للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا يَبْقَى سَنَةً فَأَكْثَرَ كَالْفُرُشِ وَجُبَّةِ الْحَرِيرِ يُجَدَّدُ وَقْتَ تَجْدِيدِهِ عَلَى الْعَادَةِ، (فَإِنْ تَلِفَتْ فِيهِ) أَيْ فِي الشِّتَاءِ أَوْ الصَّيْفِ أَيْ قَبْلَ مُضِيِّهِ، (بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ تُبَدَّلْ إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ) فَإِنْ قُلْنَا إمْتَاعٌ أُبْدِلَتْ (فَإِنْ مَاتَتْ فِيهِ لَمْ تَرِدْ) عَلَى التَّمْلِيكِ، وَتَرِدُ عَلَى الْإِمْتَاعِ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُدَّةٌ فَدَيْنٌ) عَلَى التَّمْلِيكِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْإِمْتَاعِ.

فَصْلٌ (الْجَدِيدُ أَنَّهَا) أَيْ النَّفَقَةَ (تَجِبُ) يَوْمًا فَيَوْمًا (بِالتَّمْكِينِ لَا الْعَقْدِ) وَالْقَدِيمُ تَجِبُ بِالْعَقْدِ وَتَسْتَقِرُّ بِالتَّمْكِينِ فَلَوْ امْتَنَعَتْ مِنْهُ سَقَطَتْ (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ) أَيْ فِي التَّمْكِينِ (صُدِّقَ) عَلَى الْجَدِيدِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَصُدِّقَتْ عَلَى الْقَدِيمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا وَجَبَ.

(فَإِنْ لَمْ تَعْرِضْ عَلَيْهِ مُدَّةً) ، وَهُوَ سَاكِتٌ عَنْ الطَّلَبِ أَيْضًا (فَلَا نَفَقَةَ فِيهَا) عَلَى الْجَدِيدِ (لِانْتِفَاءِ التَّمْكِينِ) ، وَتَجِبُ نَفَقَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ عَلَى الْقَدِيمِ إذْ لَا مُسْقِطَ، (وَإِنْ عَرَضَتْ) عَلَيْهِ كَأَنْ بَعَثَتْ إلَيْهِ أَنِّي مُسْلِمَةٌ نَفْسِي إلَيْك وَالتَّفْرِيعُ عَلَى الْجَدِيدِ، وَهِيَ عَاقِلَةٌ بَالِغَةٌ، (وَجَبَتْ) نَفَقَتُهَا (مِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ) لَهُ (فَإِنْ غَابَ) أَيْ كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلَدِهَا وَرَفَعَتْ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ مُظَهِّرَةً لَهُ التَّسْلِيمَ.

(كَتَبَ الْحَاكِمُ لِحَاكِمِ بَلَدِهِ لِيُعْلِمَهُ) الْحَالَ (فَيَجِيءُ) لَهَا يَتَسَلَّمُهَا (أَوْ يُوَكِّلُ) مَنْ يَجِيءُ لَهَا يَتَسَلَّمُهَا، وَتَجِبُ النَّفَقَةُ مِنْ وَقْتِ التَّسْلِيمِ وَيَكُونُ الْمَجِيءُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ حِينَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ، (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) مَا ذَكَرَ (وَمَضَى زَمَنُ وُصُولِهِ) إلَيْهَا (فَرَضَهَا الْقَاضِي) فِي مَالِهِ وَجُعِلَ كَالْمُتَسَلِّمِ لَهَا لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، لِلرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ وَكَتْبِهِ بَلْ قَالُوا تَجِبُ النَّفَقَةُ مِنْ حِينِ يَصِلُ الْخَبَرُ إلَيْهِ، وَيَمْضِي زَمَانُ إمْكَانِ الْقُدُومِ عَلَيْهَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلشَّرْحِ

(وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَجْنُونَةٍ وَمُرَاهِقَةٍ عَرْضُ وَلِيٍّ)

ــ

[حاشية قليوبي]

مَاتَتْ فِيهِ) أَوْ مَاتَ هُوَ أَوْ طَلَّقَ أَوْ وَلَدَتْ الْحَامِلُ الْبَائِنُ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ نَشَزَتْ فَيَسْتَرِدُّ مَا أَخَذَتْهُ وَإِنْ أَطَاعَتْ فِي أَثْنَاءِ الْفَصْلِ كَمَا مَرَّ، كَالنَّفَقَةِ فَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ فِي أَثْنَاءِ بَعْضِ الْفَصْلِ الَّذِي مَكَّنَتْ فِي أَثْنَائِهِ رَجَعَ بِالْقِسْطِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهَا عَنْهُ.

تَنْبِيهٌ: سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَيِّنَاتِ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ أَوْ وَارِثُهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُ الْآخَرِ فِي أَمْتِعَةِ دَارٍ فَإِنْ صَلَحَتْ لِأَحَدِهِمْ فَقَطْ فَلَهُ وَإِلَّا فَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَلَا اخْتِصَاصَ بِيَدٍ فَإِنْ حَلَفَا جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا حَلَفَ الْآخَرُ، وَقُضِيَ لَهُ بِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَكْسُ) وَكَالْكِسْوَةِ جَمِيعُ مَا مَرَّ غَيْرَ الْإِسْكَانِ وَالْإِخْدَامِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ تَصَرَّفَتْ فِيمَا أَخَذَتْهُ ثُمَّ ثَبَتَ اسْتِرْدَادٌ رَجَعَ فِي بَدَلِهِ، وَلَا يَبْطُلُ التَّصَرُّفُ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا هُنَا وَسَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْهُ وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ فِي النَّفَقَةِ فَرَاجِعْهُ.

فَصْلٌ فِي مُوجِبِ الْمُؤَنِ وَمُسْقِطَاتِهَا

قَوْلُهُ: (أَيْ النَّفَقَةِ) لَوْ قَالَ أَيْ الْمُؤَنِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْأُدْمَ وَالْكِسْوَةَ وَغَيْرَهُمَا، وَعُذْرُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَلَا نَفَقَةَ. قَوْلُهُ: (يَوْمًا فَيَوْمًا) وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا وَلَوْ طَوِيلًا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، قَوْلُهُ: (بِالتَّمْكِينِ) أَيْ النَّاشِئِ عَنْ الْعَقْدِ فَلَا يَرِدُ نَحْوُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَمِنْهُ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْفَسَادِ لَا قَبْلَهُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَصُدِّقَتْ عَلَى الْقَدِيمِ) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي النُّشُوزِ وَالنَّفَقَةِ وَفَرَّقَ بِالنَّظَرِ إلَى الْأَصْلِ فِي الْجَمِيعِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَعْرِضْ عَلَيْهِ) أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (مِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ) إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ ثِقَةً أَوْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ تَصْدِيقِهِ لِلْمُخْبِرِ. قَوْلُهُ: (كَتَبَ الْحَاكِمُ) وُجُوبًا إنْ عَرَفَ مَحَلَّهُ وَإِلَّا كَتَبَ لِحَاكِمِ الْبِلَادِ مَعَ الْقَوَافِلِ وَيُنَادِي بِاسْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ فَرَضَهَا قَاضٍ مِنْ مَالِهِ إنْ وُجِدَ لَهُ مَالٌ وَيُسَلِّمُهَا لَهَا بِكَفِيلٍ لِاحْتِمَالِ طَلَاقِهِ أَوْ مَوْتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ اقْتَرَضَ لَهَا أَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِاقْتِرَاضِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الِاقْتِرَاضِ لِلْأَصْلِ وَيَفْرِضُهَا نَفَقَةَ مُوسِرٍ إنْ عَلِمَ يَسَارَهُ، وَإِلَّا فَمُعْسِرٍ وَلَوْ مَنَعَهُ عُذْرٌ عَنْ الْحُضُورِ لَمْ يَفْرِضْ الْقَاضِي عَلَيْهِ شَيْئًا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ. قَوْلُهُ: (حِينَ عِلْمِهِ) بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْخَبَرِ. قَوْلُهُ: (بَلْ قَالُوا تَجِبُ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ

ــ

[حاشية عميرة]

فَلَا إبْدَالَ عَلَى الْأَوَّلِ بِالْأَوْلَى، وَيُبْدَلُ عَلَى الثَّانِي وَعَلَيْهَا غُرْمُ الْقِيمَةِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَاتَتْ فِيهِ لَمْ تُرَدَّ) مِثْلُهُ مَوْتُهُ وَطَلَاقُهُ وَوِلَادَةُ الْحَامِلِ الْبَائِنِ صُورَةً وَالْمَسْأَلَةُ فِيمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَأَمَّا لَوْ عَرَضَ مِثْلُ ذَلِكَ قَبْلَ الْإِعْطَاءِ، فَالْأَقْيَسُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَاسْتَبْعَدَ فِي الْمَطْلَبِ أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِ كِسْوَةً، فَصْلٌ إذَا طَلَّقَ مَثَلًا فِي يَوْمِ النِّكَاحِ وَنَحْوِهِ قَالَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَجِبَ لَهَا مِنْ قِيمَةِ الْكِسْوَةِ مَا يُقَابِلُ زَمَنَ الْعِصْمَةِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ قُضَاةُ زَمَانِنَا. اهـ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ.

[فَصْلٌ النَّفَقَةَ تَجِبُ يَوْمًا فَيَوْمًا بِالتَّمْكِينِ لَا الْعَقْدِ]

فَصْلُ الْجَدِيدِ قَوْلُهُ: (بِالتَّمْكِينِ) دَلِيلُهُ «عَدَمُ دَفْعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ النَّفَقَةَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا» ، وَلِأَنَّ الْعَقْدَ يُوجِبُ الْمَهْرَ فَلَا يُوجِبُ عِوَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَكِنَّ جَعْلَ الثَّانِي قَدِيمًا فِيهِ نَظَرٌ فَفِي مُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ آخِرُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ يَوْمِ عَقْدِ النِّكَاحِ. وَهُوَ أَحَبُّ الْقَوْلَيْنِ إلَيَّ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ عَنْ الرِّجَالِ بِحَسَبِهِ اهـ.

وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ صِحَّةُ الضَّمَانِ وَأَخْذُ الرَّهْنِ عَلَى قَدْرٍ مِنْهَا وَالْحَوَالَةُ بِهَا وَعَلَيْهَا، قَوْلُهُ: (لَا الْعَقْدِ) الَّذِي حَاوَلَ تَرْجِيحَهُ فِي الْمَطْلَبِ الْوُجُوبُ بِهِمَا، قَالَ إذْ لَوْ وَجَبَتْ بِالتَّمْكِينِ الْمُجَرَّدِ لَوَجَبَتْ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ اهـ. وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَمَّنْ جَعَلَ التَّمْكِينَ أَصْلًا أَنَّهَا تَجِبُ بِالتَّمْكِينِ وَالْعَقْدُ شَرْطٌ، قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ تَجِبُ) حُجَّتُهُ وُجُوبُهَا لِلْمَرِيضَةِ وَإِقَامَةُ عَدَمِ النُّشُوزِ مَقَامَ عَدَمِ التَّمْكِينِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>