للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ يَمْلِكُ الْحَجْرَ عَلَيْهَا

(وَمَنْ سَرَقَ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ إنْ فُرِزَ) بِالْفَاءِ وَالزَّايِ آخِرُهُ (لِطَائِفَةٍ لَيْسَ هُوَ مِنْهُمْ قُطِعَ) إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُفْرَزْ لِطَائِفَةٍ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي الْمَسْرُوقِ كَمَالِ مَصَالِحَ وَكَصَدَقَةٍ وَهُوَ فَقِيرٌ فَلَا) يُقْطَعُ لِلشُّبْهَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ (قُطِعَ) لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ.

(وَالْمَذْهَبُ قَطْعُهُ بِبَابِ مَسْجِدٍ وَجِذْعِهِ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (لَا حُصْرٍ وَقَنَادِيلَ تُسْرَجُ) فِيهِ لِأَنَّ لِلْمُسْلِمِ الِانْتِفَاعَ بِهَا بِالْفُرُشِ وَالِاسْتِضَاءَةِ بِخِلَافِ بَابِهِ وَجِذْعِهِ فِي سَقْفٍ مَثَلًا فَإِنَّهُمَا لِتَحْصِينِهِ وَعِمَارَتِهِ، وَرَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَ وَجْهٍ فِيهِمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ وَالْمَسْجِدُ مُشْتَرَكٌ وَذَكَرَ فِي الْحُصْرِ وَالْقَنَادِيلِ وَجْهَيْنِ، وَثَالِثًا فِي الْقَنَادِيلِ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُقْصَدُ لِلِاسْتِضَاءَةِ وَمَا يُقْصَدُ لِلزِّينَةِ أَيْ فَيُقْطَعُ فِي الثَّانِي كَمَا يُقْطَعُ فِيهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى الْجَازِمَةِ الْمُقَابِلِ لَهَا مَا رَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخِلَافِ وَالذِّمِّيُّ يُقْطَعُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ بِلَا خِلَافٍ.

(وَالْأَصَحُّ قَطْعُهُ بِمَوْقُوفٍ سَرَقَهُ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (إنْ فُرِزَ) أَيْ أَفْرَزَهُ الْإِمَامُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ وَهَذَا الْقَيْدُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ، قَوْلُهُ: (لِطَائِفَةٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ خِلَافًا لِلْإِمَامِ قَوْلُهُ: (كَمَالِ مَصَالِحَ) وَلَوْ غَنِيًّا.

قَوْلُهُ: (وَكَصَدَقَةٍ) نَحْوِ زَكَاةٍ سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْهَا أَوْ مِنْ مَالٍ وَجَبَتْ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهَا كَمَالِ تِجَارَةٍ وَذِكْرُ الْفَقِيرِ لَيْسَ قَيْدًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ لِيَدْخُلَ نَحْوُ غَارِمٍ وَغَازٍ وَمُؤَلَّفَةٍ فَالْمُرَادُ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهَا

، قَوْلُهُ: (وَالْمَذْهَبُ قَطْعُهُ بِبَابِ مَسْجِدٍ) أَيْ عَامٍّ فَإِنْ خُصَّ بِطَائِفَةٍ فَلَهُمْ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَيُقْطَعُ غَيْرُهُمْ مُطْلَقًا قَطْعًا.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ لِلْمُسْلِمِ الِانْتِفَاعَ إلَخْ) وَكُلُّ مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ لَا قَطْعَ بِهِ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا وَمِنْهُ الْمَسْجِدُ نَفْسُهُ وَالْبُسُطُ الَّتِي تُفْرَشُ فِيهِ وَالْمِنْبَرُ وَالْمَنَارَةُ وَكُرْسِيُّ مُصْحَفٍ، وَمُصْحَفُهُ وَدِكَّةُ الْمُؤَذِّنِ وَسُلَّمُهَا وَدَلْوُ بِئْرٍ وَرِشَاؤُهَا وَبَلَاطُهُ وَرُخَامُهُ فِي أَرْضِهِ، وَكَذَا بَكَرَةٌ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا عَدَمُ الْقَطْعِ فِي الْبَكَرَةِ فِي الذِّمِّيِّ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَطْعِ عَلَى الذِّمِّيِّ إنَّمَا هُوَ فِي الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ كَمَا يَأْتِي، فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ شَيْخِنَا عَلَى ذَلِكَ فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا.

قَوْلُهُ: (لِتَحْصِينِهِ وَعِمَارَتِهِ) وَكُلُّ مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ بِهِ كَسِوَارَيْهِ وَجُدْرَانِهِ وَجُذُوعِهِ وَبَابِ سَطْحِهِ وَسَطْحِهِ وَشَبَابِيكِهِ، وَالْوَجْهُ أَنَّ رُخَامَ جُدْرَانِهِ مِثْلُهَا وَكَذَا يُقْطَعُ بِسَتْرِ الْكَعْبَةِ الْمُخَاطِ عَلَيْهَا وَنَحْوِهِ إنْ شُدَّ عَلَيْهَا لِيَكُونَ مُحَرَّزًا، قَالَ الْخَطِيبُ وَمِثْلُهُ سَتْرُ الْمِنْبَرِ وَفِيهِ نَظَرٌ، قَوْلُهُ: (وَرَأَى الْإِمَامُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ خَرَجَ مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ فِي نَحْوِ الْحُصْرِ وَجْهًا وَنَقَلَهُ إلَى الْبَابِ وَالْجِذْعِ بِعَدَمِ الْقَطْعِ فِيهِمَا، فَصَارَ فِيهِمَا وَجْهَانِ فَالتَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ فِيهِمَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَغْلِيبِ مَا بَعْدَهُمَا عَلَيْهِمَا.

قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ) أَيْ الْإِمَامُ قَوْلُهُ: (فِي الْحُصْرِ وَالْقَنَادِيلِ وَجْهَيْنِ) أَيْ فَهُمَا طَرِيقَةٌ حَاكِيَةٌ مُقَابِلَةٌ لِلْمَذْهَبِ الَّذِي هُوَ الطَّرِيقُ الْجَازِمُ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (وَثَالِثًا) أَيْ وَحَكَى الْإِمَامُ وَجْهًا ثَالِثًا مُفَصَّلًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافِ لِأَنَّ قَنَادِيلَ الزِّينَةِ لَيْسَتْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلتَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ تُسَرَّجُ فَلَا يَصِحُّ دُخُولُهَا فِي الْقَاطِعَةِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِالْمَذْهَبِ، وَلَا فِي الْحَاكِيَةِ الْمُقَابِلَةِ لَهَا وَقَنَادِيلُ الِاسْتِضَاءَةِ دَاخِلَةٌ فِيهِمَا فَلَا يَصِحُّ كَوْنُ هَذَا الْوَجْهِ مُقَابِلًا لَهُمَا. فَإِنْ قِيلَ الطَّرِيقَةُ الْحَاكِيَةُ شَامِلَةٌ لِلْقِسْمَيْنِ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ فِيهَا قُلْنَا هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الثَّالِثُ هُوَ عَيْنُ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ، لِأَنَّ ذِكْرَ الْقَيْدِ فِيهِ صَرِيحٌ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ، وَيَلْزَمُ عَدَمُ صِحَّةِ قَوْلِ الشَّارِحِ فَيُقْطَعُ فِي الثَّانِي كَمَا يُقْطَعُ فِيهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى الْجَازِمَةِ، ثُمَّ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ كَمَا يُقْطَعُ إلَخْ، أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الطَّرِيقَةِ الْجَازِمَةِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا عَلِمْت مِنْ ذِكْرِ الْقَيْدِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْقَطْعَ فِيهِ مَفْهُومٌ مِنْ ذَلِكَ الْقَيْدِ فَمُسْلِمٌ فَتَأَمَّلْ، قَوْلُهُ: (الْمُقَابِلُ لَهَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَمُسْلِمٌ، وَقَدْ عَلِمْته فِيمَا مَرَّ وَإِنْ أَرَادَ الْجَوَابَ عَنْهُ فَغَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَجْهُ الْوَاحِدُ مُقَابِلًا لِطَرِيقَةٍ قَاطِعَةٍ وَلَا حَاكِيَةٍ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ تَعْبِيرَ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى الْجَازِمَةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْمَذْهَبِ فَتَأَمَّلْهُ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقْطَعُ بَوَّابُ الْمَسْجِدِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّزٍ عَنْهُ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (وَالذِّمِّيُّ يُقْطَعُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ) وَهِيَ مَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَسْجِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ تَقْيِيدِهِ السَّابِقِ بِالْمُسْلِمِ، وَالْأَوْلَى عُمُومُهَا لِمَا قَبْلَهَا فَيَدْخُلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِ بَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا وَلَا نَظَرَ لِانْتِفَاعِ الذِّمِّيِّ بِنَحْوِ الرِّبَاطَاتِ وَالْقَنَاطِرِ لِأَنَّهُ بِالتَّبَعِيَّةِ لَنَا لِضَرُورَةِ إقَامَتِهِ بِدَارِنَا لَا لِحَقٍّ لَهُ فِيهِ، وَلَا نَظَرَ أَيْضًا لِنَفَقَةِ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَمْلِكُ الْحَجْرَ عَلَيْهَا) زَادَ الزَّرْكَشِيُّ بِرَفْعِهَا لِمَذْهَبِ مَالِكٍ.

[سَرَقَ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ]

قَوْلُهُ: (وَمَنْ سَرَقَ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ إلَخْ) ، مَا لَيْسَ فِيهِ سِهَامٌ مُقَدَّرَةٌ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِفْرَازُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ، فَلَوْ أَفْرَزَ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَثَلًا فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ غَيْرِهِمْ لَهُ، قَوْلُهُ: (وَهُوَ فَقِيرٌ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَكَصَدَقَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَخْ) مِثَالُهُ الْغَنِيُّ يَسْرِقُ مَالَ الصَّدَقَاتِ.

قَوْلُهُ: (وَالْقَنَادِيلِ) وَجْهُ الْقَطْعِ فِيهَا بِأَنَّهُ أَثْبَتُ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ فَحَقُّ اللَّهِ أَوْلَى، قَوْلُهُ: (كَمَا يُقْطَعُ فِيهِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأُولَى) أَيْ أَخْذًا مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْحِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى) وَهِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَذْهَبُ قَطْعُهُ، قَوْلُهُ: (مَا رَأَى الْإِمَامُ) الَّذِي رَآهُ الْإِمَامُ قَوْلُهُ وَرَأْيُ الْإِمَامِ تَخْرِيجُ وَجْهٍ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَمَا ذَكَرَهُ إلَخْ) الَّذِي ذَكَرَهُ قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْحُصْرِ

قَوْلُهُ: (بِمَوْقُوفٍ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَيُقْطَعُ بِهَا بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>