للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَبْدِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَإِنْ عَجَزَ وَعَادَ إلَى الرِّقِّ عَتَقَ النَّصِيبُ عَلَى الشَّرِيكِ الْأَوَّلِ بِالْقِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.

فَصْلٌ (يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ) أَيْ الْعَبْدِ (جُزْءًا مِنْ الْمَالِ) الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ (أَوْ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ) بَعْدَ قَبْضِهِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ غَيْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣] فُسِّرَ الْإِيتَاءُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْإِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ (وَالْحَطُّ أَوْلَى) مِنْ الدَّفْعِ لِمَا ذُكِرَ (وَفِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ أَلْيَقُ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) أَيْ اسْمُ الْمَالِ (وَلَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَالِ) قِلَّةً وَكَثْرَةً، وَالثَّانِي لَا يَكْفِي مَا ذُكِرَ وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَالِ فَيَجِبُ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ قَدَّرَهُ الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ) لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَيْهِ الثَّانِي بَعْدَهُ لِيَتَبَلَّغَ بِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَعَيَّنُ فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ، وَيَجُوزُ مِنْ أَوَّلِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَبَعْدَ الْأَدَاءِ وَالْعِتْقِ قَضَاءً، (وَيُسْتَحَبُّ الرُّبْعُ وَإِلَّا فَالسُّبُعُ) رَوَى النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ «يُحَطُّ عَنْ الْمُكَاتَبِ قَدْرُ رُبُعِ كِتَابَتِهِ» وَرُوِيَ عَنْهُ رَفْعُهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا وَوَضَعَ مِنْهَا خَمْسَةَ آلَافٍ وَذَلِكَ فِي آخِرِ نُجُومِهِ، وَخَمْسَةٌ سُبُعُ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ.

(وَيَحْرُمُ) عَلَى السَّيِّدِ (وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ) لِاخْتِلَالِ مِلْكِهِ فِيهَا، (وَلَا حَدَّ فِيهِ) لِبَقَاءِ مِلْكِهِ فِيهِ وَيُعَزَّرُ إنْ عَلِمَ تَحْرِيمَهُ وَكَذَلِكَ هِيَ (وَيَجِبُ) بِهِ (مَهْرٌ) لَهَا وَإِنْ طَاوَعَتْهُ (وَالْوَلَدُ) مِنْهُ (حُرٌّ) ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ فِي مِلْكِهِ (وَلَا تَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي قَوْلٍ لَهَا قِيمَتُهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلٍ يَأْتِي إنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِي وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ لَهَا، وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِهِ الْأَظْهَرِ أَنَّ حَقَّ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَمَا يُسَنُّ لَهُ وَحُكْمُ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يَلْزَمُ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَالْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (السَّيِّدُ) وَكَذَا وَارِثُهُ مُقَدَّمًا عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ وَلَوْ تَعَدَّدَ السَّيِّدُ وَجَبَ الْحَطُّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ أَوْ تَعَدَّدَ الرَّقِيقُ وَجَبَ الْحَطُّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ نَعَمْ يُسْتَثْنَى السَّيِّدُ الْمَرِيضُ إذَا لَمْ يَزِدْ الْمُكَاتَبُ عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الْإِيتَاءِ عَدَمُ عِتْقِهِ كُلِّهِ لِعَدَمِ خُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَحُطَّ) أَيْ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ عَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (جُزْءًا مِنْ الْمَالِ) إنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ مَا يَحُطُّ. قَوْلُهُ: (الْمُكَاتَبُ عَلَيْهِ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَقُومُ مَقَامَهُ) أَيْ الْمَقْبُوضُ غَيْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ إنْ رَضِيَ الْعَبْدُ بِهِ وَالدَّفْعُ بَدَلٌ عَنْ الْحَطِّ وَالْآيَةُ شَامِلَةٌ لَهُمَا وَالْحَطُّ إيتَاءٌ وَزِيَادَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُحَقَّقٌ. قَوْلُهُ: (أَلْيَقُ) أَيْ أَنْسَبُ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ. قَوْلُهُ: (مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَالِ) وَهُوَ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ مِنْ أَوَّلِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ) فِي الْحَطِّ مُطْلَقًا وَفِي الدَّفْعِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ آنِفًا مِنْ أَنَّهُ فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ إلَخْ، فَهُوَ وَاجِبٌ مُوَسَّعٌ كَمَا.

قَالَهُ الْبَغَوِيّ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ رُبُعٌ) وَأَوْجَبَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَفْضَلُ مِنْهُ ثُلُثٌ وَأَقَلُّ مِنْهُ خُمُسٌ فَسُدُسٌ وَهَذَا فِي حَقِّ الْمُتَصَرِّفِ عَنْ نَفْسِهِ أَمَّا الْوَلِيُّ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ

مُرَاعَاةً لِلْمَصْلَحَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ) وَشَرْطُهُ فِي الْعَقْدِ مُفْسِدٌ لَهُ عِنْدَنَا وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ بِفَسَادِ الشَّرْطِ فَقَطْ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِصِحَّتِهِمَا وَغَيْرُ الْوَطْءِ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهَا كَالْمُحَرَّمِ وَمِثْلُهَا الْمُبَعَّضَةُ وَكَذَا أَمَةُ مُكَاتَبِهِ وَيَلْزَمُ بِإِحْبَالِهَا قِيمَتُهَا. قَوْلُهُ: (لِاخْتِلَالِ مِلْكِهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ فَيَجُوزُ الْوَطْءُ فِي الْفَاسِدَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ بِهِ مَهْرٌ) وَاحِدٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْوَطْءُ مَا لَمْ يُؤَدِّ قَبْلَ وَطْءٍ آخَرَ، وَلَوْ عَجَزَتْ قَبْلَ أَخْذِهِ سَقَطَ أَوْ حَلَّ نَجْمٌ قَبْلَهُ وَقَعَ الْقِصَاصُ بِشَرْطِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) هُوَ قَيْدٌ لِكَوْنِهِ حُرًّا نَسِيبًا. قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَبْدِهَا. قَوْلُهُ: (مَعَ قَوْلٍ آخَرَ) وَعَلَى هَذَا لَا قِيمَةَ قَطْعًا فَصَحَّ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (وَصَارَتْ) .

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَجُوزُ فِي الصَّيْرُورَةِ فِي الْمُكَاتَبَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ سَابِقَةٌ وَقَدْ يُقَالُ الصَّيْرُورَةُ بِاعْتِبَارِ انْضِمَامِ الْوَصْفَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَجَزَتْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ) أَيْ عَنْ الْإِيلَادِ وَتَبِعَهَا أَوْلَادُهَا فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ عَجْزِهَا أَوْ أَدَّتْ النُّجُومَ أَوْ نُجِزَ عِتْقُهَا عَتَقَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ وَتَبِعَهَا كَسْبُهَا وَوَلَدُهَا قَوْلُهُ: (وَوَلَدُهَا) أَيْ الْحَادِثُ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ وَقَبْلَ الْكِتَابَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنَى مُكَاتَبٍ) أَيْ لَهُ حُكْمُ الْمُكَاتَبِ تَبَعًا لَهَا وَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ مُكَاتَبَتُهُ اسْتِقْلَالًا وَيَعْتِقُ بِالْأَسْبَقِ مِنْ أَدَائِهِ وَعِتْقِ أُمِّهِ وَلِلسَّيِّدِ

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يَحُطَّ عَنْ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ]

فَصْلٌ يَلْزَمُ السَّيِّدَ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ) لَوْ حَطَّ مِنْ غَيْرِ النُّجُومِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا إعَانَةَ فِيهِ عَلَى الْعِتْقِ قَوْلُهُ: (قَالَ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ} [النور: ٣٣] إلَخْ) ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْإِيتَاءُ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الضَّمِيرَ لِلسَّادَاتِ، وَعَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَتَعَذَّرَ كَالزَّكَاةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنَّهُ يَكْفِي إلَخْ) لِإِطْلَاقِ الْإِيتَاءِ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَالثَّانِي: اسْتَنْبَطَ مِنْهَا مَعْنَى خَصَّصَهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ خَالَفَهُ الْمُتْعَةُ؛ لِأَنَّ آيَتَهَا تَعَرَّضَتْ لِلتَّقْدِيرِ حَيْثُ قَالَ {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٦] ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ) يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ وُجُوبًا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَوُجُوبًا مُوَسَّعًا، وَيَضِيقُ عِنْدَ الْعَقْدِ.

قَالَ الْبَغَوِيّ الثَّانِي أَنْ يَدْخُلَ فِي الْعَقْدِ وَقْتَ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي الْإِيتَاءِ كَدُخُولِ رَمَضَانَ لِجَوَازِ دَفْعِ زَكَاةِ الْفِطْرَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسْتَحَبُّ) ذَهَبَ أَحْمَدُ إلَى وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ، وَالْقَاعِدَةُ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ،

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ) لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَقَالَ مَالِكٌ فَسَدَ، الشَّرْطُ فَقَطْ، وَقَالَ أَحْمَدُ يَصِحَّانِ.

(فَرْعٌ) يَجُوزُ الْوَطْءُ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجِبُ قِيمَتُهُ إلَخْ) .

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ تَأَخَّرَ الْوَضْعُ إلَى بَعْضِ الْعِتْقِ لَمْ تَجِبْ الْقِيمَةُ، قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَتْبَعُهَا) مَعَ التَّبَعِيَّةِ هُنَا كَوْنُهُ تَابِعًا فِي الْعِتْقِ بِسَبَبِ الْكِتَابَةِ حَتَّى لَوْ انْجَرَّ عِتْقُهَا قَبْلَ الْأَدَاءِ، عَتَقَتْ مِنْ الْكِتَابَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>