للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ الْمُشْتَدَّةُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ (خَمْرًا) (لَمْ يُحَدَّ) لِعُذْرِهِ (وَلَوْ قَرُبَ إسْلَامُهُ فَقَالَ جَهِلْت تَحْرِيمَهَا لَمْ يُحَدَّ) لِجَهْلِهِ (أَوْ) قَالَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِهَا (جَهِلْت الْحَدَّ حُدَّ) لِأَنَّ حَقَّهُ أَنْ يَمْتَنِعَ.

(وَيُحَدُّ بِدُرْدِيِّ خَمْرٍ) وَهُوَ مَا يَبْقَى فِي أَسْفَلِ إنَائِهَا ثَخِينًا (لَا بِخُبْزِ عُجِنَ دَقِيقُهُ بِهَا وَمَعْجُونٌ هِيَ فِيهِ) لِاسْتِهْلَاكِهَا (وَكَذَا حُقْنَةٌ وَسَعُوطٌ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ لَا يُحَدُّ بِهِمَا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْحَدَّ لِلزَّجْرِ وَلَا حَاجَةَ فِيهِمَا إلَى زَجْرٍ، وَالثَّانِي يُحَدُّ بِهِمَا لِلطَّرِبِ بِهِمَا كَالشُّرْبِ وَالثَّالِثُ يُحَدُّ فِي السَّعُوطِ دُونَ الْحُقْنَةِ (وَمَنْ غَصَّ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ (بِلُقْمَةٍ أَسَاغَهَا بِخَمْرٍ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا) وُجُوبًا وَلَا حَدَّ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُهَا لِدَوَاءٍ وَعَطَشٍ) إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْهَا وَالثَّانِي جَوَازُهَا لِذَلِكَ وَالثَّالِثُ جَوَازُهَا لِلتَّدَاوِي دُونَ الْعَطَشِ وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ وَالْجَوَازُ فِي التَّدَاوِي مَخْصُوصٌ بِالْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُسْكِرُ وَبِقَوْلِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ وَيَرْتَفِعُ الْجَوَازُ فِي الْعَطَشِ إلَى الْوُجُوبِ كَتَنَاوُلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَعَلَى التَّحْرِيمِ وَقِيلَ يُحَدُّ وَقِيلَ لَا وَعَلَى الْجَوَازِ لَا حَدَّ.

(وَحَدُّ الْحُرِّ أَرْبَعُونَ وَرَقِيقٍ عِشْرُونَ) عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ (بِسَوْطٍ أَوْ أَيْدٍ أَوْ نِعَالٍ أَوْ أَطْرَافِ ثِيَابٍ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ سَوْطٌ) لِاقْتِصَارِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِنَّهُ أُتِيَ بِشَارِبٍ فَقَالَ اضْرِبُوهُ بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ نَحْوُهُ وَفِيهِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَضْرِبُ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ» وَقُدِّرَ ذَلِكَ الضَّرْبُ لِلشَّارِبِ بِأَرْبَعِينَ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنْ سَأَلَ مَنْ حَضَرَهُ فَضَرَبَ أَرْبَعِينَ حَيَاتَهُ ثُمَّ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَهِيَ الْمُشْتَدَّةُ إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِحَقِيقَةِ الْخَمْرَةِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمُسْكِرُ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ، وَيُصَدَّقُ فِي جَهْلِهِ بِيَمِينِهِ. نَعَمْ إنْ نَشَأَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَيُحَدُّ

قَوْلُهُ: (إنَائِهَا) أَضَافَهُ نَظَرًا لِمَا الْكَلَامُ فِيهِ، وَإِلَّا فَالدُّرْدِيُّ اسْمٌ لِمَا يُرَسَّبُ فِي أَسْفَلِ إنَاءِ كُلِّ مَائِعٍ. قَوْلُهُ: (ثَخِينًا) فَهِيَ خَمْرَةٌ مَعْقُودَةٌ وَحَدَّهُ بِهَا نَظَرًا لِأَصْلِهَا، كَمَا لَا يُحَدُّ بِالْحَشِيشِ وَالْبَنْجِ وَنَحْوِهِمَا، وَلَوْ مُذَابَةً نَظَرًا لِأَصْلِهَا مَا لَمْ تَصِلْ إلَى الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ قَوْلُهُ: (لِاسْتِهْلَاكِهَا) رَاجِعٌ لِلْخُبْزِ وَالْمَعْجُونِ وَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِهِمَا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ فَالْمَاءُ وَنَحْوُهُ كَالْعَسَلِ كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِاسْتِهْلَاكِهَا عَدَمُ ظُهُورِ عَيْنِهَا بِالرُّؤْيَةِ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُحَدُّ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْحَدِّ، وَأَمَّا الْحُرْمَةُ فَهِيَ بَاقِيَةٌ اتِّفَاقًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي هَذَا وَكَذَا مَا قَبْلَهُ أَيْضًا إلَّا لِنَحْوِ تَدَاوٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فِي السَّعُوطِ) نَظَرًا لِكَوْنِهِ فِي الدِّمَاغِ فَلَا يُسَمَّى شُرْبًا. قَوْلُهُ: (وَمَنْ غَصَّ بِفَتْحِ الْغَيْنِ) أَيْ الْمُعْجَمَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا وَبَعْدَهَا صَادٌ مُهْمَلَةٌ ثَقِيلَةٌ بِمَعْنَى شَرِقَ.

قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا) مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهَا وَلَوْ مِنْ بَوْلِ نَحْوِ كَلْبٍ فَهُوَ قَيْدٌ لِلْوُجُوبِ وَيَلْزَمُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَعَدَمُ الْحَدِّ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ بَلْ تَحْرُمُ وَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ. قَوْلُهُ: (تَحْرِيمُهَا لِدَوَاءٍ) أَيْ وَهِيَ صِرْفَةٌ وَإِلَّا فَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِمَا هِيَ فِيهِ كَصَرْفِ بَقِيَّةِ النَّجَاسَاتِ قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا) أَيْ بِمَا يُغْنِي عَنْهَا وَلَوْ مِنْ مُغَلَّطٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا قَيْدٌ لِلْخِلَافِ، فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا حَرُمَتْ قَطْعًا وَلَكِنْ لَا حَدَّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْجَوَازُ فِي التَّدَاوِي إلَخْ) هُوَ قَيْدٌ لِلْجَوَازِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ الْمَرْجُوحِ.

قَوْلُهُ: (وَيَرْتَفِعُ الْجَوَازُ فِي الْعَطَشِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَالرَّابِعِ وَكَذَا عَلَى الْأَوَّلِ الرَّاجِحِ وَالثَّانِي لِأَنَّ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ لَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ فِيهَا، فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الْجَوَازِ مِنْ عِبَارَتِهِ لَكَانَ صَوَابًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إلَى الْوُجُوبِ) وَحِينَئِذٍ لَا حُرْمَةَ فِيهَا كَمَا مَرَّ وَمِثْلُ الْعَطَشِ غَيْرُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا) أَيْ لَا يَجِدُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْجَوَازِ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ لَا حَدَّ بِلَا خِلَافٍ نَعَمْ يُحَدُّ حَنَفِيٌّ بِشُرْبِهِ مَا يَقُولُ بِجَوَازِهِ زَجْرًا لِمَيْلِ الطَّبْعِ إلَيْهَا لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ دَرْءِ الْمَفَاسِدِ. وَلِذَلِكَ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ.

فَرْعٌ: يَجُوزُ إزَالَةُ عَقْلٍ لِنَحْوِ قَطْعِ سِلْعَةٍ بِنَحْوِ بَنْجٍ لَا بِمُسْكِرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ

قَوْلُهُ: (وَحَدُّ الْحُرِّ أَرْبَعُونَ) وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ ثَمَانُونَ.

قَوْلُهُ: (وَرَقِيقٍ) وَلَوْ مُبَعَّضًا عِشْرُونَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ عَنْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ حَدَّهُ أَرْبَعُونَ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْحُرِّ وَعَدَمُ تَعْرِيفِهِ الْمُنَاسِبِ رِعَايَةً لِلِاخْتِصَارِ وَهُوَ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (لِاقْتِصَارِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى السَّوْطِ بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ) أَيْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَوْلُهُ: (كَانَ يَضْرِبُ) أَيْ يَأْمُرُ بِالضَّرْبِ كَمَا مَرَّ فَالْأَحَادِيثُ كُلُّهَا بَيَانٌ لِمُطْلَقِ الضَّرْبِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ سَأَلَ) أَيْ أَبُو بَكْرٍ مَنْ حَضَرَهُ فِي مَجْلِسِهِ أَوْ مَنْ حَضَرَ الْجَلْدَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ الْمَسْئُولَ أَجَابَ بِالْأَرْبَعِينَ أَخَذًا مِمَّا

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَرُبَ إسْلَامُهُ) يُسْتَثْنَى الْمُخَالِطُ لِلْعُلَمَاءِ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ بِمِصْرَ،

قَوْلُهُ: (إنَائِهَا) أَضَافَهُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ دُرْدِيِّ خَمْرٍ وَإِلَّا فَالدُّرْدِيُّ مَا يُرَسَّبُ فِي أَسْفَلِ الْمَائِعِ مُطْلَقًا، قَوْلُهُ: (وَلَا حَاجَةَ) أَيْ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَدْعُو إلَى ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَالثُّلُثُ يُحَدُّ) كَمَا يَحْرُمُ فِي الرَّضَاعِ السَّعُوطُ دُونَ الْحُقْنَةِ، قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْغَيْنِ) أَيْ وَفِيهِ الضَّمُّ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (وَعَطَشٍ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ جَوَازَ أَكْلِ النَّبَاتِ الْمُحَرَّمِ عِنْدَ الْجُوعِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَمِثْلُهُ بِالْحَشِيشِ قَالَ لِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ الْجُوعَ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ بِالنَّظَرِ فِي حَالِ أَصْلِهَا عِنْدَ أَكْلِهَا، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي جَوَازُهَا لِذَلِكَ) كَغَيْرِهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُ بِأَنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَهَا سَلَبَ نَفْعَهَا وَبِأَنَّ شُرْبَهَا يُثِيرُ الْعَطَشَ بَعْدَ ذَلِكَ،

[حَدُّ الْحُرِّ أَرْبَعُونَ وَرَقِيقٍ عِشْرُونَ فِي الشُّرْب]

قَوْلُهُ: (أَرْبَعُونَ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ قَالُوا إنَّهُ ثَمَانُونَ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ سَوْطٌ) فَلَا يَجْزِي الْأَيْدِي وَالنِّعَالُ وَمُرَادُهُ بِالسَّوْطِ مَا يَشْمَلُ الْعَصَا لَا خُصُوصَ الْمُتَّخَذِ

<<  <  ج: ص:  >  >>