للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امْتَنَعَ) الْمُسْلِمُ (مِنْ قَبُولِهِ هُنَاكَ) أَيْ فِي غَيْرِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ وَقَدْ أَحْضَرَ فِيهِ (لَمْ يُجْبَرْ) عَلَى قَبُولِهِ (إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ) إلَى مَكَانِ التَّسْلِيمِ (مُؤْنَةٌ أَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ) الْمَحْضَرَ فِيهِ (مَخُوفًا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَا كَانَ الْمَوْضِعُ مَخُوفًا (فَالْأَصَحُّ إجْبَارُهُ) عَلَى قَبُولِهِ لِتَحْصُلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي التَّعْجِيلِ قَبْلَ الْحُلُولِ لِغَرَضِ الْبَرَاءَةِ. وَلَوْ اُتُّفِقَ كَوْنُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ عَلَى صِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَأَحْضَرَهُ وَجَبَ قَبُولُهُ فِي الْأَصَحِّ.

فَصْلٌ الْإِقْرَاضُ وَهُوَ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ بَدَلُهُ (مَنْدُوبٌ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى كَشْفِ كُرْبَةٍ وَيَتَحَقَّقُ بِعَاقِدٍ وَمَعْقُودٍ عَلَيْهِ، وَصِيغَةٍ كَغَيْرِهِ وَتَرْجَمَهُ كَأَصْلِهِ بِالْفَصْلِ دُونَ الْبَابِ لِشَبَهِ الْمُقْرِضِ بِالْمُسْلِمِ فِيهِ فِي الثُّبُوتِ فِي الذِّمَّةِ (وَصِيغَتُهُ: أَقْرَضْتُك أَوْ أَسْلَفْتُك) هَذَا (أَوْ خُذْهُ بِمِثْلِهِ أَوْ مَلَّكْتُكَهُ عَلَى أَنْ تَرُدَّ بِهِ لَهُ) أَوْ خُذْهُ وَاصْرِفْهُ فِي حَوَائِجِك وَرَدَّ بَدَلَهُ. كَذَا فِي الرَّوْضَةِ

ــ

[حاشية قليوبي]

يَتَحَمَّلْهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إلَّا بِالدَّفْعِ لِلْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الِاعْتِيَاضَ. قَوْلُهُ: (أَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ مَخُوفًا) مِثَالٌ وَالْمُرَادُ وُجُودُ غَرَضِ الْمُسْلَمِ. قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ إجْبَارُهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ. قَوْلُهُ: (عَلَى قَبُولِهِ) أَيْ عَيْنًا إنْ كَانَ غَرَضُهُ الْبَرَاءَةَ لِأَنَّهُ كَالْمَحْضَرِ قَبْلَ الْمَحَلِّ كَمَا مَرَّ، وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ أَوْ لَا فَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْغَرَضِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اتَّفَقَ إلَخْ) كَأَنْ أَسْلَمَهُ جَارِيَةً صَغِيرَةً فِي كَبِيرَةٍ فَكَبِرَتْ وَفِيهَا الصِّفَةُ الْمَشْرُوطَةُ.

فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى الْأَفْصَحِ لُغَةً الْقَطْعُ، وَيُطْلَقُ بِمَعْنَى مَا يُقْرَضُ وَبِمَعْنَى الْإِقْرَاضِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، فَلِذَلِكَ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِهِ وَيُسَمَّى سَلَفًا أَيْضًا كَالسَّلَمِ وَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ عَقِبَهُ وَعَرَّفَهُ الشَّارِحُ بِمَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ بِقَوْلِهِ هُوَ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ إلَخْ

لَكِنَّ ذِكْرَ التَّمْلِيكِ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الْإِبَاحَةِ. قَوْلُهُ: (بَدَلَهُ) شَمَلَ الْمُتَقَوِّمَ وَالْمَنَافِعَ. قَوْلُهُ: (مُسْتَحَبٌّ) فَهُوَ مِنْ التَّضْمِينِ أَوْ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ فِرَارًا مِنْ أَنَّ الْمَنْدُوبَ هُوَ نَفْسُ الْفَاعِلِ وَقَدْ يَجِبُ كَمَا فِي الْمُضْطَرِّ وَقَدْ يُكْرَهُ كَمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ يَصْرِفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ، وَقَدْ يَحْرُمُ كَمَنْ ظُنَّ مِنْهُ وَذَلِكَ وَكَغَيْرِ مُضْطَرٍّ لَمْ يَرْجُ وَفَاءً إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ، وَكَمَنْ أَظْهَرَ صِفَةً لَوْ عَلِمَ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ لَمْ يُقْرِضْهُ كَمَا فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَلَا تَدْخُلُهُ الْإِبَاحَةُ لِأَنَّ أَصْلَهُ النَّدْبُ، وَقَالَ شَيْخُنَا بِهَا فِيمَا إذَا لَمْ يَرْجِعْ وَفَاءً كَمَا مَرَّ وَعَلِمَ الْمَالِكُ بِحَالِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً إلَخْ) فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ دِرْهَمِ الصَّدَقَةِ الَّذِي قَدْ لَا يَكُونُ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَمَّا وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا أَنَّ دِرْهَمَ الصَّدَقَةِ بِعَشَرَةٍ وَدِرْهَمَ الْقَرْضِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ» وَزِيَادَةُ الثَّوَابِ دَلِيلٌ عَلَى الْفَضْلِ، وَلِذَلِكَ عَلَّلَهُ. جِبْرِيلُ لَمَّا سَأَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ زِيَادَةِ ثَوَابِهِ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا فِي يَدِ مُحْتَاجٍ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ دِرْهَمَ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ لِعَدَمِ الْعِوَضِ فِيهِ، وَحِكْمَةُ كَوْنِهِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَنَّ فِيهِ دِرْهَمَيْنِ بَدَلًا وَمُبْدَلًا فَهُمَا عِشْرُونَ يَرْجِعُ الْمُقْرِضُ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ اثْنَانِ فَتَبْقَى الْمُضَاعَفَةُ وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ. قَوْلُهُ: (وَيَتَحَقَّقُ) أَيْ تَتَوَقَّفُ حَقِيقَتُهُ فَهِيَ أَرْكَانٌ كَالْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْبَابِ) الْأَوْلَى دُونَ الْكِتَابِ لِأَنَّ الْبَابَ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ الْكِتَابِ كَالْفَصْلِ. قَوْلُهُ: (أَوْ خُذْهُ بِمِثْلِهِ) أَوْ بِبَدَلِهِ فَهُمَا صَرِيحَانِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ وَهُوَ خُذْ هَذَا الدِّرْهَمَ بِدِرْهَمٍ كِنَايَةٌ لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ الْإِقْرَاضُ]

ُ إلَخْ الْإِقْرَاضُ مَصْدَرُ أَقْرَضَ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْقَرْضِ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الْإِعْطَاءِ، وَالْقَرْضُ مَصْدَرًا، الْقَطْعُ وَاسْمٌ لِلشَّيْءِ الْمُقْرَضِ وَمِنْهُ {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا} [البقرة: ٢٤٥] وَإِلَّا لَقَالَ إقْرَاضًا نَعَمْ سُمِّيَ هَذَا الْبَابُ إقْرَاضًا لِأَنَّ الْمُقْرِضَ قَطَعَ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ ثُمَّ دَلِيلُ النَّدْبِ حَدِيثُ «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً» إلَى آخِرِهِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ الصَّدَقَةُ يُكْتَبُ أَجْرُهَا حِينَ تَصَدَّقَ بِهَا، وَالْقَرْضُ يُكْتَبُ أَجْرُهُ مَا دَامَ عِنْدَ الْمُقْتَرِضِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ خُذْهُ بِمِثْلِهِ) أَيْ إذَا قُلْنَا يَضْمَنُ الْقَرْضَ بِالْمِثْلِ وَإِلَّا فَمَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى أَنْ تَرُدَّ بَدَلَهُ) لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>