للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السَّبْعَةِ فَالتَّضْحِيَةُ سُنَّةُ كِفَايَةٍ، لِكُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ أَيْ وَسُنَّةُ عَيْنٍ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ أَهْلُ بَيْتٍ وَكُلٌّ مِنْ الْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَأَجْزَاهُ كُلٌّ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ عَنْ السَّبْعَةِ مَقِيسٌ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» ، أَيْ فِي التَّحَلُّلِ لِلْإِحْصَارِ عَنْ الْعُمْرَةِ وَالْبَدَنَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْإِبِلِ.

(وَأَفْضَلُهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ (بَعِيرٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ ثُمَّ ضَأْنٌ ثُمَّ مَعْزٌ) كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْأَخِيرِ إذْ لَا شَيْءَ بَعْدَهُ وَفِي الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْبَدَنَةُ أَحَبُّ مِنْ الْبَقَرَةِ وَالْبَقَرَةُ مِنْ الشَّاةِ وَالضَّأْنُ مِنْ الْمَعْزِ وَفِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ فِي الرَّوَاحِ إلَى الْجُمُعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِهَا تَقْدِيمُ الْبَدَنَةِ، ثُمَّ الْبَقَرَةِ ثُمَّ الْكَبْشِ (وَسَبْعُ شِيَاهٍ أَفْضَلُ مِنْ بَعِيرٍ) ، أَوْ بَقَرَةٍ لِكَثْرَةِ الدَّمِ الْمُرَاقِ (وَشَاةٌ أَفْضَلُ مِنْ مُشَارِكَةٍ) بِقَدْرِهَا (فِي بَعِيرٍ) أَوْ بَقَرَةٍ لِلِانْفِرَادِ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ

(وَشَرْطُهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ لِتُجْزِئَ (سَلَامَةٌ مِنْ عَيْبٍ يُنْقِصُ لَحْمًا، فَلَا تُجْزِئُ عَجْفَاءُ) أَيْ ذَاهِبَةُ الْمُخِّ مِنْ شِدَّةِ هُزَالِهَا وَالْمُخُّ دُهْنُ الْعِظَامِ (وَمَجْنُونَةٌ) وَهِيَ الَّتِي تَسْتَدِيرُ فِي الْمَرْعَى وَلَا تَرْعَى إلَّا قَلِيلًا فَتَهْزِلُ (وَمَقْطُوعَةُ بَعْضِ أُذُنٍ) وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا، وَهُوَ كَمَا.

قَالَ الْإِمَامُ: مَا لَا يَلُوحُ النَّقْصُ بِهِ مِنْ بُعْدٍ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ (وَذَاتُ عَرَجٍ وَعَوَرٍ وَمَرَضٍ وَجَرَبٍ بَيِّنٍ) فِي الْأَرْبَعَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ (وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُهَا) ، لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ (وَلَا فَقْدُ قُرُونٍ) لِانْتِفَاءِ نَقْصِ اللَّحْمِ، (وَكَذَا شَقُّ أُذُنٍ وَخَرْقُهَا وَثَقْبُهَا) لَا يَضُرُّ (فِي الْأَصَحِّ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ لَهُ أَهْلُ بَيْتٍ حَصَلَتْ السُّنَّةُ لِجَمِيعِهِمْ) صَرِيحُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَهْلِ الْبَيْتِ مَنْ تَلْزَمُ نَفَقَتُهُمْ لِلْمُضَحِّي، وَأَنَّ الثَّوَابَ لَهُمْ كَالْمُضَحِّي وَأَنَّ الْمُضَحِّيَ هُوَ الْمَلْزُومُ بِالنَّفَقَةِ وَشَيْخُنَا وَافَقَ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ مَنْ اجْتَمَعُوا فِي الْمُؤْنَةِ عُرْفًا أَوْ فِي السُّكْنَى لَقَالَ: وَإِنْ كَانُوا أَهْلَ بَيْتٍ وَخَالَفَ فِي الْبَاقِي وَقَالَ: إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُضَحِّي هُوَ الْمَلْزُومُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْهُمْ، وَأَنَّ الثَّوَابَ خَاصٌّ بِهِ هُنَالِكَ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْ الْبَاقِينَ الطَّلَبُ كَمَا هُوَ شَأْنُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ أَوْ سُنَّةِ الْكِفَايَةِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ فِي هَذِهِ وَمُحْتَمَلٌ فِي الَّتِي قَبْلَهَا.

قَوْلُهُ: (وَأَفْضَلُهَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَثْرَةِ الثَّوَابِ، قَوْلُهُ: (إذْ لَا شَيْءَ بَعْدَهُ) مَرْدُودٌ إذْ بَعْدَهُ شِرْكٌ مِنْ بَدَنَةٍ ثُمَّ شِرْكٌ مِنْ بَقَرَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا شَيْءَ بَعْدَهُ مَعَ الِانْفِرَادِ أَوْ لَا شَيْءَ بَعْدَهُ فِي كَلَامِهِ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ الْمُشَارَكَةَ. قَوْلُهُ (وَسَبْعُ شِيَاهٍ إلَخْ) وَاقْتِصَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْكَبْشَيْنِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ لِأَنَّهُمَا الْمَوْجُودُ إذْ ذَاكَ فَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ وَالسَّبْعُ مِنْ الضَّأْنِ أَفْضَلُ مِنْهَا مِنْ الْمَعْزِ.

قَالَ الْعَبَّادِيُّ: وَيَظْهَرُ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِجُزْءٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعِ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ إذْ الْمُضَحِّي وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِهَا) فَإِنْ زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَاسْتِكْثَارُ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْعَدَدِ وَاللَّحْمُ خَيْرٌ مِنْ الشَّحْمِ، وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَنُ عَلَى غَيْرِهِ وَيُقَدَّمُ السِّمَنُ عَلَى اللَّوْنِ، وَأَفْضَلُ الْأَلْوَانِ الْبَيْضَاءُ ثُمَّ الصَّفْرَاءُ ثُمَّ الْعَفْرَاءُ ثُمَّ الْبَلْقَاءُ ثُمَّ الْحَمْرَاءُ ثُمَّ السَّوْدَاءُ، وَالذَّكَرُ أَفْضَلُ مِنْ الْأُنْثَى مَا لَمْ يَكْثُرْ نَزَوَانُهُ، وَإِلَّا فَالْأُنْثَى أَفْضَلُ وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى،.

قَوْلُهُ: (وَشَرْطُهَا سَلَامَةٌ) حَالَةَ الذَّبْحِ فَقَطْ قَوْلُهُ: (الْمُخِّ) وَيُقَالُ لَهُ النِّقْيُ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَتَفْسِيرُهُ بِقَوْلِهِ وَالْمُخُّ دُهْنُ الْعِظَامِ يَشْمَلُ غَيْرَ الرَّأْسِ. قَوْلُهُ: (وَمَقْطُوعَةُ بَعْضِ أُذُنٍ) فَفَاقِدَتُهَا وَلَوْ خِلْقَةً لَا تُجْزِئُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهَا عُضْوٌ لَازِمٌ لِلْحَيَوَانِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ نَحْوَ الْأَلْيَةِ كَالضَّرْعِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِجَوَازِ مَقْطُوعَةِ ثُلُثِ الْأُذُنِ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ بِجَوَازِ مَقْطُوعَةِ الْأُذُنِ لَا مَكْسُورَةِ الْقَرْنِ، وَتُجْزِئُ فَاقِدَةُ الْأَلْيَةِ لَا مَقْطُوعَتُهَا إلَّا قُلْفَةً يَسِيرَةً، أَوْ مَا يُقْطَعُ مِنْ طَرَفِهَا لِأَجْلِ سِمَنِهَا، وَخَرَجَ بِالْقَطْعِ الشَّقُّ وَالْخَرْقُ وَالثَّقْبُ وَسَيَأْتِي وَشَلَلُ الْأُذُنِ كَفَقْدِهَا إنْ خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا مَأْكُولَةً، وَلَا تُجْزِئُ مَقْطُوعَةُ بَعْضِ اللِّسَانِ. قَوْلُهُ: (وَذَاتُ عَرَجٍ) وَالْبَيِّنُ فِيهِ مَا تَتَخَلَّفُ بِهِ عَنْ الْمَاشِيَةِ وَقْتَ السَّعْيِ لِنَحْوِ الْمَرْعَى وَكَذَا يُمْنَعُ الْعَرَجُ وَلَوْ حَالَ الذَّبْحِ فَفَقْدُ الْعُضْوِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَعَوَرٍ) فَالْعَمَى بِالْأَوْلَى وَلَمْ يُقَيِّدْ الْعَوَرَ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّ فِيهِ صِفَةً كَاشِفَةً كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَلَا يَضُرُّ ضَعْفُ بَصَرٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي الرَّعْيِ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (حَصَلَتْ السُّنَّةُ لِجَمِيعِهِمْ) اُنْظُرْ هَلْ يُطْلَبُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ تَرْكُ الشَّعْرِ وَالظُّفُرِ أَمْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِصَاحِبِ الْبَيْتِ يَنْبَغِي الْأَوَّلُ، قَوْلُهُ: (أَيْ وَسُنَّةُ إلَخْ) حِكْمَةُ التَّعْبِيرِ بِأَيْ أَنَّ مَا بَعْدَهَا مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمَتْنِ وَمَا قَبْلَهَا مُسْتَفَادٌ مِنْ الشَّرْحِ.

[أَفْضَلُ الْأُضْحِيَّةِ]

قَوْلُهُ: (وَأَفْضَلُهَا) الْمُرَادُ الْأَفْضَلِيَّةُ بِالنَّظَرِ إلَى إقَامَةِ الشِّعَارِ، وَإِلَّا فَلَحْمُ الضَّأْنِ أَطْيَبُ مِنْ الْجَمِيعِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ «فِي الْبَقَرِ أَلْبَانُهَا دَوَاءٌ وَلَحْمُهَا دَاءٌ» وَزَعَمَ أَنَّهُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ وَهُوَ لَا يَتَقَرَّبُ بِالدَّاءِ، قَوْلُهُ: (أَيْ الْأُضْحِيَّةِ) يَعْنِي عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ أَفْضَلِيَّةِ السَّبْعِ، قَوْلُهُ: (إذْ لَا شَيْءَ بَعْدَهُ) لَك أَنْ تَقُولَ بَلْ بَعْدَهُ الشِّرْكُ فِي الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ، قَوْلُهُ: (وَفِي الشَّرْحِ إلَخْ) هِيَ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا وَالضَّأْنُ مِنْ الْمَعْزِ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (تَقْدِيمُ الْبَدَنَةِ إلَخْ) أَيْ فَيَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى الْأَفْضَلِيَّةِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ.

فَائِدَةٌ: قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَمَّا تَضْحِيَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَبْشَيْنِ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ غَيْرُهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، قَوْلُهُ: (بِقَدْرِهَا) خَرَجَ الْمُشَارَكَةُ بِأَزْيَدَ فَهِيَ أَفْضَلُ " لِتُجْزِئَ " أَمَّا لَوْ نَذْر مَعِيبَةً فَضَحَّى بِهَا أَوْ قَالَ: جَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ وَيَجِبُ ذَبْحُهَا وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ وَتَفْرِقَةُ جَمِيعِ لَحْمِهَا وَلَا تُجْزِئُ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ الْمَطْلُوبَةِ شَرْعًا، بِخِلَافِ السَّلِيمَةِ الْمَنْذُورَةِ.

نَعَمْ لَوْ نَذَرَ سَلِيمَةً ثُمَّ عَرَضَ الْعَيْبَ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ

[شَرْطُ الْأُضْحِيَّة]

قَوْلُهُ: (فَتَهْزَلُ) بَلْ الْجُنُونُ نَوْعٌ مِنْ الْمَرَضِ قَوْلُهُ: (وَجَرَبٍ) هُوَ نَوْعٌ مِنْ الْمَرَضِ قَوْلُهُ: (وَلَا فَقْدُ قُرُونٍ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْعَجَبُ أَنَّ مَالِكًا

<<  <  ج: ص:  >  >>