للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِإِمْكَانِ التَّزْوِيرِ وَمُشَابَهَةِ الْخَطِّ.

(وَفِيهِمَا) أَيْ الْعَمَلِ وَالشَّهَادَةِ (وَجْهٌ فِي وَرَقَةٍ مَصُونَةٍ عِنْدَهُمَا) أَيْ عِنْدَ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ الْعَمَلُ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ الشَّهَادَةُ لِلصِّيَانَةِ وَالْوُثُوقِ. .

(وَلَهُ الْحَلِفُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ حَقٍّ أَوْ أَدَائِهِ اعْتِقَادًا عَلَى خَطِّ مُورِثِهِ إذَا وَثِقَ بِخَطِّهِ وَأَمَانَتِهِ) نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْأَصْحَابِ وَفِيهِمَا عَنْ الشَّامِلِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى ذَلِكَ اعْتِمَادًا عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ حَتَّى يَتَذَكَّرَ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الدَّعَاوَى جَوَازُ الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ يَعْتَمِدُ خَطَّهُ أَوْ خَطَّ أَبِيهِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا نَحْوُهُ. (وَالصَّحِيحُ جَوَازُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ بِخَطٍّ مَحْفُوظٍ عِنْدَهُ) وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْعُلَمَاءِ سَلَفًا وَخَلَفًا وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالشَّهَادَةِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِالتَّوْسِعَةِ فِي الرِّوَايَةِ.

فَصْلٌ (لِيُسَوِّ) الْقَاضِي وُجُوبًا وَقِيلَ اسْتِحْبَابًا (بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي دُخُولٍ عَلَيْهِ) بِأَنْ يَأْذَنَ لَهُمَا فِيهِ (وَقِيَامٍ لَهُمَا) وَنَظَرٍ إلَيْهِمَا (وَاسْتِمَاعٍ) لِكَلَامِهِمَا (وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ) لَهُمَا (وَجَوَابِ سَلَامٍ) مِنْهُمَا (وَمَجْلِسٍ) بِأَنْ يُجْلِسَهُمَا إنْ كَانَا شَرِيفَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَنْ شِمَالِهِ، وَكَذَا سَائِرُ أَنْوَاعِ الْإِكْرَامِ فَلَا يَخُصُّ أَحَدَهُمَا بِشَيْءٍ مِنْهَا. (وَالْأَصَحُّ رَفْعُ مُسْلِمٍ عَلَى ذِمِّيٍّ فِيهِ) أَيْ الْمَجْلِسِ بِأَنْ يَجْلِسَ الْمُسْلِمُ أَقْرَبَ إلَى الْقَاضِي كَمَا جَلَسَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِجَنْبِ شُرَيْحٍ فِي خُصُومَةٍ لَهُ مَعَ يَهُودِيٍّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَالثَّانِي يُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِيهِ وَيُشْبِهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنْ يَجْرِيَ الْخِلَافُ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْوُجُوبُ وَالِاسْتِحْبَابُ السَّابِقَانِ. .

(وَإِذَا جَلَسَا) بَيْنَ يَدَيْهِ مَثَلًا (فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ) حَتَّى يَتَكَلَّمَا (وَ) لَهُ (أَنْ يَقُولَ لِيَتَكَلَّمْ الْمُدَّعِي) مِنْكُمَا (فَإِذَا ادَّعَى طَالِبُ خَصْمِهِ بِالْجَوَابِ فَإِنْ أَقَرَّ فَذَاكَ) ظَاهِرٌ (وَإِنْ أَنْكَرَ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي أَلَك بَيِّنَةٌ وَأَنْ يَسْكُتَ فَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ وَأُرِيدُ تَحْلِيفَهُ فَلَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ قَدْ يَحْلِفُ وَيُقِرُّ فَيَسْتَغْنِي الْمُدَّعِي عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ حَلَفَ أَقَامَهَا وَأَظْهَرَ كَذِبَهُ فَلَهُ فِي طَلَبِ تَحْلِيفِهِ غَرَضٌ (أَوْ) قَالَ (لَا بَيِّنَةَ لِي) أَوْ زَادَ عَلَيْهِ لَا حَاضِرَةً وَلَا غَائِبَةً وَحَلَّفَهُ (ثُمَّ أَحْضَرَهَا قُبِلَتْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَعْرِفْ لَهُ بَيِّنَةً أَوْ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (حَتَّى يَتَذَكَّرَ) مَا حَكَمَ بِهِ أَوْ شَهِدَ بِهِ وَلَا يَكْفِي تَذَكُّرُ أَنَّهُ خَطُّهُ.

قَوْلُهُ: (مُورِثِهِ) أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ شَرِيكِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِمَا عَنْ الشَّامِلِ إلَخْ) مَرْجُوحٌ قَوْلُهُ: (جَوَازُ الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ) مُعْتَمَدٌ قَوْلُهُ: (جَوَازُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ) وَالْعَمَلِ بِالْفَتْوَى.

قَوْلُهُ: (بِخَطٍّ مَحْفُوظٍ) أَوْ إخْبَارِ عَدْلٍ. قَوْلُهُ: (عِنْدَهُ) أَوْ عِنْدَ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ، قِرَاءَةً وَلَا سَمَاعًا وَلَا إجَازَةً لِلتَّوَسُّعِ فِي ذَلِكَ.

فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ مَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ مِنْ التَّسْوِيَةِ مِنْ الْخَصْمَيْنِ وَمَا يَتْبَعُهَا. قَوْلُهُ: (الْخَصْمَيْنِ) مُثَنَّى خَصْمٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ، وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَجَمْعُهُ خُصُومٌ وَمِنْ الْعَرَبِ مَنْ يُطْلِقُ الْخَصْمَ عَلَى الْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ وَالْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَالْخَصِمُ بِكَسْرِ الصَّادِ الشَّدِيدِ الْخُصُومَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا الْمُتَخَاصِمَانِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِالْوَكَالَةِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَلَا يُعْتَبَرُ الْمُوَكِّلُ وَلَا مَجْلِسُهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيَامٍ لَهُمَا) فَلَوْ قَامَ لِأَحَدِهِمَا لِظَنِّهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاصِمٍ فَبَانَ أَنَّهُ مُخَاصِمٌ قَامَ لِلْآخَرِ أَوْ اعْتَذَرَ لَهُ أَوْ يَقُولُ قَصَدْت الْقِيَامَ لَكُمَا إنْ أَمْكَنَ. قَوْلُهُ: (وَيُشْبِهُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْوُجُوبُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْضًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مُخَالَفَتُهُ.

قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ وَفِي حُرْمَةِ نَحْوَ الْحَدِيثِ وَطَلَاقَةِ الْوَجْهِ تَوَقُّفٌ، وَيَسْقُطُ جَوَابُ السَّلَامِ مِنْ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الثَّانِي، وَيُغْتَفَرُ طُولُ الْفَصْلِ بَعْدَ الْأَوَّلِ إذَا سَلَّمَ الثَّانِي، وَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مُسْلِمٍ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُ أَجَابَهُ حَالًا تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ وَهَلْ يَسْقُطُ جَوَابُ الْكَافِرِ فِيهِمَا نَظَرًا لِلرَّفْعِ الْمَذْكُورِ أَوْ يَكْفِي عَدَمُ التَّوَقُّفِ فِي الرَّدِّ عَلَى سَلَامِهِ رَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (لِيَتَكَلَّمَ الْمُدَّعِي مِنْكُمَا) فَإِنْ عَرَفَهُ قَالَ لَهُ تَكَلَّمْ. قَوْلُهُ: (طَالِبُ) جَوَازًا قَبْلَ طَلَبِ خَصْمِهِ وَوُجُوبًا إنْ طَلَبَ. قَوْلُهُ: (فَذَاكَ ظَاهِرٌ) أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ إلَّا فِي إقْرَارٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ.

قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ، وَلَهُ الدَّفْعُ عَنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ لِعَوْدِ النَّفْعِ لَهُمَا وَلَهُ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ إنْ ظَنَّ قَبُولَهُ لَا عَنْ حَيَاءٍ أَوْ خَوْفٍ وَإِلَّا أَثِمَ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَسْكُتَ) وَهُوَ أَوْلَى إلَّا إنْ عَلِمَ جَهْلَهُ فَيَجِبُ إعْلَامُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ ذَلِكَ) إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَصَرِّفًا عَنْ نَفْسِهِ وَإِلَّا كَوَكِيلٍ أَوْ وَلِيٍّ تَعَيَّنَتْ الْبَيِّنَةُ قَوْلُهُ: (وَأَظْهَرَ كَذِبَهُ) أَيْ فِي الْوَاقِعِ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَاذِبًا لِغَلَبَةِ ظَنٍّ أَوْ نِسْيَانٍ وَلِذَلِكَ لَا يُعَزَّرُ خِلَافًا لِمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْقُضَاةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ زَادَ عَلَيْهِ لَا حَاضِرَةٍ وَلَا غَائِبَةٍ) أَوْ كُلُّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا زُورًا، وَكَاذِبَةً فَإِنْ قَالَ بَيِّنَتِي عَبِيدٌ أَوْ فَسَقَةٌ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً كَامِلَةً فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ اسْتِبْرَاءٍ أَوْ عِتْقٍ، أَوْ قَالَ هَؤُلَاءِ غَيْرُهُمْ وَاعْتَذَرَ بِنِسْيَانِهِمْ أَوْ جَهْلِهِ بِهِمْ قُبِلَتْ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ

ــ

[حاشية عميرة]

غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالْحُكْمِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ الْأَوَّلُ بِالْإِنْكَارِ.

قَوْلُهُ: (الْحَلِفُ إلَخْ) احْتَجَّ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عَلَى جَوَازِ الْيَمِينِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِحَلِفِ عُمَرَ فِي شَأْنِ ابْنِ صَيَّادٍ بِحُضُورِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (عَنْ الشَّامِلِ إلَخْ) . الْفَرْقُ عَلَى هَذَا أَنَّ التَّذَكُّرَ مُمْكِنٌ فِي خَطِّ نَفْسِهِ، وَلَوْ رَأَى خَطَّ وَكِيلِهِ أَوْ شَرِيكِهِ أَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ وَوَثِقَ بِهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ جَازَ لَهُ الْحَلِفُ. .

[فَصْلٌ تَسْوِيَة الْقَاضِي بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي الدُّخُول عَلَيْهِ]

فَصْلٌ لِيُسَوِّ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُسَوِّي بَيْنَهُمَا) أَيْ لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِالتَّسْوِيَةِ فِي غَيْرِهِ. .

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يَقُولَ) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَتَضَمَّنُ سُؤَالَ الْمُدَّعِي طَلَبَ الْجَوَابِ قَوْلُهُ: (أَوْ نَسِيَ إلَخْ) لَوْ زَادَ عَدَمُ التَّمَسُّكِ بِنِسْيَانٍ وَلَا غَلَطٍ فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (شُدُّوا الرِّحَالَ) تَفْسِيرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>