للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ الشَّهَادَتَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّالِثِ وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِي أَنَّ فِي تَصْدِيقِ أَيِّ فَرِيقٍ تَكْذِيبُ الْآخَرِ، وَفِي الْأَوَّلِ أَنَّ فِيهِ تَكْذِيبَ الْأَوَّلَيْنِ وَعَدَاوَةَ الْآخَرَيْنِ لَهُمَا.

(وَلَوْ أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِعَفْوِ بَعْضٍ) مِنْهُمْ عَنْ الْقِصَاصِ وَعَيَّنَهُ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ (سَقَطَ الْقِصَاصُ) لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ وَبِالْإِقْرَارِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهُ فَيَسْقُطُ حَقُّ الْبَاقِي وَلِغَيْرِ الْعَافِي، وَالْعَافِي عَلَى الدِّيَةِ حَقُّهُمَا مِنْهَا بِخِلَافِ مَنْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ فِي الْأَظْهَرِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَافِي أَوْ عَيَّنَ فَأَنْكَرَ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فَهِيَ لِلْكُلِّ

(وَلَوْ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ أَوْ آلَةٍ أَوْ هَيْئَةٍ) لِلْقَتْلِ كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بُكْرَةً وَالْآخَرُ عَشِيَّةً أَوْ قَتَلَهُ فِي الْبَيْتِ، وَالْآخَرُ فِي السُّوقِ أَوْ قَتَلَهُ بِسَيْفٍ وَالْآخَرُ بِرُمْحٍ أَوْ قَتَلَهُ بِالْحَزِّ، وَالْآخَرُ بِالْقَدِّ (لَغَتْ) شَهَادَتُهُمَا لِلتَّنَاقُضِ فِيهَا (وَقِيلَ) هِيَ (لَوْثٌ) لِلِاتِّفَاقِ فِيهَا عَلَى الْقَتْلِ وَالِاخْتِلَافُ فِي الصِّفَةِ غَلَطٌ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ نِسْيَانٌ فَيُقْسِمُ الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ قِيلَ مَأْخُوذٌ مِنْ طَرِيقَةٍ حَاكِيَةٍ لِقَوْلَيْنِ فِي اللَّوْثِ كَقَاطِعَةٍ بِهِ وَقَاطِعَةٍ بِانْتِفَائِهِ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ. .

كِتَابُ الْبُغَاةِ جَمْعُ بَاغٍ (هُمْ مُخَالِفُو الْإِمَامِ بِخُرُوجٍ عَلَيْهِ وَتَرْكِ الِانْقِيَادِ) لَهُ (أَوْ مَنْعِ حَقٍّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِمْ) كَالزَّكَاةِ (بِشَرْطِ شَوْكَةٍ لَهُمْ وَتَأْوِيلٍ) لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ مَنْعِهِمْ الْحَقَّ (وَمُطَاعٍ فِيهِمْ) تَحْصُلُ بِهِ قُوَّةٌ لِلشَّوْكَةِ (قِيلَ وَإِمَامٌ مَنْصُوبٌ) لَهُمْ حَتَّى لَا تَتَعَطَّلَ الْأَحْكَامُ بَيْنَهُمْ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ وَلَا تَعَطُّلَ لَهَا

(وَلَوْ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ كَتَرْكِ الْجَمَاعَاتِ وَتَكْفِيرِ ذِي كَبِيرَةٍ وَلَمْ يُقَاتِلُوا تُرِكُوا) فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (بَطَلَتَا) أَيْ وَبَطَلَ حَقُّهُ أَيْضًا كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْجُمْهُورُ.

قَوْلُهُ: (لِلْقَتْلِ) خَرَجَ بِهِ الِاخْتِلَافُ فِي الْإِقْرَارِ فَلَا يُبْطِلُ الشَّهَادَةَ بِهِ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ، كَأَنْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّهُ أَقَرَّ بِمَكَّةَ يَوْمَ كَذَا، وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِمِصْرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَتَبْطُلُ شَهَادَتُهُمَا وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْقَتْلِ، وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فَهُوَ لَوْثٌ وَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ أَيِّهِمَا شَاءَ، فَإِنْ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْإِقْرَارِ فَالدِّيَةُ عَلَى الْجَانِي أَوْ مَعَ شَاهِدِ الْقَتْلِ فَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ قَوْلُهُ: (فَيَقْسِمُ الْمُدَّعِي) أَيْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ مَعَ أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ، وَيَأْخُذُ الْبَدَلَ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْقَسَامَةَ قَدْ غُلِّظَ فِيهَا بِدَلِيلِ تَكْرَارِ الْأَيْمَانِ. قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ) أَيْ وَهُوَ الصَّوَابُ الْجَارِي عَلَى اصْطِلَاحِهِ السَّابِقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كِتَابُ الْبُغَاةِ مِنْ الْبَغْيِ وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ لُغَةً وَلِذَلِكَ سُمُّوا بِهِ فَهُمْ لُغَةً قَوْمٌ مُتَجَاوِزُونَ الْحُدُودَ وَأَوَّلُ مَنْ قَاتَلَ الْبُغَاةَ أَيْ الْمُرْتَدِّينَ مِنْهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَوَّلُ مَنْ قَاتَلَ غَيْرَ الْمُرْتَدِّينَ مِنْهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَيْسَ الْبَغْيُ وَصْفًا مَذْمُومًا لِأَنَّهُ بِتَأْوِيلٍ وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا فَقَدَ شَرْطًا مِمَّا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (هُمْ) أَيْ شَرْعًا مُسْلِمُونَ وَلَوْ فِيمَا مَضَى فَيَشْمَلُ الْمُرْتَدِّينَ كَمَا مَرَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مُخَالِفُو الْإِمَامِ) وَلَوْ جَائِرًا أَوْ فَاسِقًا. قَوْلُهُ: (وَتَرْكِ الِانْقِيَادِ إلَخْ) هُوَ مُفَادُ مَا قَبْلَهُ قَوْلُهُ: (أَوْ مَنْعِ) عَطْفٌ عَلَى تَرْكِ لِأَنَّهُ مِنْ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِح مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْخُرُوجِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ. قَوْلُهُ: (كَالزَّكَاةِ) هُوَ حَقُّ اللَّهِ وَمِثْلُهُ حَقُّ الْآدَمِيِّ بِالْأَوْلَى.

قَوْلُهُ: (وَشَوْكَةٍ) بِحَيْثُ يَحْتَاجُ الْإِمَامُ إلَى احْتِمَالِ كُلْفَةٍ مَعَهُمْ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِرِجَالِهِ أَوْ صَرْفِ أَمْوَالٍ أَوْ نَصْبِ قِتَالٍ، وَإِلَّا كَأَفْرَادٍ قَلِيلَةٍ يَسْهُلُ الظُّفْرُ بِهِمْ فَلَيْسُوا بُغَاةً، وَلِذَلِكَ اُقْتُصَّ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجِمٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْجِيمِ قَاتِلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَطْعِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَرَأْسِهِ وَحَرْقِهِ مَعَ تَأْوِيلِهِ بِكَوْنِهِ نَائِبًا، عَنْ امْرَأَةٍ قَتَلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَدَهَا وَمِنْ قَاتِلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهُوَ لُؤْلُؤَةُ عَبْدُ الْمُغِيرَةِ بْنُ شُعْبَةَ وَاسْمُهُ فَيْرُوزُ الْفَارِسِيُّ وَكَانَ مَجُوسِيًّا.

وَقِيلَ نَصْرَانِيًّا وَكَذَا لَوْ اسْتَوْلَوْا عَلَى حِصْنٍ وَتَحَصَّنُوا بِهِ، فَإِنْ اسْتَوْلَوْا عَلَى مَا وَرَاءَهُ أَيْضًا فَبُغَاةٌ. قَوْلُهُ: (تَحْصُلُ بِهِ قُوَّةُ الشَّوْكَةِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُطَاعَ شَرْطٌ فِي الشَّوْكَةِ لَا شَرْطٌ مُسْتَقِلٌّ. قَوْلُهُ: (مَنْصُوبٌ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ) أَيْ اعْتِقَادَهُمْ وَإِظْهَارُهُ إمَّا بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِتَرْكِ الْجَمَاعَاتِ وَلِلثَّانِي بِالتَّكْفِيرِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَتَكْفِيرِ ذِي كَبِيرَةٍ) فَيَحْكُمُونَ بِإِحْبَاطِ عَمَلِهِ وَخُلُودِهِ فِي النَّارِ وَلَا يُفَسَّقُونَ بِذَلِكَ سَوَاءٌ قَاتَلُوا أَوْ لَا فِي قَبْضَتِنَا أَوْ لَا لِتَأْوِيلِهِمْ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ) أَيْ بِالْقَتْلِ إنْ كَانُوا فِي قَبْضَتِنَا وَلَنَا التَّعَرُّضُ لَهُمْ بِالدَّفْعِ إنْ تَضَرَّرْنَا بِهِمْ كَإِظْهَارِ بِدْعَتِهِمْ، قَوْلُهُ: (وَإِلَّا

ــ

[حاشية عميرة]

بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَيَحْلِفُ الْخَصْمُ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْجُمْهُورِ بَدَلُ حَقِّهِ،

مِنْهُمْ عَنْ الْقِصَاصِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَقَرَّ) خَرَجَ مَا لَوْ شَهِدَ فَلَا يَخْفَى حُكْمُهُ،

قَوْلُهُ: (لِلْقَتْلِ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ الْإِقْرَارَ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ الِاخْتِلَافُ فِي الزَّمَانِ وَلَا الْمَكَانِ وَكَذَا الْإِقْرَارُ بِالْآلَةِ وَالْهَيْئَةِ فِيمَا يَظْهَرُ.

[كِتَابُ الْبُغَاةِ]

ِ قَوْلُهُ: (حَقٌّ) لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الضَّابِطِ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ مَا لَوْ تَقَاتَلَ فِئَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَأَصْلَحَ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِمْ، عَدَمُ الْمُقَاتَلَةِ وَالرَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ فَتَرَكَ ذَلِكَ، وَالِافْتِيَاتُ عَلَيْهِ مَنْعٌ لِحَقٍّ مُتَوَجِّهٍ عَلَيْهِمْ، قَوْلُهُ: (حَتَّى لَا تَتَعَطَّلَ إلَخْ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ مَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْخِلَافُ فِي الْإِمَامِ لِأَجْلِ تَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ لَا لِعَدَمِ الضَّمَانِ، قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ) أَيْ بِدَلِيلِ أَنَّ أَهْلَ صَفِّينَ وَأَهْلَ الْجَمَلِ لَمْ يَنْصِبُوا لَهُمَا إمَامًا قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ. قَوْلُهُ: (تُرِكُوا) وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا كُفَّارًا، وَقَدْ قَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>