للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ كَانَ فِي الْبَعْضِ الْبَاقِي كَلَامٌ مَفْهُومٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ذَلِكَ فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وُجُوبُ كَمَالِ الدِّيَةِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْكَلَامِ قَدْ فَاتَتْ، وَجَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَالثَّانِي وُجُوبُ الْقِسْطِ وَمَا تَعَطَّلَ بِهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ لَا يَجِبُ بِهِ شَيْءٌ كَمَا لَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَتَعَطَّلَ مَشْيُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَنَصُّهُ فِي الْأُمِّ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (لَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا) أَيْ الْحُرُوفِ (خِلْقَةً) كَالْأَرَتِّ وَالْأَلْثَغِ (أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَدِيَةٌ) فِي إبْطَالِ كَلَامِهِ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ، (وَقِيلَ قِسْطٌ) مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى جَمِيعِ الْحُرُوفِ (أَوْ بِجِنَايَةٍ فَالْمَذْهَبُ لَا تَكْمُلُ دِيَةً) فِي إبْطَالِ كَلَامِهِ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي أَبْطَلَهُ الْجَانِي الْأَوَّلُ، وَقِيلَ تَكْمُلُ وَالْخِلَافُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا قَبْلَهُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْ فَإِنْ قُلْنَا بِالْقِسْطِ هُنَاكَ فَهُنَا أَوْلَى أَوْ بِالْكَمَالِ هُنَاكَ فَهُنَا فِيهِ وَجْهَانِ وَحَاصِلُهُ طَرِيقَانِ قَاطِعَةٌ، وَحَاكِيَةٌ الْخِلَافَ وَلَوْ أَبْطَلَ بَعْضَ مَا يُحْسِنُهُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَجَبَ قِسْطُهُ مِمَّا ذَكَرَ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ.

(وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبُعُ كَلَامِهِ أَوْ عَكَسَ) أَيْ قَطَعَ رُبُعُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ (فَنِصْفُ دِيَةٍ) اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ الْمَضْمُونِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ، وَلَوْ قَطَعَ النِّصْفَ فَذَهَبَ النِّصْفُ فَنِصْفُ دِيَةٍ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَفِي الصَّوْتِ) أَيْ إبْطَالِهِ مَعَ بَقَاءِ اللِّسَانِ عَلَى اعْتِدَالِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ (دِيَةٌ فَإِنْ بَطَلَ مَعَهُ حَرَكَةُ لِسَانٍ فَعَجَزَ عَنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ فَدِيَتَانِ) لِأَنَّهُمَا مَنْفَعَتَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا دِيَةٌ (وَقِيلَ دِيَةٌ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْكَلَامُ، وَيَفُوتُ بِطَرِيقَيْنِ: انْقِطَاعِ الصَّوْتِ، وَعَجْزِ اللِّسَانِ عَنْ الْحَرَكَةِ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ، رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ «مَضَتْ السُّنَّةُ فِي الصَّوْتِ إذَا انْقَطَعَ بِالدِّيَةِ» وَهَذَا مِنْ الصَّحَابِيِّ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ

(وَفِي الذَّوْقِ) أَيْ إبْطَالِهِ (دِيَةٌ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْحَوَاسِّ، وَيَبْطُلُ بِجِنَايَةٍ عَلَى اللِّسَانِ أَوْ الرَّقَبَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا.

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (أَوْ بِجِنَايَةٍ) أَيْ مِنْ جِنْسِ مَنْ يَضْمَنُ كَالْحَرْبِيِّ وَإِلَّا كَجِنَايَةِ سَبُعٍ فَكَالْآفَةِ فَقَوْلُهُ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ أَيْ فِي نَفْسِهِ مِمَّنْ شَأْنُهُ الْغُرْمُ سَوَاءٌ ضَمِنَ أَمْ لَا كَعَبْدٍ إذَا جَنَى عَلَيْهِ سَيِّدُهُ وَسَوَاءٌ أُخِذَ أَوْ لَا قَوْلُهُ: (وَجَبَ قِسْطُهُ) وَيُوَزَّعُ فِي الْعَجْزِ الْخِلْقِيِّ وَالْآفَةِ عَلَى مَنْ يُحْسِنُهُ إنْ أَخَلَّ كَلَامُهُ بِالْمَقْصُودِ وَإِلَّا وَجَبَ جَمِيعُ الدِّيَةِ وَتُوَزَّعُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَمِيعِ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَا يُجْبَرُ حَرْفٌ حَدَثَ أَوْ أَكْثَرُ أَرْشِ حَرْفٍ ذَهَبَ بِالْجِنَايَةِ، وَيُوَزَّعُ عَلَى مَا كَانَ وَقْتَ الْجِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (مِمَّا ذُكِرَ) وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا أَوْ غَيْرَ الشَّفَهِيَّةِ، وَالْحَلْقِيَّةُ مَا عَجَزَ عَنْهُ أَوْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ أَوْ بِهَا.

قَوْلُهُ: (الْمَضْمُونِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ) أَيْ الْكَلَامِ وَاللِّسَانِ بِوَصْفِ النُّطْقِ فِيهِ فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةٌ، وَلِذَلِكَ لَوْ ذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ بِجِنَايَةٍ عَلَى اللِّسَانِ بِلَا قَطْعٍ ثُمَّ قَطَعَهُ آخَرُ، وَجَبَ عَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ فَاقْتَصَّ بِقَطْعِ نِصْفِهِ، فَذَهَبَ رُبُعُ كَلَامِهِ وَجَبَ رُبُعُ الدِّيَةِ، وَلَوْ ذَهَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَلَامِهِ فَلَا شَيْءَ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ الْقِصَاصِ هَدَرٌ، قَوْلُهُ: (مَعَ بَقَاءِ اللِّسَانِ إلَخْ) وَمَعَ بَقَاءِ مَبْلَغِ الطَّعَامِ صَحِيحًا أَيْضًا، فَلَوْ ضَاقَ بِاعْوِجَاجِ عُنُقٍ مَثَلًا وَجَبَتْ حُكُومَةٌ وَلَوْ انْسَدَّ فَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَإِمَامُهُ وَجَبَتْ دِيَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ أَوْ مَاتَ بِغَيْرِ عَدَمِ الطَّعَامِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا مِنْ الصَّحَابِيِّ إلَخْ) هُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ زَيْدًا الْمَذْكُورَ تَابِعِيٌّ لَا صَحَابِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُهُ أَنَّ هَذَا لَفْظُ الصَّحَابِيِّ حَكَاهُ التَّابِعِيُّ عَنْهُ فَالْمَعْنَى وَهَذَا اللَّفْظُ الَّذِي ذَكَرَهُ التَّابِعِيُّ هُوَ لَفْظُ الصَّحَابِيِّ النَّاقِلِ لَهُ عَنْهُ وَهُوَ مِنْ الصَّحَابِيِّ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (وَفِي الذَّوْقِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْحَوَاسِّ الظَّاهِرَةِ وَمَحَلُّهُ اللِّسَانُ لِأَنَّهُ مَفْرُوشٌ فِي سَطْحِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ فِي طَرَفِ الْحَنْجَرَةِ. قَوْلُهُ: (وَتُدْرَكُ بِهِ حَلَاوَةٌ إلَخْ) فَالْحَلَاوَةُ كَالْعَسَلِ، وَالْحُمُوضَةُ كَالْخَلِّ، وَالْمَرَارَةُ كَالصَّبْرِ، وَالْمُلُوحَةُ كَالْمِلْحِ، وَالْعُذُوبَةُ كَالْمَاءِ، وَيَصْدُقُ فِي زَوَالِ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ فَإِنْ اُتُّهِمَ اُمْتُحِنَ بِالْمَطْعُومَاتِ.

ــ

[حاشية عميرة]

عَلَى الْعَرَبِيَّةِ وَقِيلَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا حُرُوفًا وَقِيلَ عَلَى أَقَلِّهِمَا.

قَوْلُهُ: (خِلْقَةً) دَخَلَ فِي هَذَا مَنْ كَانَتْ لُغَتُهُ كَذَلِكَ كَالْفَارِسِيِّ فَإِنَّ الْفَارِسِيَّةَ لَيْسَ فِيهَا ضَادٌ وَلَا حَاءٌ وَلَا طَاءٌ وَلَا ظَاءٌ وَلَا عَيْنٌ فَقَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ ثُبُوتُ الْخِلَافِ وَالْمَعْرُوفُ الْقَطْعُ بِكَمَالِ الدِّيَةِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مُفْهِمٌ) وَلِأَنَّ ضَعْفَ مَنْفَعَةِ الضَّوْءِ لَا يَقْدِرُ فِي كَمَالِهِ كَضَعْفِ الْبَصَرِ وَسَائِرِ الْمَعَانِي، قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ جِنَايَةَ الْحَرْبِيِّ كَالْآفَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْخِلَافِ وَفِيهِ) أَيْ فَعَلَى الرَّاجِحِ يُنْسَبُ فِي مَسْأَلَةِ الْجِنَايَةِ إلَى جَمِيعِ الْحُرُوفِ، وَفِيمَا قَبْلَهَا إلَى مَا يُحْسِنُهُ وَقِيلَ الْعَكْسُ، قَوْلُهُ: (فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ مِمَّا ذَكَرَ.

[دِيَة نصف اللِّسَان]

قَوْلُهُ: (فَذَهَبَ رُبُعُ كَلَامِهِ) يُرِيدُ رُبُعَ الْحُرُوفِ.

قَوْلُهُ: (اعْتِبَارًا بِالْأَكْثَرِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَوْ لَمْ تُؤَثِّرْ إلَّا فِي أَحَدِهِمَا لَكَانَ مَضْمُونًا بِالدِّيَةِ فَإِذَا أَثَّرَتْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَجَبَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْأَكْثَرِ وَغَيْرِهِ، وَكَمَا لَوْ أَبْطَلَ الْبَطْشَ بِقَطْعِ بَعْضِ الْأَصَابِعِ تَجِبُ دِيَةٌ وَلَوْ جَاءَ آخَرُ، وَقَطَعَ بَاقِيَ اللِّسَانِ وَجَبَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ أَخْذًا بِالْأَغْلَظِ أَيْضًا وَلَوْ ذَهَبَ نِصْفُ الْكَلَامِ بِجِنَايَةٍ عَلَى اللِّسَانِ بِلَا قَطْعٍ ثُمَّ قَطَعَهُ آخَرُ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ.

قَوْلُهُ: (أَيْ إبْطَالُهُ مَعَ بَقَاءِ اللِّسَانِ عَلَى اعْتِدَالِهِ إلَخْ) . كَذَا صَوَّرَ فِي الْمَطْلَبِ قَالَ وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ مُرَادَ الْأَصْحَابِ بِزَوَالِ النُّطْقِ زَوَالُ الْكَلَامِ وَإِنْ وُجِدَ مَعَهُ صَوْتٌ لَا يُفْهَمُ وَإِلَّا لَكَانَ مَعْنَى الْأَمْرَيْنِ وَاحِدًا.

قَوْلُهُ: (فَعَجَزَ) الْمُرَادُ بِهَذَا عَدَمُ النُّطْقِ

[دِيَة الذَّوْق]

قَوْلُهُ: (كَالْبَصَرِ إلَخْ) أَيْ وَكَالشَّلَلِ مَعَ الْيَدِ قَوْلُهُ: (صُلْبٍ) هُوَ بِضَمِّهِمَا وَفَتْحِهِمَا وَضَمِّ الْأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>