للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلِفِ مِنْ الْمَسْجِدِ مَوْضِعًا يُفْتِي فِيهِ وَيُقْرِئُ) الْقُرْآنَ أَوْ الْحَدِيثَ أَوْ الْفِقْهَ وَنَحْوَهَا. (كَالْجَالِسِ فِي شَارِعٍ لِمُعَامَلَةٍ) فَفِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ.

(وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ لِصَلَاةٍ لَمْ يَصِرْ أَحَقَّ بِهِ فِي غَيْرِهَا) أَيْ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى (فَلَوْ فَارَقَهُ) قَبْلَهَا (لِحَاجَةٍ لِيَعُودَ) كَتَجْدِيدِ وُضُوءٍ وَإِجَابَةِ دَاعٍ (لَمْ يَبْطُلْ اخْتِصَاصُهُ) بِهِ (فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ إزَارَهُ) فِيهِ وَالثَّانِي يَبْطُلُ لِمُفَارَقَتِهِ كَمَا فِي صَلَاةٍ أُخْرَى. (وَلَوْ سَبَقَ رَجُلٌ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ رِبَاطٍ مُسْبَلٍ، أَوْ فَقِيهٍ إلَى مَدْرَسَةٍ أَوْ صُوفِيٍّ إلَى خَانْقَاهْ لَمْ يُزْعَجْ) مِنْهُ (وَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ) مِنْهُ (بِخُرُوجِهِ لِشِرَاءِ حَاجَةٍ وَنَحْوِهِ) وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَتَاعَهُ فِيهِ، رَوَى مُسْلِمٌ حَدِيثَ «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» .

فَصْلٌ: الْمَعْدِنُ الظَّاهِرُ وَهُوَ مَا خَرَجَ بِلَا عِلَاجٍ وَإِنَّمَا الْعِلَاجُ فِي تَفْصِيلِهِ. (كَنِفْطٍ) بِكَسْرِ النُّونِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا

ــ

[حاشية قليوبي]

وَلَوْ فِي نَحْوِ مُحْيَاةٍ، وَلَوْ فِي نَحْوِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مَعَ جَمَاعَةٍ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) كَجُلُوسٍ بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُفِيدَ أَوْ يَسْتَفِيدَ وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْجَالِسِ إلَخْ) مِنْهُ التَّظْلِيلُ بِنَحْوِ بَارِيَةٍ فَرَاجِعْهُ، وَمِنْهُ عَدَمُ الْحَاجَةِ لِإِذْنِ الْإِمَامِ لَهُ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ. قَوْلُهُ: (لِصَلَاةٍ) وَمِثْلُهَا اعْتِكَافٌ إنْ قُدِّرَ بِمُدَّةٍ وَشَمِلَ جُلُوسُ الصَّلَاةِ مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِذَلِكَ الْمَحَلِّ كَعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِخْلَافِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَا لَوْ جَلَسَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ عُدَّ مُنْتَظِرًا لَهَا عُرْفًا لَا نَحْوَ بَعْدَ صُبْحٍ لِانْتِظَارِ ظُهْرٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا إنْ اسْتَمَرَّ جَالِسًا.

قَوْلُهُ: (لِيَعُودَ) أَوْ بِلَا قَصْدٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَبْطُلْ اخْتِصَاصُهُ) فَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ الْجُلُوسُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ عِلْمِ رِضَاهُ نَعَمْ لَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، وَاتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ فَلِغَيْرِهِ سَدُّ مَكَانِهِ، وَإِنْ عَلِمَ حُضُورَهُ فِيهَا لَا؛ لِأَنَّهُ يَجُبُّ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ نَحْوُ سَجَّادَةٍ دَفَعَهَا بِنَحْوِ رِجْلِهِ، أَوْ عُودٍ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي ضَمَانِهِ وَمِثْلُهُ فَرْشُهَا فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، أَوْ فِي مَكَّةَ خَلْفَ الْمَقَامِ، أَوْ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ وَيَحْرُمُ فَرْشُهَا فِي ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ أَوْ الْمَنْعِ مِنْ الصَّلَاةِ، بَلْ يُمْنَعُ الْجَالِسُ خَلْفَ الْمَقَامِ مِنْ الْجُلُوسِ فِيهِ، لِمَا ذُكِرَ وَفَارَقَ مَا هُنَا بَقَاءَ الْحَقِّ لِمَنْ فَارَقَ فِي نَحْوِ الْمَقَاعِدِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ غَرَضَ الْمُعَامَلَةِ يَخْتَلِفُ فِيهِ بِخِلَافِ بَقَاءِ الْمَسْجِدِ، وَاعْتِبَارُ فَضِيلَةِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَنُوطَةٌ بِوُقُوفِ الْإِمَامِ لَا بِالْبُقْعَةِ.

فَرْعٌ يُنْدَبُ مَنْعُ مَنْ جَلَسَ فِيهِ لِحِرْفَةٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ بَلْ يَجِبُ إنْ كَانَ فِيهَا ازْدِرَاءٌ بِهِ وَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ فِعْلُهَا فِيهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِيهَا تَضْيِيقٌ عَلَى أَهْلِهِ، وَلَوْ بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَيْهِ كَالْكَاتِبِ بِالْأُجْرَةِ وَيُنْدَبُ مَنْعُ مَنْ يَتَطَرَّقُ حِلَقَ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ تَوْقِيرًا لَهُمْ. قَوْلُهُ: (إلَى مَوْضِعٍ) أَيْ وَفِي الدَّاخِلِ شَرْطُ مَنْ يَدْخُلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَاظِرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ) أَيْ إنْ لَمْ تَطُلْ غِيبَتُهُ عُرْفًا أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ لَهَا، وَطَالَتْ غَيْبَتُهُ بَطَلَ حَقُّهُ.

تَنْبِيهٌ: شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا إنْ خَالَفَ شَرْطَ وَاقِفٍ أَوْ عُرْفًا أَوْ مُدَّةَ السَّفَرِ فِي مَحَلِّ مُسَافِرٍ، أَوْ تَرَكَ طَلَبَ الْعِلْمِ فِيمَا لِلْمُتَعَلِّمِ فَيُزْعَجُ مُدَرِّسٌ تَرَكَ التَّدْرِيسَ فِي الْمَسَاجِدِ مَثَلًا، وَمُتَعَلِّمٌ تَرَكَ التَّعَلُّمَ وَصُوفِيٌّ تَرَكَ مُهَيَّأً لِلتَّعَبُّدِ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ بَطَالَةِ الْمُدَرِّسِينَ فِي الْمَدَارِسِ فَيُمْنَعُ اسْتِحْقَاقُ مَعْلُومِهَا عَلَى شَيْخٍ لَمْ يُدَرِّسْ، وَمُتَعَلِّمٍ لَمْ يَحْضُرْ إذَا حَضَرَ وَجَدَّ الْمُدَرِّسُ؛ لِأَنَّ زَمَنَ بَطَالَتِهِمْ غَيْرُ مُعْتَادٍ فِيمَا سَبَقَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ أَخْذُ الْمَعْلُومِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ حَيْثُ لَمْ يُرَاعُوا مَا كَانَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِمْ فِي الْمُتَعَلِّمِ إذَا حَضَرَ الْمُدَرِّسُ مَا إذَا لَمْ يَحْضُرْ الْمُدَرِّسُ فَلَا يَسْقُطُ مَعْلُومُ الْمُتَعَلِّمِ.

فُرُوعٌ: لِبُيُوتِ الرِّبَاطَاتِ وَالْمَدَارِسِ وَنَحْوِهَا حُكْمُ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ فِيمَا مَرَّ، وَلَا يُبَاحُ سُكْنَاهَا إلَّا لِفَقِيهٍ مُطْلَقًا، أَوْ لِمَنْ فِيهِ شَرْطُ وَاقِفِهَا، وَلِكُلِّ أَحَدٍ دُخُولُ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا كَمَنْ فِيهِ لِنَحْوِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَوْمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِمَّا لَمْ يُضَيَّقْ وَلَمْ يُقَدَّرْ وَلَمْ يُطْلَبْ تَرْكُهَا فِيهَا كَمَا مَرَّ.

فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْأَعْيَانِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ قَوْلُهُ: (الْمَعْدِنُ) مِنْ الْعَدْنِ وَهُوَ الْإِقَامَةُ وَمِنْهُ جَنَّاتُ عَدْنٍ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْمَكَانِ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى مَا يُسْتَخْرَجُ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ بِصَلَاةٍ) خَرَجَ مَا لَوْ أَرْسَلَ سَجَّادَتَهُ فَفُرِشَتْ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِشِرَاءِ حَاجَةٍ) مِنْهُ تَعْلَمُ اشْتِرَاطَ الْعُذْرِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: الْمَدَارِسُ الَّتِي بُنِيَتْ فِي زَمَنٍ اُعْتِيدَ فِيهِ بَطَالَةُ أَشْهُرٍ يُسْتَحَقُّ الْمَعْلُومُ فِي زَمَنِ الْبَطَالَةِ الْمَذْكُورَةِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَدَارِسِ الْمَذْكُورَةِ.

فَرْعٌ: سُكْنَى غَيْرِ الْمُتَفَقِّهَةِ فِي بُيُوتِ الْمَدَارِسِ إنْ كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ اُتُّبِعَ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ مَنْعُهُ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ

[فَصْلٌ الْمَعْدِنُ تَمْلِيكُهُ بِالْإِحْيَاءِ]

فَصْلٌ: الْمَعْدِنُ الظَّاهِرُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَنَفْطٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ دُهْنٌ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ فِي الْعَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>