للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجِنَايَةِ وَقِيلَ يَوْمَ الِاسْتِيلَادِ (وَجِنَايَاتُهَا كَوَاحِدَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) فَيَفْدِيهَا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا، وَالْأَرْشِ فَتَشْتَرِكُ أَصْحَابُ الْأُرُوشِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْقِيمَةِ فِيهَا بِالْمُحَاصَّةِ كَأَنْ تَكُونَ أَلْفَيْنِ وَالْقِيمَةُ أَلْفًا، وَالثَّانِي يَفْدِيهَا فِي كُلِّ جِنَايَةٍ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَأَرْشُ تِلْكَ الْجِنَايَةِ، وَالثَّالِثُ كَالثَّانِي إنْ وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ فِدَاءِ الْأُولَى وَكَالْأَوَّلِ إنْ أَخَّرَ الْفِدَاءَ عَنْ الْجِنَايَاتِ.

فَصْلٌ (فِي الْجَنِينِ) الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (غُرَّةٌ إنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ) عَلَى أُمِّهِ مُؤَثِّرَةٍ فِيهِ كَضَرْبَةٍ قَوِيَّةٍ لَا لَطْمَةٍ خَفِيفَةٍ (فِي حَيَاتِهَا) أَوْ مَوْتِهَا مُتَعَلِّقٌ بِانْفَصَلَ (وَكَذَا إنْ ظَهَرَ بِلَا انْفِصَالٍ) بِخُرُوجِ رَأْسِهِ مَثَلًا مَيِّتًا فَفِيهِ الْغُرَّةُ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ، وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ فِيهَا انْفِصَالُهُ (وَإِلَّا) أَيْ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَائِدَةٌ: يُقَالُ فَدَى لِمَنْ دَفَعَ مَالًا، وَأَخَذَ رَجُلًا وَأَفْدَى لِعَكْسِهِ، وَفَادَى لِمَنْ دَفَعَ رَجُلًا وَأَخَذَ رَجُلًا. قَوْلُهُ: (فَلَوْ هَرَبَ الْعَبْدُ) وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ عَوْدُهُ إذَا عَرَفَ مَحَلَّهُ وَلَا مَشَقَّةَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ مَاتَ) أَيْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ، وَإِلَّا تَعَلَّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِبَدَلِهِ فَيَلْزَمُ السَّيِّدَ تَسْلِيمُ الْأَرْشِ مِنْهُ أَوْ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ قَوَدًا فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَقْتَصَّ وَيَفُوتَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفِي الرَّوْضِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْفِدَاءُ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، قَوْلُهُ: (صَادِقٌ إلَخْ) . وَلَوْ قَالَ مُخْرِجٌ لِكَذَا أَوْ مُفْهِمٌ لِكَذَا لَكَانَ أَوْلَى إذْ الصِّدْقُ عَلَى شَيْءٍ لَا يَمْنَعُ مِنْ الصِّدْقِ عَلَى غَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ) وَلَا يَكُونُ إلَّا بِاللَّفْظِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ وَلَا يَكُونُ بِالْفِعْلِ كَالْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (الرُّجُوعَ) أَيْ مَا دَامَ الْعَبْدُ بَاقِيًا بِحَالِهِ، وَإِلَّا كَانَ أَبَقَ أَوْ هَرَبَ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ تَفِ بِالْأَرْشِ، وَلَمْ يَغْرَمْ السَّيِّدُ قَدْرَ النَّقْصِ، أَوْ لَزِمَ ضَرَرٌ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِتَأْخِيرِ الْبَيْعِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ بِإِذْنِ الْمُسْتَحِقِّ بِشَرْطِ الْفِدَاءِ.

قَوْلُهُ: (لِامْتِنَاعِ بَيْعِهَا) أَيْ وَقْتَ إرَادَتِهِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ حَدَثَ الِاسْتِيلَادُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَمِثْلُهَا مَنْذُورُ الْعِتْقِ وَالْمَوْقُوفُ وَفِدَاؤُهُمَا عَلَى النَّاذِرِ، وَالْوَاقِفُ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمَا مِنْ تَرِكَتِهِمَا، وَيُخْرَجُ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُسْتَوْلَدَةُ مَرْهُونَةً مِنْ مُعْسِرٍ، وَيُقَدَّمُ بَيْعُهَا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَيَفْدِيهَا فِي كُلِّ جِنَايَةٍ كَغَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ.

تَنْبِيهٌ: لَا تَعَلُّقَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِحَمْلِ غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ بَلْ هُوَ لِلسَّيِّدِ فَإِنْ لَمْ يَفْدِهَا بِيعَا مَعًا، وَلِلسَّيِّدِ حِصَّةُ الْحَمْلِ مِنْ الثَّمَنِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَظْهَرُ فِي تَقْوِيمِهِمَا مَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (فَيَشْتَرِكُ أَصْحَابُ الْأُرُوشِ) وَإِنْ تَرَتَّبَتْ أَوْ سَبَقَ فِدَاءُ بَعْضِهَا، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَجَبَتْ وَكَانَتْ جِنَايَتَيْنِ مُرَتَّبًا، وَأَرْشُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَلِكُلٍّ خَمْسُمِائَةٍ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَبَضَ الْأَلْفَ رَجَعَ عَلَيْهِ الثَّانِي بِنِصْفِهِ وَإِنْ كَانَ أَرْشُ الثَّانِيَةِ خَمْسَمِائَةٍ رَجَعَ بِثُلُثِهِ، وَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْأُولَى خَمْسَمِائَةٍ وَالثَّانِيَةِ أَلْفًا وَقَبَضَ الْأَوَّلُ الْخَمْسَمِائَةِ رَجَعَ عَلَيْهِ الثَّانِي بِثُلُثِهَا، وَعَلَى السَّيِّدِ بِخَمْسِمِائَةٍ تَمَامُ الْقِيمَةِ لِيَكْمُلَ لَهُ ثُلُثَا الْأَلْفِ وَمَعَ الْأَوَّلِ ثُلُثُهُ.

فَصْلٌ فِي الْغُرَّةِ وَهِيَ لُغَةً اسْمٌ لِلْخِيَارِ مِنْ الشَّيْءِ كَمَا هُنَا، وَأَصْلُهَا الْبَيَاضُ فِي وَجْهِ نَحْوِ الْفَرَسِ أَوْ بَيَاضُ الْوَجْهِ كُلِّهِ وَمِنْهُ حَدِيثُ «تُحْشَرُ أُمَّتِي غُرًّا» ، أَوْ مُطْلَقُ الْبَيَاضِ

وَذَكَرَ التَّحْجِيلَ عَلَى هَذَا لِبَيَانِ التَّخْصِيصِ، وَعَلَى كُلٍّ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ أَبْيَضَ، وَلَا الْأُمَّةُ بَيْضَاءَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ أَخْذًا بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ كَمَا مَرَّ، وَالرَّقِيقُ خِيَارُ مَا يَمْلِكُ الْإِنْسَانُ أَوْ لِاعْتِبَارِ سَلَامَتِهِ هُنَا. قَوْلُهُ: (فِي الْجَنِينِ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى وَهُوَ اسْمٌ لِلْوَلَدِ مَا دَامَ فِي الْبَطْنِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْأَجْنَتَانِ وَهُوَ الْخَفَاءُ وَمِنْهُ الْجِنُّ لِخَفَائِهِمْ عَنَّا. قَوْلُهُ: (الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) قُيِّدَ بِهِمَا لِأَجْلِ مَا يَأْتِي وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مَعْصُومًا لِيَخْرُجَ جَنِينُ حَرْبِيَّةٍ مِنْ حَرْبِيٍّ وَجَنِينُ مُرْتَدَّةٍ مَمْلُوكٍ حَمَلَتْ بِهِ حَالَ رِدَّتِهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أُجْهِضَتْ، قَوْلُهُ: (بِجِنَايَةٍ عَلَى أُمِّهِ) وَلَوْ غَيْرَ مَعْصُومَةٍ أَوْ أَمَةً قَوْلُهُ: (كَضَرْبَةٍ) أَوْ صَوْمٍ أَوْ جُوعٍ أَوْ صَلَاةٍ حَيْثُ اقْتَضَى ذَلِكَ الْإِجْهَاضَ أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ كَذَلِكَ. نَعَمْ يَجُوزُ إلْقَاؤُهُ وَلَوْ بِدَوَاءٍ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (بَرِئَ) لَوْ عَلِمَ مَكَانَ الْهَارِبِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَذَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُؤْنَةٌ، قَوْلُهُ: (أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا أَثَرَ لَهُ نَعَمْ لَوْ قُتِلَ أَوْ هَرَبَ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُوسِرُ إذْ الْمُعْسِرُ لَا أَثَرَ لِاخْتِيَارِهِ قَطْعًا، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ اخْتَرْت الْفِدَاءَ أَوْ قَالَ أَنَا أَفْدِيهِ وَلَا يُشْتَرَطُ صِيغَةُ الْتِزَامٍ فَلَوْ أَتَى بِصَرِيحِ الِالْتِزَامِ وَفَرَّعْنَا عَلَى تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ مَعَ الرَّقَبَةِ، فَاَلَّذِي مَالَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الصِّحَّةُ، قَوْلُهُ: (قَطْعًا) اسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ، فَكَيْفَ يُجْعَلُ بِسَبَبِهِ ضَامِنًا اهـ. ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الضَّمَانُ وَلَوْ مَاتَ عَقِبَ الْجِنَايَةِ وَأَمَّا مَعَهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُهُ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ الْقَوْلَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَعَلَّ مَأْخَذَهُمَا جَوَازُ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ، قَوْلُهُ: (فَيَفْدِيهَا بِالْأَقَلِّ) أَيْ وَلَا تَأْتِي الطَّرِيقَانِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْعِبَارَةِ قَوْلُهُ: (وَأَرْشُ تِلْكَ الْجِنَايَةِ) لِأَنَّ الِاسْتِرْدَادَ بَعِيدٌ.

[فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ غُرَّةٌ]

فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ غُرَّةٌ أَصْلُهَا الْبَيَاضُ وَلِذَا ذَهَبَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ بَيْضَاءَ قَوْلُهُ: (كَضَرْبَةٍ) أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ أَوْ طَلَبِ سُلْطَانٍ أَوْ تَخْوِيفٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>