِ ضَمِنَهَا. قَوْلُهُ: (وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِمْسَاكِ ضَمِنَ) أَيْ مُطْلَقًا. لِيُخَالِفَ مَا فِي الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَمْ يَضْمَنْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فِي جَيْبِهِ) أَيْ الَّذِي بِإِزَاءِ حَلْقِهِ عَلَى صَدْرِهِ أَوْ الَّذِي عَلَى وَرِكِهِ، وَلَيْسَ فَوْقَهُ ثَوْبٌ آخَرُ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَاسِعًا إلَخْ) وَكَذَا لَوْ وَضَعَهَا بَيْنَ ثِيَابِهِ، وَلَوْ سَهْوًا أَوْ كَانَ جَيْبُهُ مَثْقُوبًا وَقْتَ الْوَضْعِ، وَإِنْ جَهِلَهُ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ لَهُ الثَّقْبُ. قَوْلُهُ: (فِي السُّوقِ) أَيْ مَثَلًا فَالصَّحْرَاءُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَكَانًا وَلَا كَيْفِيَّةً فَرَجَعَ فِيهَا إلَى الْعِدَّةِ، وَهِيَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَخَرَجَ مَا لَوْ أَعْطَاهَا لَهُ فِي الْبَيْتِ، وَقَالَ لَهُ: احْفَظْهَا فِيهِ فَإِنَّهُ مَتَى خَرَجَ بِهَامَتِهِ مَعَ إمْكَانِ حِفْظِهَا فِيهِ ضَمِنَ إلَّا إنْ رَبَطَهَا عَلَى جَسَدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحَرَزُ مِنْ الْبَيْتِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ) أَيْ وَقَدْ أَعْطَاهَا لَهُ فِي السُّوقِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَخَّرَ) بِأَنْ لَمْ يَذْهَبْ حَالًا. قَوْلُهُ: (بِلَا عُذْرٍ) وَالْعُذْرُ هُنَا مَا كَانَ ضَرُورِيًّا، أَوْ قَارَبَهُ؛ إذْ لَيْسَ مِنْهُ مَا لَوْ جَرَتْ عَادَتُهُ أَنْ لَا يَذْهَبَ مِنْ حَانُوتِهِ مَثَلًا إلَّا مَعَ آخِرِ النَّهَارِ، وَإِنْ كَانَ حَانُوتُهُ حِرْزًا لَهَا.

قَوْلُهُ: (أَنْ يُضَيِّعَهَا) كَأَنْ يَنَامَ عَنْهَا وَلَيْسَ عِنْدَهُ نَحْوُ رُفْقَةٍ تَحْفَظُهَا وَكَأَنْ يَنْسَاهَا، وَلَوْ بَعْدَ وَضْعِهَا عَنْ بَدَنِهِ لِيَرْتَاحَ مِنْ حَمْلِهَا، أَوْ يَدْفِنَهَا أَوْ يَطْرَحَهَا أَوْ يَهْرُبَ عَنْهَا خَوْفًا مِنْ قَاطِعٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَأَنْ يَذْهَبَ بِهَا نَحْوُ فَأْرٍ فِي جِدَارٍ مَثَلًا، وَلَا يُكَلَّفُ مَالِكُهُ هَدْمَهُ بِلَا أَرْشٍ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، وَكَأَنْ يُخْبِرَ عَنْهَا وَقَدْ نَهَاهُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَحَلَّهَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَلْبَسَ الثَّوْبَ) أَوْ يَجْلِسَ عَلَيْهِ أَوْ يَجُزَّ صُوفَ الشَّاةِ، أَوْ يَقْطَعَ بَعْضَ أُذُنِهَا إلَّا إنْ حَلَبَهَا فَيَضْمَنُ اللَّبَنَ فَقَطْ، أَوْ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ فَتْحٍ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي، وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: خِيَانَةُ الرَّاجِعِ لِيَنْتَفِعَ عَدَمَ وُجُودِ عُذْرٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ.

فَرْعٌ: يُعْتَبَرُ فِي الِانْتِفَاعِ فِي نَحْوِ الْخَاتَمِ الْعَادَةُ فَلُبْسُهُ مُضَمَّنٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا، وَفِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى فِي الْخَصْرِ، وَكَذَا فِي غَيْرِهِ إنْ اُعْتِيدَ أَوْ قُصِدَ اسْتِعْمَالُهُ، وَإِلَّا فَلَا إنْ لَمْ يَنْهَهُ أَوْ انْكَسَرَ وَسُفْلُ كُلِّ أُصْبُعٍ أَحَرَزُ مِنْ وَسَطِهِ، وَهُوَ أَحَرَزُ مِنْ أَعْلَاهُ وَمَا قَوِيَ اسْتِمْسَاكُهُ أَحَرَزُ، وَالْيَدُ الْيُمْنَى أَحَرَزُ، وَعَكْسُهُ فِي الْأَعْسَرِ، وَيَسْتَوِيَانِ فِي الْعَامِلِ بِهِمَا سَوَاءٌ. قَوْلُهُ: (فَيَضْمَنُ بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِالِانْتِفَاعِ أَوْ بِالْأَخْذِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (إطْلَاقُ قَوْلَيْنِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّبْطِ وَالْوَضْعِ فِي الْيَدِ يَدْفَعُ شَيْئًا غَيْرَ مَا يَدْفَعُهُ الْآخَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَضْمَنُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اسْتَثْنَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ مَا إذَا رَبَطَهَا بَيْنَ عَضُدِهِ وَجَنْبِهِ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ بَيْنَ ثِيَابِهِ أَحْرَزَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَمْسَكَهَا) أَيْ أَمَّا لَوْ رَبَطَهَا فَقَطْ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالرَّبْطِ فَأَمَّنَهُ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ جَعَلَ الْخَيْطَ مِنْ خَارِجٍ فَضَاعَتْ بِالطِّرَارِ ضَمِنَ، أَوْ بِالِاسْتِرْسَالِ فَلَا، وَإِنْ جَعَلَهُ مِنْ دَاخِلٍ انْعَكَسَ الْحُكْمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ أَرَادَ وَضْعَهَا فِي الْجَيْبِ فَوَضَعَهَا فِي كُوْرِ عِمَامَتِهِ وَلَمْ يَشُدَّهَا ضَمِنَ انْتَهَى ثُمَّ مَحَلُّ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ مَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى الْبَيْتِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْوَضْعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ فَلَوْ خَرَجَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي كُمِّهِ أَوْ يَدِهِ أَوْ جَيْبِهِ ضَمِنَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ أَخَّرَ إلَخْ) اسْتَثْنَى الْفَارِقِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ مَا إذَا تَأَخَّرَ بِهَا فِي حَانُوتِهِ لِلِاتِّجَارِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهَا بَعْدَ انْتِهَاءِ أَمْرِهِ، إذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ الْجُلُوسُ فِي السُّوقِ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ أَوْدَعَهُ، وَهُوَ فِي حَانُوتِهِ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَسُرِقَتْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ وَضَعَهَا لِيَرْتَادَ لَهَا مَوْضِعًا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَ إهْمَالًا ضَمِنَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَضَعَهَا إلَخْ) مِنْهُ، مَا لَوْ هَجَمَ عَلَيْهِ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ فَأَلْقَاهَا فِي مَضْيَعَةٍ إرَادَةَ الْإِخْفَاءِ فَضَاعَتْ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُعْلِمَهُ بِهَا) أَيْ وَلَوْ مُكْرَهًا عَلَى مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلِلْمَالِكِ إلَخْ) إنْ كَانَ الْإِثْمُ مُنْتَفِيًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (خِيَانَةً) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>