للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهَيْنِ فِي حُصُولِهِ لِلْمَحْمُولِ مَعَ الْحَامِلِ لِأَنَّهُ دَارَ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ وَاحِدًا مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَصَدَ نَفْسَهُ أَوْ كِلَيْهِمَا، أَيْ فَيَقَعُ لِلْحَامِلِ فَقَطْ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْحَلَالَ لَوْ نَوَى الطَّوَافَ لِنَفْسِهِ وَقَعَ لَهُ فَقَطْ.

وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَوْ كَانَا مُحْرِمَيْنِ وَنَوَيَا الطَّوَافَ فَأَقُولُ أَصَحُّهَا وُقُوعُهُ عَنْ الْحَامِلِ فَقَطْ، لِأَنَّهُ الطَّائِفُ، وَالثَّانِي عَنْ الْمَحْمُولِ فَقَطْ، وَالْحَامِلُ كَالدَّابَّةِ، وَالثَّالِثُ عَنْهُمَا لِنِيَّتِهِمَا مَعَ الدَّوْرَانِ وَيُقَاسُ بِهِمَا الْجِلَالَانِ النَّاوِيَانِ، فَيَقَعُ لِلْحَامِلِ مِنْهُمَا فِي الْأَصَحِّ.

فَصْلٌ: يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَصَلَاتِهِ اسْتِحْبَابًا (ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ بَابِ الصَّفَا لِلسَّعْيِ) بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَشَرْطُهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالصَّفَا وَأَنْ يَسْعَى سَبْعًا ذَهَابُهُ مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ مَرَّةً وَعَوْدُهُ مِنْهَا إلَيْهِ أُخْرَى) لِلِاتِّبَاعِ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَقَالَ: «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَأَنْ يَسْعَى بَعْدَ طَوَافِ رُكْنٍ أَوْ قُدُومٍ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ السَّعْيِ وَطَوَافِ الْقُدُومِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ) بِأَنْ يَسْعَى قَبْلَهُ لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَحَادِيثِ فِي هَذَا. وَفِي طَوَافِ الرُّكْنِ فِي

ــ

[حاشية قليوبي]

مِنْهُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقَصْدِ الْمَحْمُولِ مَعَ قَصْدِ الْحَامِلِ تَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (لِنَفْسِهِ) أَيْ أَوْ لَهُمَا كَمَا فِي الْمُحْرِمِ. قَوْلُهُ: (وَنَوَيَا الطَّوَافَ) فَإِنْ نَوَاهُ الْمَحْمُولُ دُونَ الْحَامِلِ وَقَعَ لِلْمَحْمُولِ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْحَلَالَيْنِ. قَوْلُهُ: (كَالدَّابَّةِ) تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ وَشُرُوطِهِ وَمَا يُطْلَبُ فِيهِ قَوْلُهُ: (وَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ) وَيُقَبِّلُهُ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ مُحَاكَاةً لِلِابْتِدَاءِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْوَةِ) وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّفَا لِأَنَّهَا خِتَامٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَدْرُ الْمَسَافَةِ بَيْنَهُمَا بِذِرَاعِ الْيَدِ سَبْعُمِائَةٍ وَسَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَلِأَنَّ عَرْضَ الْمَسْعَى خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا فَأَدْخَلُوا بَعْضَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَالصَّفَا مِنْ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ، وَالْمَرْوَةُ مِنْ جَبَلِ قَيْنُقَاعَ. وَبَابُ الصَّفَا يُقَابِلُ مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ وَهُوَ خَمْسُ طَاقَاتٍ. قَوْلُهُ: (لِلِاتِّبَاعِ) وَمِنْ الِاتِّبَاعِ نَفْيُ الْجُنَاحِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨] وَأَصْلُ نَفْيِهِ أَنَّ الصَّنَمَ الْمُسَمَّى إسَافًا كَانَ عَلَى الصَّفَا وَأَنَّ الصَّنَمَ الْمُسَمَّى نَائِلَةً كَانَ عَلَى الْمَرْوَةِ. وَكَانَ الْجَاهِلِيَّةُ إذَا سَعَوْا يَمْسَحُونَهُمَا فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ تَحَرَّجَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ السَّعْيِ لِذَلِكَ فَنَزَلَتْ الْآيَةُ.

قَوْلُهُ: (أَبْدَأُ) هُوَ مُضَارِعٌ يَعُودُ ضَمِيرُهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ جَوَابٌ لِقَوْلِهِمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِمَاذَا تَبْدَأُ إذَا طُفْت؟ وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ: فَابْدَءُوا بِلَفْظِ الْأَمْرِ لِلْجَمَاعَةِ جَوَابًا لِقَوْلِهِمْ بِمَاذَا نَبْدَأُ إذَا طُفْنَا وَلَعَلَّ السُّؤَالَ تَعَدَّدَ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَسْعَى) أَيْ جَمِيعَ السَّعْيِ. وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَلَوْ أَخَّرَ بَعْضَهُ لِمَا بَعْدَ الْوُقُوفِ لَمْ يُحْسَبْ مَا فَعَلَهُ قَبْلَهُ أَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ طَوَافِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ السَّعْيُ كَمَكِّيٍّ أَرَادَ الْخُرُوجَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَطَافَ لِلْوَدَاعِ أَوْ طَافَ نَفْلًا ثُمَّ أَحْرَمَ وَأَرَادَ أَنْ يَسْعَى حِينَئِذٍ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ، وَإِنْ قَصَدَ الْخُرُوجَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ خَرَجَ بِالْفِعْلِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ الْمُحْرِمِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي إحْرَامِ الْمَكِّيِّ. وَمِمَّا يَأْتِي فِي الْخُرُوجِ إلَى مِنًى، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي الْمَعْرُوفِ وَقَدْ مَرَّ ضَبْطُهُ فَلَوْ سَقَّفَ وَطَافَ عَلَى سَقْفِهِ هَلْ يَكْفِيهِ؟ حَرِّرْهُ. وَفِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ الْعَبَّادِيِّ جَوَازُهُ. وَهَلْ يَكْفِي السَّعْيُ طَائِرًا؟ . قَوْلُهُ: (أَوْ قُدُومٍ) وَهُوَ أَفْضَلُ عِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ وَالْخَطِيبِ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنَّهُ بَعْدَ الرُّكْنِ أَفْضَلُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَسْعَى قَبْلَهُ) أَيْ الْوُقُوفِ وَتَقَدَّمَ جَوَازُ طَوَافِ الْقُدُومِ بَعْدَهُ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ لَكِنْ

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَصَلَاتِهِ اسْتِحْبَابًا]

فَصْلٌ: يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لِيَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ الِاسْتِلَامُ، كَمَا أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ ابْتَدَأَ بِهِ الِاسْتِلَامُ اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ وَاهِنًا تَقْبِيلًا وَلَا سُجُودًا فَلَعَلَّ سَبَبَهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى السَّعْيِ. قَوْلُهُ: (بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ) اعْلَمْ أَنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَا تَنْفِيهِ وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ» وَغَيْرُ ذَلِكَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ طَوَافِ رُكْنٍ أَوْ قُدُومٍ) افْهَمْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَعْدَ طَوَافِ نَفْلٍ أَوْ وَدَاعٍ، وَلَوْ قَبْلَ الْوُقُوفِ كَمَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ طَافَ نَفْلًا أَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِحَاجَةٍ فَطَافَ لِلْوَدَاعِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>