للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا أَصْلًا، (وَرَقِيقٌ) لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَاتَبِ لَا مِلْكَ لَهُ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ (وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) ، وَامْرَأَةٌ لِأَنَّ مَبْنَى الْعَقْلِ عَلَى النُّصْرَةِ وَلَا نُصْرَةَ بِهِمْ (وَمُسْلِمٌ عَنْ كَافِرٍ وَعَكْسُهُ) إذْ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا فَلَا مُنَاصَرَةَ (وَيَعْقِلُ يَهُودِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسُهُ فِي الْأَظْهَرِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْكُفْرِ الْمُقَرِّ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي نُظِرَ إلَى انْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا

(وَعَلَى الْغَنِيِّ) مِنْ الْعَاقِلَةِ (نِصْفُ دِينَارٍ وَالْمُتَوَسِّطِ رُبْعٌ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ وَقِيلَ هُوَ) أَيْ الْمَذْكُورُ (وَاجِبُ الثَّلَاثِ) وَالتَّقْدِيرُ بِالنِّصْفِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ دَرَجَةِ الْمُوَاسَاةِ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَبِالرُّبْعِ لِحُصُولِ الْمُوَاسَاةِ بِهِ مِنْ مُتَوَسِّطٍ بَيْنَ مَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ عَلَيْهِ النِّصْفُ (وَيُعْتَبَرَانِ) أَيْ الْغَنِيُّ وَالْمُتَوَسِّطُ (آخِرَ الْحَوْلِ) فَقَطْ (وَمَنْ أَعْسَرَ فِيهِ) أَيْ فِي آخِرِ الْحَوْلِ (سَقَطَ) مِنْ وَاجِبِ ذَلِكَ الْحَوْلِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا مِنْ قَبْلُ أَوْ أَيْسَرَ بَعْدُ وَمَنْ أَعْسَرَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُوسِرًا آخِرَ الْحَوْلِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ وَاجِبِهِ.

فَرْعٌ: مَنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ كَافِرًا وَصَارَ فِي الْآخِرَةِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ لَا يَدْخُلُ فِي التَّوْزِيعِ فِي هَذَا الْحَوْلِ وَمَا بَعْدَهُ، وَقِيلَ يَدْخُلُ فِيمَا بَعْدَهُ وَقِيلَ فِيهِمَا.

فَصْلٌ (مَالُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ) بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا وَعُفِيَ عَلَى مَالٍ (يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَلِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ لَهَا) أَيْ لِأَجْلِهَا أَوْ تَسْلِيمُهُ لِيُبَاعَ فِيهَا (وَفِدَاؤُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشُهَا وَفِي الْقَدِيمِ) يَفْدِيهِ (بِأَرْشِهَا)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَرَقِيقٌ) وَكَذَا مُبَعَّضٌ لَكِنْ يَعْقِلُ عَنْهُ بِعِتْقِ بَعْضِهِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَمَجْنُونٌ) وَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ وَكَانَ قَلِيلًا. قَوْلُهُ: (وَامْرَأَةٌ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا لَا تَعْقِلُ عَتِيقَهَا وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ لَكِنْ إذَا بَانَتْ ذُكُورَتُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا كَانَ يَلْزَمُهُ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَيَدْفَعُ مِنْهُ لِلْمُسْتَحِقِّ لَا لِلْعَاقِلَةِ وَتَرْجِعُ الْعَاقِلَةُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِقَدْرِهِ مِمَّا دَفَعُوهُ لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَيَعْقِلُ يَهُودِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسُهُ) وَالْمُرَادُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُ الْحَرْبِيِّ فَيَشْمَلُ الْمُعَاهَدَ وَالْمُؤَمَّنَ، وَيُشْتَرَطُ فِي غَيْرِهِمَا إقَامَةُ جَمِيعِ السَّنَةِ الَّتِي يَعْقِلُ فِيهَا فِي دَارِنَا وَفِيهِمَا إقَامَةُ تِلْكَ السَّنَةِ مَعَ جُزْءٍ مِمَّا بَعْدَهَا كَذَلِكَ، فَمَنْ أَقَامَ مِنْهُمَا سَنَةً، فَأَقَلَّ وَمِنْ غَيْرِهِمَا دُونَ سَنَةٍ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ،

قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْغَنِيِّ مِنْ الْعَاقِلَةِ) أَيْ مِمَّنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعَقْلُ مِنْ الْوَرَثَةِ لِيَدْخُلَ ذَوُو الْأَرْحَامِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ دِينَارٍ) أَيْ مِقْدَارُهُ إذْ الْوَاجِبُ الْإِبِلُ فَلَوْ أُخِذَ مِنْهُمْ دَرَاهِمُ صُرِفَتْ فِي الْإِبِلِ. قَوْلُهُ: (فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ) لِأَنَّهُ نِصْفُ مِثْقَالٍ مِنْ عِشْرِينَ مِثْقَالًا. قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ الْمُوَاسَاةِ) لِأَنَّهُ نِصْفُ مَا بَيْنَ النِّصْفِ وَالْعَدَمِ وَلِأَنَّ دُونَ الرُّبْعِ لَا نَفْعَ فِيهِ بِدَلِيلِ عَدَمِ الْقَطْعِ بِهِ فِي السَّرِقَةِ، وَعَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ، وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ إنَّهُ لَا تَقْدِيرَ بَلْ يَرْجِعُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَعْسَرَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ) وَكَذَا مَنْ رَقَّ أَوْ جُنَّ فِيهِ سَقَطَ عَنْهُ التَّحَمُّلُ فِي ذَلِكَ، الْحَوْلِ سَوَاءٌ الْحَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ، وَكَذَا مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي أَثْنَائِهِ وَلَوْ أَعَادَ الشَّارِحُ ضَمِيرَ فِيهِ إلَى الْحَوْلِ الْمُضَافِ إلَيْهِ لَشَمِلَهُ. قَوْلُهُ: (مَنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ رَقِيقًا إلَخْ) وَكَذَا مَنْ كَانَ كَذَلِكَ قَبْلَ أَوَّلِهِ مِنْ حِينِ الْفِعْلِ فَلَوْ رَمَى ذِمِّيٌّ صَيْدًا فَأَسْلَمَ فَأَصَابَ السَّهْمُ إنْسَانًا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ مُسْلِمٌ، وَلَا ذِمِّيٌّ وَلَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ إنْسَانًا خَطَأً ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ سِرَايَةً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الذِّمِّيِّينَ، أَرْشُ الْجُرْحِ وَعَلَيْهِ الْبَاقِي فَإِنْ جَرَحَهُ ثَانِيًا بَعْدَ إسْلَامِهِ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ سِرَايَةً، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ نِصْفُ الدِّيَةِ مِنْ الْبَاقِي فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ فَعَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْفَصْلِ لَوْ ارْتَدَّ فَارْجِعْ إلَيْهِ إنْ شِئْت. قَوْلُهُ: (رَقِيقًا) وَلَوْ مُبَعَّضًا أَوْ صَبِيًّا وَلَوْ مُرَاهِقًا أَوْ مَجْنُونًا، وَلَوْ كَانَ جُنُونُهُ مُتَقَطِّعًا، أَوْ كَافِرًا وَلَوْ مُرْتَدًّا، قَوْلُهُ: (لَا يَدْخُلُ فِي التَّوْزِيعِ فِي هَذَا الْحَوْلِ وَمَا بَعْدَهُ) كَمَا مَرَّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

تَنْبِيهٌ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الدَّعْوَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي وَأَنَّ الْعَاقِلَةَ يَدْفَعُونَهَا وَلَا يَدَّعِي عَلَيْهِمْ بِهَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ

هُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ أَيْ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ. قَوْلُهُ: (مَالُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْأَمَةِ وَلَوْ أَعْجَمِيًّا، أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَكِنْ فِي هَذَيْنِ بِأَمْرِ غَيْرِهِمَا يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِالْآمِرِ، وَلَوْ قَطْعًا فِي سَرِقَةٍ وَيَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ بِالْأَرْشِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَالْمُبَعَّضُ فِي جُزْئِهِ الْحُرِّ كَالْحُرِّ وَفِي الرَّقِيقِ كَالرَّقِيقِ، وَلَا نَظَرَ لِمُهَايَأَةٍ وَيَفْدِيهِ السَّيِّدُ بِالْأَقَلِّ مِنْ حِصَّتِهِ وَمَا يُقَابِلُهَا مِنْ الْأَرْشِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ

ــ

[حاشية عميرة]

بِالْمَوْتِ وَأَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ الدِّيَةُ وَاجِبَةٌ فِي الْمَالِ وَلَكِنْ لَا يُضَافُ وُجُوبُهَا إلَى الْعَاقِلَةِ عَنْ التَّعْيِينِ بَلْ يُنْظَرُ آخِرَ الْحَوْلِ فَإِنْ كَانُوا بِصِفَةِ التَّحَمُّلِ تَعَيَّنَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِمْ، وَإِلَّا تَبَيَّنَ تَعَلُّقُ الْوُجُوبِ بِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْجَانِي إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْتُ الْمَالِ اهـ.

قَوْلُهُ: (نِصْفُ دِينَارٍ) أَوْ قِيمَةُ نِصْفِ دِينَارٍ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَوْ سِتَّةُ دَرَاهِمَ أَيْ عَلَى أَهْلِ الْفِضَّةِ.

تَنْبِيهٌ: الدَّعْوَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي وَالْعَاقِلَةِ يَدْفَعُونَ وَلَا يُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ كُلَّ سَنَةٍ وَجْهُهُ أَنَّهُ تَعَلَّقَ بِالْحَوْلِ فَيَتَكَرَّرُ كَالزَّكَاةِ كَذَا عَلَّلُوا بِهِ وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِثَلَاثٍ، قَوْلُهُ: (وَاجِبُ الثَّلَاثِ) فَعَلَى هَذَا يَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ فِي كُلِّ سَنَةٍ سُدُسٌ وَالْمُتَوَسِّطُ نِصْفُ سُدُسٍ، قَوْلُهُ: (آخِرَ الْحَوْلِ) يُفِيدُك عَدَمُ اعْتِبَارِ غَيْرِهِمَا مِنْ الشُّرُوطِ بِآخِرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوَّلَ الْحَوْلِ بَلْ عِنْدَ صُدُورِ أَوَّلِ فِعْلِ الْجَانِي كَافِرًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ كَمَّلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بِالْفَرْعِ الْآتِي.

[فَصْلٌ مَالُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ]

فَصْلُ مَالِ جِنَايَةِ الْعَبْدِ

قَوْلُهُ: (وَلِسَيِّدِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقُ الْحَقِّ كَالْمَرْهُونِ فَيَتَخَيَّرُ فِيمَا ذُكِرَ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ بِهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالرَّقَبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>