للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ الْآتِي أَنَّ الْمُقْرِضَ يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَطَؤُهَا ثُمَّ يَسْتَرِدُّهَا الْمُقْرِضُ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى إعَارَةِ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُقْرِضَ لَا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ فَيَمْتَنِعُ الْوَطْءُ (وَمَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهُ فِي الْأَصَحِّ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمُتَقَوِّمِ رَدُّ مِثْلِهِ صُورَةً. وَالثَّانِي يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ رَدُّ الْقِيمَةِ وَفِي قَرْضِ الْخُبْزِ وَجْهَانِ كَالسَّلَمِ فِيهِ أَصَحُّهُمَا فِي التَّهْذِيبِ الْمَنْعُ. وَاخْتَارَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ الْجَوَازَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِلْحَاجَةِ وَإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْجَوَازِ يَرُدُّ مِثْلُهُ وَزْنًا إنْ أَوْجَبْنَا فِي الْمُتَقَوِّمِ رَدَّ الْمِثْلِ وَإِنْ أَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ وَجَبَتْ هُنَا (وَيُرَدُّ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ) وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ (وَفِي الْمُتَقَوِّمِ) يَرُدُّ (الْمِثْلَ صُورَةً) وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَرَضَ بِكْرًا وَرَدَّ رُبَاعِيًّا وَقَالَ: إنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» .

(وَقِيلَ) يَرُدُّ (الْقِيمَةَ) كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مُتَقَوِّمًا. وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ يَوْمِ الْقَبْضِ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ الْمُقْرَضَ بِهِ. وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِالتَّصَرُّفِ فَيُعْتَبَرُ قِيمَةُ أَكْثَرِ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ إلَى يَوْمِ التَّصَرُّفِ. وَقِيلَ: قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ أَوْ فِي صِفَةِ الْمِثْلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَقْرِضِ.

فَرْعٌ: أَدَاءُ الْقَرْضِ فِي الصِّفَةِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ (وَلَوْ ظَفِرَ الْمُقْرِضُ بِهِ) أَيْ بِالْمُقْتَرَضِ (فِي غَيْرِ

ــ

[حاشية قليوبي]

لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (الَّتِي تَحِلُّ) أَيْ فِي نَفْسِهَا فَدَخَلَ فِي الْمَنْعِ مَنْ تَحْتَهُ نَحْوُ أُخْتِهَا وَخَرَجَ الْمَجُوسِيَّةُ وَالْوَثَنِيَّةُ وَكَذَا الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ طُرُوُّ الْحِلِّ مُسْتَبْعَدٌ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ إلَيْهِ وَلَا يَضُرُّ إسْلَامُ نَحْوِ الْمَجُوسِيَّةِ لِأَنَّهُ دَوَامٌ قَالَ شَيْخُنَا وَظَاهِرُهُ بَقَاءُ الْعَقْدِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْوَجْهُ انْفِسَاخُهُ بِإِسْلَامِهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْمُقْتَرَضِ) وَلَوْ مَمْسُوحًا أَوْ صَغِيرًا لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ، لِأَنَّ التَّمَتُّعَ كَالْوَطْءِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مُلْتَقِطًا فِي أَمَةٍ الْتَقَطَهَا. نَعَمْ لِلْخُنْثَى اقْتِرَاضُ أَمَةٍ تَحِلُّ لَهُ وَإِذَا اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ تَبَيَّنَ الْبُطْلَانُ، أَوْ بِاخْتِيَارِهِ لَمْ تَبْطُلْ لِتَعَلُّقِ الْغَيْرِ بِهِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا) أَيْ الْأَمَةِ كُلِّهَا وَيَجُوزُ فِي بَعْضِهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (رُبَّمَا يَطَؤُهَا) أَوْ يَسْتَمْتِعُ بِهَا وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ الْمَمْسُوحُ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَسْتَرِدُّهَا الْمُقْرِضُ) أَوْ يَرُدُّهَا الْمُقْتَرِضُ لِجَوَازِ الْعَقْدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَلَا يَرُدُّ هِبَةَ الْأَصْلِ وَرَدَّ الْعَيْبَ. قَوْلُهُ: (وَمَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهُ) وَمِنْهُ الْخُنْثَى وَالْجَوَاهِرُ وَالْحِنْطَةُ الْمُخْتَلِطَةُ بِشَعِيرٍ وَنَحْوُ الْجَارِيَةِ وَأُخْتُهَا وَالْحَامِلُ وَالْعَقَارُ وَمَنْفَعَتُهُ وَلَوْ مُعَيَّنًا. نَعَمْ يَصِحُّ فِي نِصْفِ الْعَقَارِ فَمَا دُونَهُ شَائِعًا عَيْنًا وَمَنْفَعَةً لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (الْجَوَازُ) أَيْ جَوَازُ إقْرَاضِ الْخُبْزِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمُخْتَارُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُ الْخُبْزِ الْعَجِينُ وَلَوْ حَامِضًا وَخَمِيرَتُهُ كَذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ قَرْضُ الرَّوْبَةِ وَهِيَ خَمِيرَةُ اللَّبَنِ كَمَا لَا يَصِحُّ سَلَمُهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ، وَعَلَّلُوهَا بِقِلَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَقِطَ وَهُوَ لَبَنٌ مُجَفَّفٌ مِثْلُهَا وَالْحَاجَةُ إلَيْهِ قَلِيلَةٌ، فَالْوَجْهُ صِحَّةِ سَلَمُهُمَا وَقَرْضُهُمَا وَلَيْسَ اخْتِلَافُ الْحُمُوضَةِ مَانِعًا كَمَا عَلِمْت فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يَرِدُ مِثْلُهُ) أَيْ الْخُبْزِ وَزْنًا وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ز ي وَشَيْخُنَا م ر، وَاعْتَمَدَ الطَّبَلَاوِيُّ مَا فِي الْكَافِي مِنْ رَدِّ مِثْلِهِ عَدَدًا وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ قَوْلُهُ: (وَيَرِدُ الْمِثْلُ) وَإِنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ إنْ بَقِيَ لَهُ قِيمَةٌ وَإِلَّا رَدَّ قِيمَةَ أَقْرَبِ وَقْتٍ إلَى الْإِبْطَالِ وَمِعْيَارُ الْمِثْلِ هُنَا كَالسَّلَمِ، كَيْلًا فِي الْمَكِيلِ وَوَزْنًا فِي الْمَوْزُونِ. قَوْلُهُ: «اقْتَرَضَ بِكْرًا وَرَدَّ رُبَاعِيًّا» وَالْبِكْرُ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَالرُّبَاعِيُّ مَا دَخَلَ فِي السَّابِعَةِ وَيُقَالُ لَهُ الثَّنِيُّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ فِي صِفَةِ الْمِثْلِ) عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الصُّورَةِ كَحِرْفَةِ الْعَبْدِ.

قَوْلُهُ: (فِي الصِّفَةِ) فَيَجِبُ الْقَبُولُ فِي الْأَجْوَدِ دُونَ الْأَرْدَأِ أَمَّا النَّوْعُ وَالْجِنْسُ فَلَيْسَ كَالسَّلَمِ فِيهِمَا لِجَوَازِهِمَا هُنَا لِجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ فِي الْقَرْضِ قَوْلُهُ: (وَالزَّمَانِ) تَابَعَ فِيهِ

ــ

[حاشية عميرة]

قَرْضِ الْخُنْثَى لِلرَّجُلِ، لِأَنَّ الْمَانِعَ لَمْ يَتَحَقَّقْ ثُمَّ إنْ أَخْبَرَ بِأُنُوثَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ اُتُّجِهَ بَقَاءُ الْعَقْدِ وَإِنْ اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهُ بِغَيْرِ إخْبَارِهِ اُتُّجِهَ فَسَادُهُ أَقُولُ هُوَ غَفْلَةٌ عَنْ كَوْنِ الْخُنْثَى لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْمُقْتَرِضِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ. قَوْلُهُ: (فَيَمْتَنِعُ الْوَطْءُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّصَرُّفُ الْمُزِيلُ لِلْمِلْكِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَا لَا يُسْلَمُ فِيهَا إلَخْ) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: مِنْ أَمْثِلَة ذَلِكَ الْجَوَاهِرُ وَالْحِنْطَةُ الْمُخْتَلِطَةُ بِالشَّعِيرِ وَدَخَلَ فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ قَرْضُ الْجَارِيَةِ وَأُخْتِهَا وَالشَّاةِ وَوَلَدِهَا فَيَمْتَنِعُ، وَكَذَا الْعَقَارُ وَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِالْقَدْرِ وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِكْرًا) هُوَ الثَّنِيُّ مِنْ الْإِبِلِ كَالْغُلَامِ فِي الْآدَمِيِّ وَالرُّبَاعِيُّ مَا دَخَلَ فِي السَّابِعَةِ.

[فَرْعٌ أَدَاءُ الْقَرْضِ فِي الصِّفَةِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ]

قَوْلُهُ: (وَالزَّمَانِ) الْمُرَادُ الزَّمَنُ الْحَالُّ وَإِلَّا فَالْقَرْضُ لَا تَأْجِيلَ فِيهِ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>