للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَمْلًا عَلَى الْمُسَامَحَةِ الْمُعْتَادَةِ فِي الطَّعَامِ سِيَّمَا فِي حَقِّ الْمُضْطَرِّ، وَالثَّانِي عَلَيْهِ الْعِوَضُ لِأَنَّهُ خَلَّصَهُ مِنْ الْهَلَاكِ كَمَا فِي الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ يَلْزَمُ مَعَهُ الدِّيَةُ فَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ مَا أَكَلَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ. .

(وَلَوْ وَجَدَ مُضْطَرٌّ مَيْتَةً وَطَعَامَ غَيْرِهِ) وَهُوَ غَائِبٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصِلْهَا. (أَوْ مُحْرِمٌ مَيْتَةً وَصَيْدًا فَالْمَذْهَبُ أَكْلُهَا) وَالثَّانِي أَكْلُ الطَّعَامِ وَالصَّيْدِ وَالثَّالِثُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَالْأَوَّلُ نَجَسٌ لَا ضَمَانَ فِيهِ وَالثَّانِي طَاهِرٌ فِيهِ الضَّمَانُ وَالْخِلَافُ فِي الْأُولَى أَوْجَهُ، وَيُقَالُ أَقْوَالٌ وَفِي الثَّانِيَةِ قَوْلَانِ وَالثَّالِثُ قَوْلٌ أَوْ وَجْهٌ وَفِيهَا طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِالْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا يَذْبَحُهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الصَّيْدِ مَيْتَةً. (وَالْأَصَحُّ) فِي الْمُضْطَرِّ (تَحْرِيمُ قَطْعِ بَعْضِهِ) كَلَحْمَةٍ مِنْ فَخِذِهِ (لِأَكْلِهِ) بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْهَلَاكُ. (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (الْأَصَحُّ جَوَازُهُ) لِأَنَّهُ إتْلَافُ بَعْضٍ لِاسْتِيفَاءِ الْكُلِّ كَقَطْعِ الْيَدِ لِلْأَكْلَةِ (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْجَوَازُ (فَقْدُ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا) مِمَّا تَقَدَّمَ (وَأَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ فِي قَطْعِهِ أَقَلَّ) مِنْ الْخَوْفِ فِي تَرْكِ الْأَكْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ. .

(وَيَحْرُمُ قَطْعُهُ) أَيْ بَعْضِ الْإِنْسَانِ مِنْ نَفْسِهِ (لِغَيْرِهِ) أَيْ الْمُضْطَرِّ (وَ) قَطْعُهُ (مِنْ مَعْصُومٍ) لِنَفْسِهِ أَيْ الْمُضْطَرِّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ لِنَفْسِهِ مِنْ مَعْصُومِ غَيْرِهِ وَلَا لِلْغَيْرِ أَنْ يَقْطَعَ نَفْسَهُ لِلْمُضْطَرِّ. .

كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ الْأَوَّلُ عَلَى الْخَيْلِ وَنَحْوِهَا، وَالثَّانِي عَلَى السِّهَامِ وَنَحْوِهَا كَمَا سَيَأْتِي. (هُمَا) إذَا قُصِدَ بِهِمَا التَّأَهُّبُ لِلْجِهَادِ، (سُنَّةٌ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَسْنُونٌ (وَيَحِلُّ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَيْهِمَا) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. .

(وَتَصِحُّ الْمُنَاضَلَةُ عَلَى سِهَامٍ وَكَذَا مَزَارِيقُ وَرِمَاحٌ وَرَمْيٌ بِأَحْجَارٍ وَكُلُّ نَافِعٍ فِي الْحَرْبِ) بِالْيَدِ وَبِالْمِقْلَاعِ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (يَلْزَمُهُ مَعَهُ الدِّيَةُ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَجَدَ مُضْطَرٌّ مَيْتَةً) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ غَائِبٌ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَوْ لِأَجْلِ التَّفْصِيلِ فِي مَفْهُومِهِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ إسْقَاطُهُ أَخْذًا بِعُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ الْحَاضِرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ الْبَذْلِ كَذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ قَهْرُهُ وَلَا قِتَالُهُ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي. قَوْلُهُ: (أَوْ مُحْرِمٌ إلَخْ) .

قَالَ شَيْخُنَا وَيَتَخَيَّرُ الْمُحْرِمُ بَيْنَ الصَّيْدِ وَطَعَامِ الْغَيْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ بِقَتْلِهِ صَارَ مَيْتَةً فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ أَكْلُهَا) أَيْ الْمَيْتَةِ وَهُوَ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَجِبُ فِيهِمَا وَلَا يَجُوزُ قَهْرٌ وَلَا مُقَاتَلَةٌ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَفِيهَا طَرِيقٌ) فَغَلَبَتْ عَلَى الْأُولَى فِي التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ فِيهِمَا الْمُوجِبِ لِتَقْدِيمِهَا عَلَى طَعَامِ الْغَيْرِ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صَيْدَ الْحَرَمِ لِلْحَلَالِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ بَذَلَ الْحَاضِرُ طَعَامَهُ مَجَّانًا أَوْ بِثَمَنَيْ مِثْلِهِ كَمَا مَرَّ أَوْ بِزِيَادَةٍ يُتَغَابَنُ بِهَا فَلَا تَحِلُّ الْمَيْتَةُ وَيُنْدَبُ لِلْمُضْطَرِّ شِرَاءُ الطَّعَامِ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي لَا يُتَغَابَنُ بِهَا وَلَهُ أَنْ يَحْتَالَ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ لِيَلْزَمَهُ ثَمَنُ الْمِثْلِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمُحْرِمُ إلَّا صَيْدًا وَالْحَلَالُ إلَّا صَيْدَ الْحَرَمِ أَكَلَهُ وَافْتَدَى. قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ) احْتِرَازٌ عَنْ اسْمِ الْفَاعِلِ أَوْ عَنْ الْكُلِّ الْمُقَابِلِ لِلْبَعْضِ قَوْلُهُ: (جَوَازُهُ) فَلَيْسَ وَاجِبًا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (مِمَّا تَقَدَّمَ) كَالْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ. قَوْلُهُ: (أَقَلُّ إلَخْ) أَوْ عَدَمُ الْخَوْفِ مِنْ أَصْلِهِ قَوْلُهُ: (أَوْ أَكْثَرُ) أَوْ كَانَ الْخَوْفُ فِي الْقَطْعِ وَحْدَهُ بِالْأَوْلَى.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ قَطْعُهُ أَيْ بَعْضُ الْإِنْسَانِ) أَيْ الْمَعْصُومِ قَوْلُهُ: (لِغَيْرِهِ) مَا لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا فَيَجِبُ لَهُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَمِنْ مَعْصُومٍ) أَيْ عَلَى الْقَاطِعِ فَيَدْخُلُ امْتِنَاعُهُ مِنْ أَحَدِ الْمُهْدِرِينَ لِآخَرَ.

كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ الْأُولَى مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّبْقِ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ التَّقَدُّمُ وَأَمَّا بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فَاسْمٌ لِلْمَالِ الَّذِي يُجْعَلُ بَيْنَ الْمُتَسَابِقِينَ وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْأُولَى كَمَا يَأْتِي مَأْخُوذَةٌ مِنْ النَّضْلِ وَهُوَ الْغَلَبَةُ يُقَالُ نَضَلَهُ غَلَبَهُ وَنَاضَلَهُ غَالَبَهُ وَزْنًا وَمَعْنًى،

وَلَمْ يَسْبِقْ أَحَدٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ الْإِمَامَ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الْعَفْوِ الْمُطْلَقِ عَدَمُ لُزُومِ الدِّيَةِ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي أَكْلُ الطَّعَامِ) لِحِلِّ عَيْنِهِ قَوْلُهُ: (طَاهِرًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا يَذْبَحُهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الصَّيْدِ لَيْسَ بِمَيْتَةٍ، قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ فِي الْأَوْلَى إلَخْ) .

أَيْ فَبِالنَّظَرِ إلَى اخْتِلَافِ الْأَصْحَابِ فِي نَوْعِ الْخِلَافِ سَاغَ التَّغْيِيرُ بِالْمَذْهَبِ فِي الْجُمْلَةِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَلَّدُ إلَخْ) وَكَقَطْعِهِ مِنْ غَيْرِهِ بِجَامِعِ الْعِصْمَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ قَطْعُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ، قَوْلُهُ: (وَمِنْ مَعْصُومٍ) لِأَنَّ عِصْمَةَ بَعْضِهِ كَعِصْمَةِ كُلِّهِ.

قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَهُوَ يَفْهَمُ جَوَازَ قَطْعِ الْبَعْضِ مِنْ غَيْرِ الْمَعْصُومِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِلتَّعْذِيبِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ.

تَتِمَّةٌ: فِي إعْطَاءِ النَّفْسِ حَظَّهَا مِنْ الشَّهَوَاتِ الْمُبَاحَةِ مَذَاهِبُ حَكَاهَا الْمَاوَرْدِيُّ أَحَدُهَا مَنْعُهَا وَقَهْرُهَا كَيْ لَا تَطْغَى وَالثَّانِي إعْطَاؤُهَا تَحَيُّلًا عَلَى نَشَاطِهَا وَبَعْثًا لِرُوحَانِيَّتِهَا، وَالثَّالِثُ قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ التَّوَسُّطُ لِأَنَّ فِي إعْطَاءِ الْكُلِّ سَلَاطَةً وَفِي الْمَنْعِ بَلَادَةً قَوْلُهُ (دَلَّ عَلَى ذَلِكَ) يُرِيدُ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَذْكُورٌ فِي الرَّافِعِيِّ لَمْ يَنْفَرِدْ النَّوَوِيُّ بِزِيَادَتِهِ.

[كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ]

سَابَقَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْخَيْلِ الَّتِي ضَمُرَتْ مِنْ الْحَيْفَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَعَلَى الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تَضْمُرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ وَالْمَسَافَةُ الْأُولَى خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ وَالثَّانِيَةُ مِيلٌ.

قَوْلُهُ: (عَلَى سِهَامٍ) أَيْ سَوَاءٌ الْعَرَبِيَّةُ مِنْهَا وَهِيَ النَّبْلُ وَالْعَجَمِيَّةُ وَهِيَ النُّشَّابُ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>