للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَرْبِيَّةٌ لِحُرْمَةِ قَتْلِهِمْ. (قُلْت الْأَصَحُّ حِلُّ قَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ الْحَرْبِيَّيْنِ لِلْأَكْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، نَقَلَ الرَّافِعِيُّ الْحِلَّ عَنْ الْإِمَامِ وَالْحُرْمَةُ عَنْ الْبَغَوِيّ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ قَوْلُ الْإِمَامِ. .

(وَلَوْ وَجَدَ طَعَامَ غَائِبٍ أَكَلَ) مِنْهُ (وَغَرِمَ) قِيمَةَ مَا أَكَلَهُ، وَفِي وُجُوبِ الْأَكْلِ وَالْقَدْرِ الْمَأْكُولِ الْخِلَافُ السَّابِقُ (أَوْ حَاضِرٌ مُضْطَرٌّ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ) ، بِالْمُعْجَمَةِ (إنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ فَإِنْ آثَرَ) بِالْمَدِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (مُضْطَرًّا مُسْلِمًا جَازَ) بِخِلَافِ الْكَافِرِ وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا (أَوْ غَيْرَ مُضْطَرٍّ لَزِمَهُ إطْعَامُ مُضْطَرٍّ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) وَنَحْوِهِ (فَإِنْ مَنَعَ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُضْطَرِّ (قَهْرُهُ) وَأَخْذُ الطَّعَامِ (وَإِنْ قَتَلَهُ) وَلَا شَيْءَ فِي قَتْلِهِ إلَّا إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَالْمُضْطَرُّ غَيْرُ مُسْلِمٍ ثُمَّ الْمَقْهُورُ عَلَيْهِ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ، وَفِي قَوْلٍ قَدْرَ الشِّبَعِ (وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ) الْإِطْعَامُ (بِعِوَضٍ نَاجِزٍ إنْ حَضَرَ وَإِلَّا فَبِنَسِيئَةٍ) وَلَا يَلْزَمُهُ بِلَا عِوَضٍ (فَلَوْ أَطْعَمَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا فَالْأَصَحُّ لَا عِوَضَ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (الْقِيَاسُ تَحْرِيمُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَقَتْلُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) وَكَذَا قَتْلُ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ وَمِثْلُهُمَا زَانٍ مُحْصَنٌ وَتَارِكُ صَلَاةٍ وَلَا يُبْذَلُ لَهُمْ طَعَامٌ لَوْ اُضْطُرُّوا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا) أَيْ الْمُرْتَدَّ وَالْحَرْبِيَّ سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَكَذَا مِنْ أُلْحِقَ بِهِمَا. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ حِلُّ قَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ الْحَرْبِيِّينَ) وَكَذَا الْخُنْثَى وَالْمَجْنُونُ وَالْكَلَامُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَهُمْ مِنْ الْمَعْصُومِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَيُقَدَّمُ بَالِغٌ حَرْبِيٌّ عَلَى صَبِيٍّ كَذَلِكَ وَكَالصَّبِيِّ مَا أَشْبَهَهُ.

تَنْبِيهٌ: لَهُ الطَّبْخُ أَوْ الشَّيْءُ فِي مَيْتَةِ غَيْرِ الْآدَمِيّ الْمُحْتَرَم مُطْلَقًا وَكَذَا فِيهِ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْأَكْل بِدُونِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَجَدَ طَعَامَ غَائِبٍ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَيْتَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَإِلَّا قَدَّمَهَا عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي آنِفًا وَالْمُرَادُ الْغَائِبُ الْمَعْصُومُ غَيْرُ الْمُضْطَرِّ وَإِلَّا لَقَالَ فِي التَّصْحِيحِ يَفْصِلُ بَيْنَ مَا قَرُبَ حُضُورُهُ وَغَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (وَغَرِمَ قِيمَةَ مَا أَكَلَهُ) الْأَوْلَى بَدَلُهُ قَوْلُهُ: (الْخِلَافُ السَّابِقُ) وَالْأَصَحُّ مِنْهُ وُجُوبُ الْأَكْلِ بِقَدْرِ سَدِّ الرَّمَقِ إلَّا إنْ خَافَ تَلَفًا فَيَشْبَعُ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَاضِرٍ مُضْطَرٍّ) أَيْ وَجَدَ طَعَامَ حَاضِرٍ مَعْصُومٍ وَلَمْ يَجِدْ مَيْتَةً وَلَا غَيْرِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ لَهُ وَحُضُورُهُ الْوَلِيُّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ فِي مَالِ نَفْسِهِ.

قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ) أَيْ قَدْرَ سَدِّ رَمَقِهِ وَعُمُومُ هَذَا شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ آثَرَ) أَيْ صَاحِبُ الطَّعَامِ الَّذِي هُوَ الْحَاضِرُ الْمُضْطَرَّ إلَيْهِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (مُسْلِمًا) أَيْ مَعْصُومًا وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ وَيُقَسِّمُ بَيْنَهُمْ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا قُدِّمَ أَبٌ عَلَى ابْنٍ وَعَالِمٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَكَذَا نَحْوُ جِوَارٍ أَوْ رَحِمٍ وَإِلَّا تَخَيَّرَ فَيَدْفَعُهُ لِمَنْ شَاءَ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْكَافِرِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ إيثَارُ ظَاهِرِهِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الطَّعَامِ كَافِرًا أَيْضًا فَرَاجِعْهُ، إذْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَالْمُسْلِمَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِ مُضْطَرٍّ) أَيْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ طَعَامَ حَاضِرٍ غَيْرِ مُضْطَرٍّ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ مِنْ مَيْتَةٍ وَلَا غَيْرِهَا لَزِمَ صَاحِبُهُ إطْعَامُ الْمُضْطَرِّ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهُ) كَمُؤْمِنٍ وَالْمُرَادُ الْمَعْصُومُ.

قَوْلُهُ: (إلَّا إنْ كَانَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَائِدٌ إلَى الْقَهْرِ وَالْقِتَالِ أَيْ لَيْسَ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَقْهَرَ الْمُسْلِمَ، وَلَا يُقَاتِلُهُ وَإِذَا قَتَلَهُ ضَمِنَهُ بِدِيَتِهِ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ، وَكَذَا فِي قَتْلِ الْعَمْدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى عَدَمِ الضَّمَانِ، وَيُفْهَمُ مِنْ الضَّمَانِ مَنْعُ الْمُقَاتَلَةِ وَظَاهِرُهُ جَوَازُ الْقَهْرِ وَبِهِ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ قَالَ لِأَنَّهُ هُنَا مُقَصِّرٌ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَنْعُ أَكْلِهِ مَيْتَةَ الْمُسْلِمِ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ بِعِوَضٍ إلَخْ) لَعَلَّهُ فِي مُضْطَرٍّ لَمْ يَجِبْ إطْعَامُهُ عَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَصَاحِبُ الطَّعَامِ لَيْسَ مِنْهُمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَنَسِيئَةٌ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَشْتَرِي حَالًّا وَإِنْ رَضِيَ بِذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مُطَالَبَتَهُ حَالًّا وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَتَبِعَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ يَجُوزُ إذَا رَضِيَ وَيُمْنَعُ مِنْ مُطَالَبَتِهِ إلَى يَسَارِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى الْوَلِيُّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْعِوَضِ ثَمَنُ مِثْلِهِ زَمَانًا وَمَكَانًا وَلَهُ بَذْلُ سُتْرَتِهِ فِي ثَمَنِ طَعَامٍ وَيُصَلِّي عَارِيًّا بِلَا إعَادَةٍ فَإِنْ خَافَ مِنْ الْبَرْدِ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَذْلُهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ ذِكْرِهِ بِعَجْزِهِ عَنْ النُّطْقِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ الْعِوَضِ وَقَدْرِهِ صُدِّقَ الْمَالِكُ.

ــ

[حاشية عميرة]

الْحَاوِي وَشَرْحِ الْقُونَوِيِّ الْوُجُوبُ وَقَوْلُهُ أَكْلُ يَجِبُ فِي هَذَا الِاقْتِصَارُ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ قَطْعًا، وَلَا يَجُوزُ شَيُّهُ وَلَا طَبْخُهُ وَقَيَّدَ الرَّافِعِيُّ الْجَوَازَ وَبِمَا إذَا لَمْ يَجِدْ مَيْتَةً غَيْرَهُ، أَقُولُ كَانَ مُحَصَّلُ تَقْيِيدِ الرَّافِعِيِّ وَكَذَا امْتِنَاعُ الشَّيْءِ فِي مَيْتَةِ الْمَعْصُومِ.

قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ لِقَوْلِهِ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩] ، وَاعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ مُنِعَ فَلَهُ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ ذَلِكَ لِلذِّمِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ لَوْ وَجَدَ الذِّمِّيُّ مَيْتَةَ مُسْلِمٍ فَالْقِيَاسُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ اهـ. فَقَتْلُ الْحَيِّ أَوْلَى وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لَهُ انْتِزَاعُهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى قَتْلِهِ أَوْ تَلَفِ عَضُدِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْنَعَهُ مُطْلَقًا.

قَالَ فِي التَّصْحِيحِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ قَهْرُ مَالِكِ الطَّعَامِ وَانْتِزَاعُهُ إذَا لَمْ يَخْفَ، وَأَمَّا الْقِتَالُ فَلَا يَجِبُ وَقَوْلُهُ فَلَهُ إلَخْ اقْتَضَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ ثُمَّ مَحَلُّ هَذَا إذَا لَمْ يَجِدْ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةً فَإِنْ وَجَدَ فَلَيْسَ لَهُ الْمُقَاتَلَةُ نَصَّ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ قَرِيبًا.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَبِنَسِيئَةٍ) كَذَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَفَرَّعَا عَلَيْهِ أَنَّ الْمَالَ لَوْ كَانَ لِمَحْجُورٍ جَازَ لِوَلِيِّهِ الْبَيْعُ نَسِيئَةً.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ كُلُّهُ مُشْكِلٌ وَالْوَجْهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ إلَّا بِالْبَيْعِ حَالًّا، وَلَكِنْ لَا يُطَالَبُ إلَّا عِنْدَ الْقُدْرَةِ لِأَجْلِ الْإِعْسَارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>