للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

ِ جَمْعُ يَمِينٍ (لَا تَنْعَقِدُ) الْيَمِينُ (إلَّا بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ لَهُ) بِأَنْ يَحْلِفَ بِمَا مَفْهُومُهُ الذَّاتُ أَوْ الصِّفَةُ وَالذَّاتُ. (كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) أَيْ مَالِكِ الْمَخْلُوقَاتِ (وَالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَمَنْ نَفْسِي بِيَدِهِ) أَيْ قُدْرَتِهِ يُصَرِّفُهَا كَيْفَ يَشَاءُ،.

ــ

[حاشية قليوبي]

الرَّمْيِ وَكَانَتْ إصَابَتُهُ لِلْغَرَضِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ بِوَاسِطَةِ الرِّيحِ لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ، وَحَمَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ.

فَرْعٌ: يُنْدَبُ حُضُورُ شَاهِدَيْنِ عِنْدَ الْغَرَضِ لِيَشْهَدَا عَلَى الْمُصِيبِ وَالْمُخْطِئِ وَيَطْلُبُ مِنْهُمَا عَدَمَ مَدْحِ الْأَوَّلِ وَعَدَمَ ذَمِّ الثَّانِي.

كِتَابُ الْأَيْمَانِ

بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَلَعَلَّ ذِكْرَهَا هُنَا لِعَدَمِ احْتِيَاجِ مَا قَبْلَهَا إلَيْهَا كَمَا مَرَّ، وَتَوْطِئَةٌ لَبَابِ الْقَضَاءِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا فِيهِ وَذَكَرَ مَعَهَا النَّذْرَ لِأَنَّ أَحَدَ قِسْمَيْهِ يَمِينٌ وَفِيهِ كَفَّارَتُهُ. قَوْلُهُ: (جَمْعُ يَمِينٍ) وَهِيَ لُغَةً الْيَدُ الْيُمْنَى وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا حَلَفَ أَحَدُهُمْ أَخَذَ يَمِينَ صَاحِبِهِ بِيَمِينِهِ وَالْيَمِينُ وَالْقَسَمُ وَالْحَلِفُ وَالْإِيلَاءُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَلِفَ أَعَمُّ وَشَرْعًا تَحْقِيقُ أَمْرٍ مُحْتَمِلٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ قِيلَ وَبِفَتْحِهَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ مَاضِيًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا، فِيهِمَا عَالِمًا بِهِ الْحَالِفُ أَوْ جَاهِلًا فَالْمُرَادُ احْتِمَالُ الصِّيغَةِ فِي ذَاتِهَا، لِأَمْرٍ غَيْرِ مُحَقَّقِ الْوُجُودِ أَوْ الْعَدَمِ فَخَرَجَ بِالتَّحْقِيقِ لَغْوُ الْيَمِينِ وَبِالْمُحْتَمَلِ نَحْوُ لَأَمُوتَنَّ لِصِدْقِهِ بِتَحْقِيقِ وُقُوعِهِ مَعَ عَدَمِ تَصَوُّرِ الْحِنْثِ فِيهِ، وَإِنَّمَا حَنِثَ فِي نَحْوِ لَأَقْتُلَنَّ الْمَيِّتَ لِعَدَمِ صِدْقِهِ بِتَحَقُّقِ عَدَمِهِ فَفِيهِ هَتْكُ حُرْمَةِ الْيَمِينِ.

قَوْلُهُ: (بِذَاتِ اللَّهِ) خَرَجَ ذَاتُ غَيْرِهِ كَالنَّبِيِّ وَالْوَلِيِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مَعْصِيَةً وَحُمِلَ عَلَى الزَّجْرِ عَنْهُ وَالتَّنْفِيرِ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَحْلِفَ) أَيْ الْمُكَلَّفُ الْمُخْتَارُ وَلَوْ حُكْمًا فَدَخَلَ السَّكْرَانُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْيَمِينِ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (بِمَا مَفْهُومُهُ) أَيْ بِلَفْظِ مُسَمَّاهُ الذَّاتِ أَوْ الصِّفَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَيْسَا يَمِينَيْنِ، كَقَوْلِهِ بِذَاتِ اللَّهِ أَوْ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ بِصِفَةِ اللَّهِ كَذَا وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ لَكِنْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا خِلَافَهُ وَأَنَّ ذَلِكَ يَمِينٌ.

قَوْلُهُ: (أَوْ الصِّفَةُ) هِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَيَدْخُلُ مَا مَفْهُومُهُ هُمَا مَعًا كَالْخَالِقِ. قَوْلُهُ: (وَالذَّاتُ) وَهِيَ الِاسْمُ الدَّالُ عَلَيْهَا وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الصِّفَةِ وَهَذَا مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ وَمَا بَعْدَهُ كَمَا ذَكَرَهُ لِقَابِلَتِهِ بِمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ وَالصِّفَةُ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِالْفَاءِ بَدَلَ الْوَاوِ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الصِّفَةَ وَحْدَهَا لَا تَكُونُ يَمِينًا وَصَرِيحُ مَا يَأْتِي يُخَالِفُهُ وَيَنْتَظِرُ مِمَّا ذَكَرَهُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ مَا اخْتَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَمَا هُوَ فِيهِ أَغْلَبُ وَمَا هُوَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءٌ. وَمَا هُوَ فِي غَيْرِهِ أَغْلَبُ وَمَا هُوَ صِفَةٌ لَهُ وَإِدْخَالُ بَعْضِهِمْ الرَّابِعَ فِي الثَّالِثِ نَظَرًا لِصِحَّةِ الْإِطْلَاقِ لَا لِلْعُرْفِ كَالْعَالَمِ.

قَوْلُهُ: (وَكُلُّ اسْمٍ مُخْتَصٍّ بِهِ تَعَالَى) وَلَوْ بِالْإِضَافَةِ أَوْ مُشْتَقًّا أَوْ مِنْ غَيْرِ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى كَصَانِعِ الْمَوْجُودَاتِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمِنْهُ الْجَنَابُ الرَّفِيعُ وَالِاسْمُ الْأَعْظَمُ وَمُقَسِّمُ الْأَدْيَانِ وَفِي شَرْحِهِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ بِالْجَنَابِ الرَّفِيعِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ كِنَايَةً.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْحَالِفُ أَيْ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْحِنْثِ دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَيْ بِهَذَا الْقَسَمِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ يَعْنِي الْمُخْتَصَّ بِهِ، تَعَالَى أَيْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَيْ بِإِفْرَادِهِ الْيَمِينَ لِأَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إرَادَتِهِ فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْ الْيَمِينِ إلَّا بِصَرْفِهِ بِإِرَادَةِ غَيْرِ الْيَمِينِ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ عَدَمُ إرَادَةِ الْيَمِينِ وَإِرَادَةُ عَدَمِ الْيَمِينِ، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هِيَ الْأُولَى وَبَقِيَ مَسْأَلَةٌ ثَالِثَةٌ لَيْسَتْ فِي الْمِنْهَاجِ وَهِيَ إرَادَةُ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِاسْمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي فِي هَذَا الْقَسَمِ وَحُكْمُهَا عَدَمُ قَبُولِهِ فِي ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ إنَّ هَذِهِ الَّتِي فِي الْمِنْهَاجِ بِجَعْلِ ضَمِيرِ بِهِ عَائِدًا لِاسْمِ اللَّهِ فَقَطْ، وَإِنَّهُ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ لَمْ أُرِدْ بِهِ اللَّهَ تَعَالَى، لِأَنَّ إرَادَةَ غَيْرِ الْيَمِينِ مَقْبُولَةٌ غَيْرُ مُصِيبٍ بَلْ هُوَ سَاهٍ أَوْ غَافِلٌ أَوْ جَاهِلٌ بِأَسَالِيبِ

ــ

[حاشية عميرة]

إصَابَةِ مَوْضِعِهِ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الَّذِي أَصَابَ الْغَرَضُ فَإِنَّهُ قَدْ قَصَدَهُ فَيُحْسَبُ عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ هَذَا غَايَةُ مَا ظَهَرَ لِي فَلْيُتَأَمَّلْ فَقَدْ تَأَمَّلْت بَعْدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.

كِتَابُ الْأَيْمَانِ

إلَخْ قَوْلُهُ: (بِذَاتِ اللَّهِ) خَرَجَ بِذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ وَالْكَعْبَةُ وَالْمَلَائِكَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ لِحَدِيثِ «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» .

قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ بِغَيْرِهِ مَعْصِيَةٌ وَبِهَا صَرَّحَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَقَطَعَ الْإِمَامُ بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ وَمِنْ ذَلِكَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَاعْتَرَضَ ابْنُ بَرْهَانٍ التَّعْبِيرَ بِالذَّاتِ فِي كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءِ، وَقَالَ لَيْسَتْ بِهَذَا الْمَعْنَى يَعْنِي الْحَقِيقَةَ مَعْرُوفَةٌ فِي اللُّغَةِ وَإِنَّمَا هِيَ بِمَعْنَى صَاحِبَةٍ، قَوْلُهُ: (بِمَا مَفْهُومُهُ الذَّاتُ) أَرَادَ بِهَذَا سَائِرَ مَا يَأْتِي إلَى قَوْلِهِ وَالصِّفَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّازِقَ وَالْخَالِقَ وَنَحْوَهُمَا مَفْهُومُهَا الذَّاتُ لِأَنَّهَا أَسْمَاءٌ لَهَا.

وَهِيَ الْمُرَادَةُ مِنْهَا وَكَذَا الشَّيْءُ وَالْمَوْجُودُ وَنَحْوُهُ إذَا أُرِيدَ بِهِ الذَّاتُ تَكُونُ مَفْهُومَةً وَقَوْلُهُ أَوْ مَفْهُومُهُ الصِّفَةُ وَالذَّاتُ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَ وَالصِّفَةُ كَوَعَظَمَةِ اللَّهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَالِفَ بِالْعَظَمَةِ الْمُضَافَةِ لِلَّهِ تَعَالَى فَالْعَظَمَةُ مَحْضُ صِفَةٍ. وَالْمُضَافُ إلَيْهِ مَفْهُومُهُ الذَّاتُ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَحَلُّ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَنَظَرٍ فَإِنَّ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ وَالْخَالِقَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مَفْهُومُهَا الصِّفَةُ وَالذَّاتُ بِلَا رَيْبٍ، وَأَمَّا نَحْوُ وَعَظَمَةِ اللَّهِ فَالْمَحْلُوفُ بِهِ نَفْسُ الْعَظَمَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>