إلَّا اللَّهُ» ، وَأَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ (وَقِيلَ:) يَجِبُ (أَرْبَعَةٌ) كَمَا يَجِبُ عِنْدَ قَائِلِهِ أَنْ يَحْمِلَ الْجِنَازَةَ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّ فِي أَقَلَّ مِنْهَا ازْدِرَاءً بِالْمَيِّتِ، قَالَ: وَسَوَاءٌ صَلُّوا جَمَاعَةً أَمْ أَفْرَادًا، كَذَا فِي الشَّرْحِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَمَنْ اعْتَبَرَ الْعَدَدَ قَالَ سَوَاءٌ إلَخْ، وَاقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى حِكَايَةِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ قَوْلَيْنِ وَالرَّافِعِيُّ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ بَعْدَ تَعْبِيرِهِ بِالْوُجُوهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا مَا لَوْ بَانَ حَدَثُ الْإِمَامِ أَوْ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ إنْ بَقِيَ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ سَقَطَ الْفَرْضُ وَإِلَّا فَلَا وَهَلْ الصِّبْيَانُ الْمُمَيِّزُونَ كَالْبَالِغِينَ عَلَى اخْتِلَافِ الْوُجُوهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ عَدَدٌ زَائِدٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَقَعَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ فَرْضَ كِفَايَةٍ. (وَلَا يَسْقُطُ) فَرْضُهَا (بِالنِّسَاءِ وَهُنَاكَ رِجَالٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ دُعَاءَهُمْ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، وَالثَّانِي اسْتَنَدَ إلَى صِحَّةِ صَلَاتِهِنَّ وَجَمَاعَتِهِنَّ كَالرِّجَالِ فَتَأْتِي عَلَيْهِ الْوُجُوهُ السَّابِقَةُ فِيهِمْ، وَعَلَى الْأَصَحِّ فِيهِنَّ إنْ لَمْ يَكُنْ رَجُلٌ صَلَّيْنَ لِلضَّرُورَةِ مُنْفَرِدَاتٍ وَسَقَطَ الْفَرْضُ بِهِنَّ، وَلَا تُسْتَحَبُّ لَهُنَّ الْجَمَاعَةُ، وَقِيلَ تُسْتَحَبُّ فِي جِنَازَةِ الْمَرْأَةِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إذَا لَمْ يَحْضُرْ إلَّا النِّسَاءُ تَوَجَّهَ الْفَرْضُ عَلَيْهِنَّ، وَإِذَا حَضَرْنَ مَعَ الرِّجَالِ لَمْ يَتَوَجَّهْ الْفَرْضُ عَلَيْهِنَّ فَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا رَجُلٌ وَنِسَاءٌ، وَقُلْنَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِثَلَاثَةٍ تَوَجَّهَ التَّتْمِيمُ عَلَيْهِنَّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُنْثَى فِي هَذَا الْفَصْلِ كَالْمَرْأَةِ، وَجَزَمَ بِهَذَا التَّشْبِيهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ فِيهِ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ إذَا صَلَّى الْخُنْثَى عَلَى الْمَيِّتِ فَلَهُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ فِي الْأَصَحِّ
. (وَيُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَهُمْ بِمَوْتِ النَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى فَصَلَّى عَلَيْهِ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَذَلِكَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَمْ لَا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَمْ لَا، أَمَّا لِحَاضِرٍ فِي الْبَلَدِ فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ إلَّا مَنْ حَضَرَهُ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ -
ــ
[حاشية قليوبي]
أَوْ غَيْرِهَا، وَاكْتَفَى بِالصَّبِيِّ لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ الْمَقْصُودَةِ، فَلَا يُنَافِي عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي إحْيَاءِ الْكَعْبَةِ وَرَدِّ السَّلَامِ عَلَى الْبَالِغِ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ بِدَلِيلِ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا نَعَمْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَفْرَدَهُمْ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِمْ طُرُقٌ. قَوْلُهُ: (عَدَدٌ زَائِدٌ) سَوَاءٌ صَلُّوا مَعَ غَيْرِهِمْ، أَوْ وَحْدَهُمْ، أَوْ فُرَادَى. قَوْلُهُ: (وَهُنَاكَ) أَيْ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ السَّعْيُ فِيهِ لِلْجُمُعَةِ بِسَمَاعِ النِّدَاءِ، وَبَعْضُهُمْ ضَبَطَهُ بِمَا يَأْتِي فِي الْغَائِبِ وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (رِجَالٌ) أَيْ ذُكُورٌ وَلَوْ وَاحِدًا مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ، وَإِلَّا فَهُمْ كَالْعَدَمِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَيَتَوَجَّهُ عَلَى النِّسَاءِ مَعَ الصَّبِيِّ أَمْرُهُ بِالصَّلَاةِ وَضَرْبُهُ عَلَيْهَا، فَإِنْ امْتَنَعَ صَلَّيْنَ وَإِنْ حَضَرَ بَعْدَ صَلَاتِهِنَّ أَوْ صَلَاةِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَجُلٌ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِنَّ، وَتُسَنُّ الْجَمَاعَةُ لِلنِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَتَقَعُ صَلَاتُهُنَّ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِسَيْرِهِنَّ نَافِلَةً كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (إنَّ الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِ مَعَ الذُّكُورِ، إذْ لَا يَكْتَفِي بِصَلَاةِ النِّسَاءِ مَعَهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ تَعَدَّدَ لَمْ تَسْقُطْ إلَّا بِصَلَاةِ الْجَمِيعِ، وَيَسْقُطُ بِهِنَّ الْفَرْضُ عَنْ النِّسَاءِ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ فِي جِنَازَةِ الرِّجَالِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ
. قَوْلُهُ: (عَلَى الْغَائِبِ) خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَحَلُّهُ إنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ طُهْرَهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْحُضُورُ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَلَوْ فِي الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (فَصَلَّى عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ النَّجَاشِيِّ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ، وَمَا قِيلَ: إنَّهُ رُفِعَ وَهُوَ بِالْحَبَشَةِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعِ الْحَاجِبِ
ــ
[حاشية عميرة]
شَرْطًا فِيهَا، فَكَذَلِكَ الْعَدَدُ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اثْنَانِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ. هَكَذَا اسْتَدَلَّ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَلَكَ غَيْرَ ذَلِكَ كَمَا تَعْرِفُهُ مِنْ بَقِيَّةِ كَلَامِهِ الْآتِي.
وَقَوْلُهُ: وَأَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ اثْنَانِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثَةٌ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ، وَقَوْلُهُ: قَالَ وَسَوَاءٌ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: عِنْدَ قَائِلِهِ.
قَوْلُهُ: (وَاقْتَصَرَ فِيهَا إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ ذَكَرَ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ قَوْلَيْنِ، وَذَكَرَ الثَّانِيَ وَالرَّابِعَ وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (عَلَى حِكَايَةِ الْأَوَّلِ) الْمُرَادُ بِهِ مَا فِي قَوْلِ الْمَتْنِ، وَيَسْقُطُ فَرْضُهَا بِوَاحِدٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُنَاكَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا غَابَ عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ الْبَلَدِ، فَإِنَّ الْمُتَّجَهَ إلْحَاقُهُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ، فَإِنْ كَانَ فِي صَحْرَاءَ فَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِطَلَبِ الْمَاءِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: رِجَالٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مِثْلُهُمْ الْوَاحِدُ وَالصَّبِيُّ، وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِمُؤَلَّفِهِ مَا يُخَالِفُ كَلَامَهُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّبِيِّ قُلْت: وَمَا أَدْرِي مَاذَا يَقُولُ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ بِالْبَلَدِ إلَّا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَإِنَّ الْفَرْضَ يَتَعَلَّقُ بِهِنَّ بِلَا رَيْبٍ، وَأَمَّا صِحَّتُهَا مِنْهُنَّ فَلَا إشْكَالَ فِيهَا، فَإِنْ قَالَ بِصِحَّتِهَا وَتَعَلَّقَ الْفَرْضُ بِهِنَّ وَأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ مِنْهُنَّ إلَّا بِفِعْلِ الصَّبِيِّ فَفِي غَايَةِ الْبُعْدِ، وَهَذَا الْفَرْعُ مِمَّا لَمْ يَسْبِقْ بِهِ فِي عَصْرٍ بَلْ قَالَهُ أَوَّلًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَتَوَجَّهْ الْفَرْضُ عَلَيْهِنَّ) بَلْ تَقَعُ صَلَاتُهُنَّ مَعَهُمْ نَافِلَةً. قَوْلُهُ: (إلَّا بِثَلَاثَةٍ) كَذَا يُقَالُ لَوْ قُلْنَا بِاثْنَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعَةٍ.
[الصَّلَاة عَلَى الْغَائِب]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَنْ الْبَلَدِ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الشَّرْطَ غَيْبَتُهُ بِحَيْثُ