للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرَجَّحُوهُ عَلَى الْوُجُوبِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ.

(وَلَا يُرَدُّ) مِمَّنْ جَاءَنَا آتِيًا بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَطَلَبَ رَدَّهُ (صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) وَأُنْثَاهُمَا (وَكَذَا عَبْدٌ) بَالِغٌ عَاقِلٌ (وَحُرٌّ) كَذَلِكَ (لَا عَشِيرَةَ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِضَعْفِهِمَا وَقِيلَ: يُرَدُّ الْأَخِيرَانِ لِقُوَّتِهِمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِمَا، وَقَطَعَ الْبَعْضُ بِالرَّدِّ فِي الْحُرِّ وَالْجُمْهُورُ بِعَدَمِهِ فِي الْعَبْدِ (وَيُرَدُّ مَنْ لَهُ عَشِيرَةٌ طَلَبَتْهُ إلَيْهَا لَا إلَى غَيْرِهَا) أَيْ لَا يُرَدُّ إلَى غَيْرِ عَشِيرَتِهِ الطَّالِبُ لَهُ (إلَّا أَنْ يَقْدِرَ الْمَطْلُوبُ عَلَى قَهْرِ الطَّالِبِ وَالْهَرَبِ مِنْهُ) فَيُرَدُّ إلَيْهِ (وَمَعْنَى الرَّدِّ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبِهِ) كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ (وَلَا يُجْبَرُ) الْمَطْلُوبُ (عَلَى الرُّجُوعِ) إلَى طَالِبِهِ (وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ) إلَيْهِ (وَلَهُ قَتْلُ الطَّالِبِ وَلَنَا التَّعْرِيضُ لَهُ بِهِ لَا التَّصْرِيحُ) بِهِ، رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ أَبَا جَنْدَلٍ عَلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَأَبَا بَصِيرٍ وَقَدْ جَاءَ فِي طَلَبِهِ رَجُلَانِ فَرَدَّهُ إلَيْهِمَا فَقَتَلَ أَحَدَهُمَا فِي الطَّرِيق وَأَفْلَتَ الْآخَرُ» ، وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي جَنْدَلٍ حِين رُدَّ إلَى أَبِيهِ إنَّ دَمَ الْكَافِرِ عِنْدَ اللَّهِ كَدَمِ الْكَلْبِ يُعَرِّضُ لَهُ بِقَتْلِ أَبِيهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ طَلَبٌ فَلَا رَدَّ.

(وَلَوْ شَرَطَ) عَلَيْهِمْ فِي الْهُدْنَةِ (أَنْ يَرُدُّوا مَنْ جَاءَهُمْ مُرْتَدًّا مِنَّا لَزِمَهُمْ الْوَفَاءُ) بِذَلِكَ (فَإِنْ أَبَوْا فَقَدْ نَقَضُوا) الْعَهْدَ (وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ شَرْطِ أَنْ لَا يَرُدُّوا) الْمُرْتَدَّ وَالثَّانِي الْمَنْعُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِرْدَادِهِ لِإِقَامَةِ حُكْمِ الْمُرْتَدِّينَ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِمْ التَّمْكِينُ مِنْهُ وَالتَّخْلِيَةُ دُونَ التَّسْلِيمِ

كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ جَمْعُ ذَبِيحَةٍ (ذَكَاةُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ) الْبَرِّيِّ الْمَطْلُوبَةُ شَرْعًا لِحِلِّ أَكْلِهِ تَحْصُلُ (بِذَبْحِهِ فِي حَلْقٍ) هُوَ أَعْلَى الْعُنُقِ (أَوْ لَبَّةٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (لِمَا قَامَ إلَخْ) وَهُوَ عَدَمُ شَغْلِ الذِّمَّةِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ كَمَا مَرَّ،.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُرَدُّ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَأُنْثَاهُمَا) وَحُرُّهُمَا وَرَقِيقُهُمَا فَإِنْ كَمُلَا جَازَ رَدُّهُمَا حِينَئِذٍ وَإِنْ وَصَفَا كُفْرًا، قَوْلُهُ: (وَكَذَا عَبْدٌ) وَيُعْتَقُ إنْ جَاءَ قَهْرًا عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ قَبْلَ عَقْدِ الْهُدْنَةِ، قَوْلُهُ: (عَشِيرَةٌ طَلَبَتْهُ) كُلُّهَا أَوْ مَنْ يَحْمِيهِ مِنْهَا وَلَوْ وَاحِدًا بِرَسُولٍ، قَوْلُهُ: (وَالْهَرَبِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْبَرُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُجْبَرْ الْمُسْلِمُ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَبِلَادُ الْكُفْرِ أَوْلَى، فَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْإِمَامِ بَعْثَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) بَلْ عَلَيْهِ الْهَرَبُ مِنْ الْبَلَدِ إذَا عَلِمَ بِمَجِيءِ مَنْ يَطْلُبُهُ خُصُوصًا إنْ خَشِيَ فِتْنَةً، قَوْلُهُ: (وَلَهُ قَتْلُ الطَّالِبِ) قَالَ شَيْخُنَا: إنْ عَجَزَ عَنْ غَيْرِ الْقَتْلِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَدَفْعِ الصَّائِلِ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (وَلَنَا التَّعْرِيضُ لَهُ بِهِ) بِقَتْلٍ طَالِبِهِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ طَالِبِهِ، قَوْلُهُ: (لَا التَّصْرِيحُ) فَيَمْتَنِعُ نَعَمْ لَنَا التَّصْرِيحُ لِمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ عَقْدِ الْهُدْنَةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ، قَوْلُهُ: (وَأَفْلَتَ) أَيْ هَرَبَ. قَوْلُهُ: (أَنَّ عُمَرَ قَالَ) وَلَعَلَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَهُ وَأَقَرَّهُ أَوْ عَلِمَ بِهِ كَذَلِكَ،.

قَوْلُهُ: (مَنْ جَاءَهُمْ مُرْتَدًّا) حُرًّا أَوْ رَقِيقًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى قَوْلُهُ: (لَزِمَهُمْ الْوَفَاءُ) وَهُوَ الرَّدُّ فِيمَا يَظْهَرُ وَهَلْ يَكْفِي التَّخْلِيَةُ وَالتَّمْكِينُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ شَرْطِ أَنْ لَا يَرُدُّوا الْمُرْتَدَّ) لَكِنْ يَغْرَمُونَ مَهْرَ الْمَرْأَةِ وَقِيمَةَ الرَّقِيقِ فَإِنْ عَادَ إلَيْنَا رَدَدْنَا عَلَيْهِمْ الْقِيمَةَ دُونَ الْمَهْرِ لِأَنَّ الرَّقِيقَ يَصِيرُ مِلْكًا لَهُمْ، وَالْمَرْأَةُ لَا تَصِيرُ زَوْجَةً لَهُمْ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الرِّدَّةَ تَقْتَضِي انْفِسَاخَ النِّكَاحِ أَوْ تَوَقُّفَهُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا وَجْهَ لِلْغُرْمِ، وَبِأَنَّ صَيْرُورَةَ الرَّقِيقِ مِلْكًا لَهُمْ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُرْتَدِّ لِلْكَافِرِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ اسْتِيلَاءَهُمْ عَلَى الْمَرْأَةِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الشَّهَادَةِ بِمَا يَفْسَخُ النِّكَاحَ مِنْ نَحْوِ رَضَاعٍ بِجَامِعِ الْحَيْلُولَةِ، وَبِأَنَّ اسْتِيلَاءَهُمْ عَلَى الرَّقِيقِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْمِلْكِ لَا أَنَّهُ مِلْكٌ حَقِيقِيٌّ فَرَاجِعْهُ.

تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ شِرَاءُ وَلَدِ الْمُعَاهَدِ مِنْ مُعَاهَدٍ آخَرَ غَيْرِ أَبِيهِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالْقَهْرِ لِغَيْرِ الْمُعَاهَدِ لَا مِنْ أَبِيهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْمُعْتَمَدِ إنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالْقَهْرِ وَلَا يَجُوزُ سَبْيُهُمْ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَرَاجِعْهُ.

[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

ِ ذَكَرَهُ هُنَا عَقِبَ الْجِهَادِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاكْتِسَابِ بِالِاصْطِيَادِ الْمُشَابِهِ لِلِاكْتِسَابِ بِالْغَزْوِ وَذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَغَيْرِهَا عَقِبَ رُبُعِ الْعِبَادَاتِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ ذَكَرَهُ هُنَا وَهُنَاكَ نَظَرًا لِكَوْنِهِ فَرْضًا فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ، قَوْلُهُ: (جَمْعُ ذَبِيحَةٍ) بِمَعْنَى مَذْبُوحَةٍ وَجَمَعَهَا لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا إمَّا بِذَاتِهَا كَغَنَمٍ وَبَقَرٍ وَصَيْدٍ وَطَيْرٍ أَوْ بِهَيْئَةِ ذَبْحِهَا كَكَوْنِهِ فِي حَلْقٍ أَوْ لَبَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَرَمْيٍ بِسَهْمٍ، أَوْ بِمَحِلِّ ذَبْحِهَا كَالْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَوْ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَرَجَّحُوهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إلَى النَّدْبِ فَتَأَمَّلْ،

قَوْلُهُ: (وَكَذَا عَبْدٌ إلَخْ) . صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مَعَ الشَّرْطِ السَّابِقِ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ جَزْمًا، قَوْلُهُ: (وَمَعْنَى الرَّدِّ إلَخْ) عُلِّلَ بِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَجْرِ مَعَهُمْ وَتَقَدَّمَ إنْكَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَبِي بَصِيرٍ فِي امْتِنَاعِهِ وَقَتْلِهِ مَنْ قَتَلَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْهَرَبُ وَالتَّخَلُّصُ مِنْ الطَّلَبِ إنْ أَمْكَنَهُ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُمْ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَجْرِ مَعَهُمْ قَدْ رَأَيْتُهُ مُتَكَرِّرًا فِي كَلَامِهِمْ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ عَدَمُ تَعَدِّي الْحُكْمِ لِمَنْ وُلِدَ هُنَا بَعْدَ الْعَقْدِ.

كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ قَوْلُهُ: (ذَكَاةُ) التَّذْكِيَةُ لُغَةً التَّطْيِيبُ وَمِنْهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ أَيْ طَيِّبَةٌ وَالذَّكَاةُ تَطْيِيبُ الْحَيَوَانِ. فَإِنَّهُ لَوْ خَرَجَتْ رُوحُهُ بِغَيْرِهَا كَالْخَنْقِ لَتَغَيَّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>