للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ لَيْلًا فَأَخَّرَ حَتَّى يُصْبِحَ أَوْ حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ فَقَدَّمَهَا، أَوْ كَانَ جَائِعًا فَأَكَلَ، أَوْ مَرِيضًا، أَوْ مَحْبُوسًا أَوْ لَمْ يَجِدْ الْقَاضِيَ فَأَخَّرَ لَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى النَّفْيِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ النَّفْيِ بِالتَّأْخِيرِ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ.

، (وَلَهُ نَفْيُ حَمْلٍ وَانْتِظَارُ وَضْعِهِ) لِيَتَحَقَّقَ وَيَنْتَفِيَ احْتِمَالُ كَوْنِهِ رِيحًا، فَإِنْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهُ وَلَدٌ وَأَخَّرْت رَجَاءَ الْإِجْهَاضِ مَيِّتًا فَأَكْتَفِي كَشْفَ الْأَمْرِ، وَرَفْعَ السِّتْرِ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ النَّفْيِ فِي الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ لِتَأْخِيرِهِ بِلَا عُذْرٍ مَعَ عِلْمِهِ، وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يُتَيَقَّنُ فَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِ عَلِمْته.

(وَمَنْ أَخَّرَ) النَّفْيَ (وَقَالَ جَهِلْت الْوِلَادَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ كَانَ غَائِبًا) قَالَ فِي الشَّامِلِ إلَّا أَنْ تَسْتَفِيضَ وَتَنْتَشِرَ (وَكَذَا الْحَاضِرُ) يُصَدَّقُ (فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ جَهْلُهُ فِيهَا) بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِكَوْنِهِمَا فِي مَحَلَّةٍ أَوْ مَحَلَّتَيْنِ، أَوْ دَارٍ، أَوْ دَارَيْنِ، (وَلَوْ قِيلَ لَهُ: مُتِّعْتَ بِوَلَدِكَ أَوْ جَعَلَهُ اللَّهُ لَك وَلَدًا صَالِحًا فَقَالَ: آمِينَ، أَوْ نَعَمْ تَعَذَّرَ نَفْيُهُ) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ لِلْإِقْرَارِ بِهِ وَالْإِقْرَارُ لَا يَرْتَفِعُ بِالنَّفْيِ (وَإِنْ قَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، أَوْ بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ فَلَا) يَتَعَذَّرُ نَفْيُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَصَدَ مُكَافَأَةَ الدُّعَاءِ بِالدُّعَاءِ.

(وَلَهُ اللِّعَانُ مَعَ إمْكَانِ بَيِّنَةٍ بِزِنَاهَا) لِأَنَّهُ حُجَّةٌ كَالْبَيِّنَةِ (وَلَهَا) اللِّعَانُ (لِدَفْعِ حَدِّ الزِّنَى عَنْهَا بِلِعَانِهِ) وَلَا يَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهَا غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنْ أَثْبَتَ زِنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُلَاعِنَ لِدَفْعِ الْحَدِّ، لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ فَلَا يُقَاوِمُ الْبَيِّنَةَ.

فَصْلٌ (لَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ وَلَدٍ، وَإِنْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ وَزَالَ النِّكَاحُ) بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ بَلْ يَلْزَمُهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ، (وَلِدَفْعِ حَدِّ الْقَذْفِ، وَإِنْ زَالَ النِّكَاحُ وَلَا وَلَدَ وَلِتَعْزِيرِهِ) أَيْ وَلِدَفْعِ تَعْزِيرِ الْقَذْفِ بِأَنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ كَالذِّمِّيَّةِ وَالرَّقِيقَةِ وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي يُوطَأُ مِثْلُهَا.

(لَا تَعْزِيرَ تَأْدِيبٍ لِكَذِبٍ) مَعْلُومٍ (كَقَذْفِ طِفْلَةٍ لَا تُوطَأُ) أَوْ صِدْقٍ ظَاهِرٍ كَقَذْفِ كَبِيرَةٍ ثَبَتَ زِنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهَا وَالتَّعْزِيرُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ يُقَالُ فِيهِ تَعْزِيرُ تَكْذِيبٍ، وَلَا يُسْتَوْفَى إلَّا بِطَلَبِهَا وَتَعْزِيرُ التَّأْدِيبِ فِي الطِّفْلَةِ يَسْتَوْفِيهِ الْقَاضِي مَنْعًا لَهُ مِنْ الْإِيذَاءِ وَالْخَوْضِ فِي الْبَاطِلِ، وَفِي الْكَبِيرَةِ الْمَذْكُورَةِ، لَا يُسْتَوْفَى إلَّا بِطَلَبِهَا عَلَى الصَّحِيحِ.

(وَلَوْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ، أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا أَوْ صَدَّقَتْهُ) فِيهِ (وَلَا وَلَدَ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (أَوْ سَكَتَتْ عَنْ طَلَبِ الْحَدِّ) وَلَمْ تَعْفُ (أَوْ جُنَّتْ بَعْدَ قَذْفِهِ) وَلَا وَلَدَ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْضًا (فَلَا لِعَانَ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِسُقُوطِ الْحَدِّ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ وَلِانْتِفَاءِ طَلَبِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، وَالثَّانِي لَهُ اللِّعَانُ لِغَرَضِ الْفُرْقَةِ الْمُؤَبَّدَةِ وَالِانْتِقَامِ مِنْهَا

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (لِعُذْرٍ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مِنْ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ إلَّا قَلِيلًا مِنْهَا، وَظَاهِرُ قِيَاسِهِ عَلَى الْعَيْبِ كَمَا سَبَقَ كَمَا تُعْتَبَرُ أَعْذَارًا هُنَاكَ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ اعْتِبَارُ الْأَضْيَقِ فِيهِمَا فَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ حَقُّهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (جَهِلْت الْوِلَادَةَ) وَكَذَا لَوْ ادَّعَى جَهْلَ النَّفْيِ، أَوْ الْفَوْرِيَّةِ فِيهِ كَمَنْ أَسْلَمَ وَقَرُبَ عَهْدُهُ، أَوْ قَالَ لَمْ أُصَدِّقْ الْمُخْبِرَ وَهُوَ غَيْرُ عَدْلٍ. قَوْلُهُ: (تَعَذَّرَ نَفْيُهُ) مَا لَمْ يُحْمَلْ عَلَى وَلَدٍ آخَرَ لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ) أَيْ فِي وَقْتٍ لَا يُنَافِي الْفَوْرَ.

قَوْلُهُ: (وَلَهَا) بَلْ يَلْزَمُهَا إنْ صَدَّقَتْ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ بَعْدَ نَفْيِ وَلَدٍ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقِسْمَةِ تَرِكَتِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ الْكُفَّارِ تَبِعَهُ، وَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَنُقِضَتْ الْقِسْمَةُ وَرَجَعَ الْإِرْثُ لَهُ وَلَا نَظَرَ لِلتُّهْمَةِ.

فَصْلٌ

فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى اللِّعَانِ وَحُكْمِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلِدَفْعِ حَدِّ الْقَذْفِ) إنْ طُولِبَ بِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ مُحْصَنَةٍ) أَوْ مُكْرَهَةً، أَوْ نَائِمَةً، أَوْ جَاهِلَةً بِالْحُكْمِ.

قَوْلُهُ: (طِفْلَةٍ) وَكَذَا مَمْسُوحٌ وَرَتْقَاءُ وَقَرْنَاءُ إنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالدُّبُرِ، وَيُسْتَفْصَلُ لَوْ أَطْلَقَ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِطَلَبِهَا) أَيْ فِي غَيْرِ الصَّغِيرَةِ،

ــ

[حاشية عميرة]

أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَانِ أَيْ لَمْ يَلْحَقْهُ أَيْ وَلَدٌ اسْتَلْحَقَهُ. قَوْلُهُ (عَلَى قَوْلِ الْفَوْرِ) صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ لِعُذْرٍ عَنْ الثَّلَاثِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (مَعَ إمْكَانِ بَيِّنَةٍ) ظَاهِرُ الْقُرْآنِ يُخَالِفُهُ وَلَكِنْ صَدَّ عَنْهُ الْإِجْمَاعُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِنْ أَحْسَنِ الْأَجْوِبَةِ أَنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَلَى سَبَبٍ، وَسَبَبُ الْآيَةِ كَانَ الزَّوْجُ فِيهِ فَاقِدَ الْبَيِّنَةِ، قَوْلُهُ: (وَلَهَا لِدَفْعِ حَدِّ الزِّنَى) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ لَهَا تَرْكَهُ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ كَاذِبًا لَكِنْ صَرَّحَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي الْقَوَاعِدِ بِالْوُجُوبِ لِئَلَّا تُجْلَدَ أَوْ تُرْجَمَ فَتَفْضَحَ أَهْلَهَا

[فَصْلٌ لَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَإِنْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ وَزَالَ النِّكَاحُ]

فَصْلٌ لَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ وَلَدٍ

أَيْ وَلَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ ثَمَرَاتِ اللِّعَانِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا يَضُرُّ تَخَلُّفُ بَعْضِهَا فِي مِثْلِ هَذَا، قَوْلُهُ: (وَلِدَفْعِ حَدٍّ) لَوْ أَضَافَ الزِّنَى إلَى مَا قَبْلَ النِّكَاحِ فَلَا لِعَانَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي، قَوْلُهُ: (وَلِتَعْزِيرِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يُسْقِطُ الْحَدَّ فَالتَّعْزِيرُ أَوْلَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفُرْقَةَ تَثْبُتُ بِهَذَا اللِّعَانِ وَأَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَإِنْ زَالَ النِّكَاحُ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ تُوهِمُ خِلَافَ الثَّانِي

قَوْلُهُ: (تَعْزِيرُ تَكْذِيبٍ) كَأَنْ وَجْهَ التَّسْمِيَةِ مَا فِي التَّعْزِيرِ مِنْ إظْهَارِ كَذِبِ الْقَاذِفِ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا وَمَنْ ثَبَتَ زِنَاهَا

قَوْلُهُ: (عَنْ الْحَدِّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>