للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ الْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَيْ غَيْرُ لَازِمَةٍ مِنْ جَانِبِ الْمُوَكِّلِ وَجَانِبِ الْوَكِيلِ، (فَإِذَا عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ فِي حُضُورِهِ) بِقَوْلِهِ: عَزَلْتُكَ (أَوْ قَالَ) فِي حُضُورِهِ، (رَفَعْت الْوَكَالَةَ أَوْ أَبْطَلْتهَا، أَوْ أَخْرَجْتُكَ مِنْهَا انْعَزَلَ) مِنْهَا، (فَإِنْ عَزَلَهُ وَهُوَ غَائِبٌ انْعَزِلْ فِي الْحَالِ وَفِي قَوْلِهِ: لَا) يَنْعَزِلُ (حَتَّى يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ) بِالْعَزْلِ كَالْقَاضِي، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْبَغِي لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُشْهِدَ بِالْعَزْلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ: كُنْتُ عَزَلْتُهُ لَا يُقْبَلُ، وَعَلَى الثَّانِي: الْمُعْتَبَرُ خَبَرُ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ دُونَ الصَّبِيِّ وَالْفَاسِقِ (وَلَوْ قَالَ) الْوَكِيلُ: (عَزَلْت نَفْسِي أَوْ رَدَدْت الْوَكَالَةَ) أَوْ أَخْرَجْت نَفْسِي مِنْهَا (انْعَزَلَ) ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي انْعِزَالِهِ بِذَلِكَ حُصُولُ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ، (وَيَنْعَزِلُ) أَيْضًا (بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ (عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ) ، وَإِنْ زَالَ عَنْ قُرْبٍ (وَكَذَا إغْمَاءٌ فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لَهُ بِالْجُنُونِ، وَالثَّانِي لَا يَلْحَقُهُ بِهِ (وَبِخُرُوجِ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ عَنْ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ) كَأَنْ بَاعَ أَوْ أَعْتَقَ مَا

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازُ وَاللُّزُومُ وَرَفْعُهَا وَارْتِفَاعُهَا. قَوْلُهُ: (جَائِزَةٌ) وَلَوْ بِجَعْلِ عَالِمٍ تَقَعُ بِلَفْظِ إجَارَةٍ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ لَازِمَةٍ) فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِبَاحَةَ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَالَ) هُوَ مِنْ الْعَزْلِ لَكِنْ بِغَيْرِ لَفْظِهِ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لِدَفْعِ التَّكْرَارِ أَوْ تَوَهُّمِ الْمُغَايَرَةِ. قَوْلُهُ: (انْعَزَلَ فِي الْحَالِ) وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ، وَإِنْ جَهِلَ الْعَزْلَ وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْقَاضِي) وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ شَأْنَ الْقَاضِي التَّوْلِيَةُ فِي الْأَمْوَلِ الْعَامَّةِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَالْوَدِيعِ، وَالْمُسْتَعِيرُ كَالْقَاضِي، فَلَا يَنْعَزِلَانِ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وَانْظُرْ مَا مَعْنَى عَزْلِ الْوَدِيعِ. قَوْلُهُ: (لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْعَزْلِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِهِ فَكَالرَّجْعَةِ وَمَحَلُّ قَبُولِهِمَا فِي حَقِّ أَنْفُسِهِمَا لَا فِي حَقِّ ثَالِثٍ كَمَا مَرَّ فِي الْحَوَالَةِ، وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْعَزْلِ إلَّا إنْ بَيَّنَتْ مَا عُزِلَ عَنْهُ، لِاحْتِمَالِ عَزْلِهِ عَنْ تَصَرُّفٍ مَخْصُوصٍ، وَلَوْ عَزَلَ أَحَدَ وَكِيلَيْهِ مُبْهَمًا لَمْ يَتَصَرَّفْ، وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلشَّكِّ، فَإِنْ تَصَرَّفَ ثُمَّ عَيَّنَ غَيْرَهُ لِلْعَزْلِ فَالْوَجْهُ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْوَاقِعِ.

قَوْلُهُ: (انْعَزَلَ) ؛ لِأَنَّهُ إبْطَالٌ لِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا قِيلَ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَزْلِ عَدَمُ التَّصَرُّفِ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ إنْ لَزِمَ مِنْ عَزْلِهِ ضَيَاعُ الْمَالِ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَنْعَزِلْ بِعَزْلِ نَفْسِهِ.

وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ، وَإِنْ لَزِمَ ضَيَاعُ الْمَالِ وَلَهُ إيدَاعُهُ فِي مَحَلٍّ فِي طَرِيقِ سَفَرِهِ وَإِنْ لَزِمَ عَلَى الْمُوَكِّلِ مَشَقَّةٌ فِي الْوُصُولِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لِنَفْسِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِمَوْتٍ) قِيلَ هَذَا انْتِهَاءٌ لِزَمَنِهَا لَا عَزْلَ، وَعُلِمَ بِقَوْلِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ أَنَّهُ لَا عَزْلَ بِرِدَّةِ أَحَدِهِمَا، وَإِنَّ كُلًّا مِنْهَا يَنْعَزِلُ بِحَجْرِ السَّفَهِ، وَبِطُرُوِّ الرِّقِّ وَبِحَجْرِ الْفَلَسِ، وَهُوَ فِي الْمُوَكِّلِ ظَاهِرٌ، وَفِي الْوَكِيلِ فِيمَا لَوْ كَانَ وَكِيلًا وَالشِّرَاءُ بِشَيْءٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا آخِرًا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إغْمَاءٌ) إلَّا فِي إغْمَاءِ مُوَكِّلٍ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ. قَوْلُهُ: (إلْحَاقًا إلَخْ) شَمَلَ مَا قَصَرَ زَمَنُهُ،

ــ

[حاشية عميرة]

الْوَكِيلِ فَقَطْ. فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَرْجِعُ جَزْمًا، وَيُحْتَمَلُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ وَعَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ، بِأَنَّهُ لَا يُطَالِبُ إلَّا الْمُوَكِّلَ يَتَّجِهُ عَدَمُ رُجُوعِ الْمُوَكِّلِ جَزْمًا.

[فَصْلٌ الْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ]

فَصْلٌ الْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ إلَخْ قَوْلُهُ: (بِقَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْعَزْلِ فِي عِبَارَتِهِ لِيَصِحَّ عَطْفُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَفْظُ الْعَزْلِ شَامِلٌ لِكُلٍّ، وَقَوْلُهُ فِي حُضُورِهِ قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ عَزَلَهُ وَهُوَ غَائِبٌ. فَرْعٌ مِنْ الصِّيَغِ: نَقَضْتهَا صَرَفْتهَا أَزَلْتهَا وَمَا أَشْبَهَهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (انْعَزَلَ فِي الْحَالِ) لَوْ تَصَرَّفَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَزْلِ وَسَلَّمَ إلَى الْغَيْرِ كَانَ ضَامِنًا عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ وَالشَّاشِيِّ وَغَيْرِهِمَا، كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ بَعْدَ التَّوْكِيلِ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>