للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ وَقِيلَ لِأَنَّهُ أَخَفُّ (وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُهُ عَلَى حَدِّ الشُّرْبِ وَأَنَّ الْقِصَاصَ قَتْلًا وَقَطْعًا يُقَدَّمُ عَلَى) حَدِّ (الزِّنَى) تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْآدَمِيِّ وَالثَّانِي الْعَكْسُ تَقْدِيمًا لِلْأَخَفِّ. .

كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ جَمْعُ شَرَابٍ (كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ حَرُمَ قَلِيلُهُ) وَكَثِيرُهُ، (وَحَدُّ شَارِبِهِ) قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا مِنْ عِنَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (إلَّا صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَحَرْبِيًّا وَذِمِّيًّا وَمُوجَرًا) أَيْ مَصْبُوبًا فِي حَلْقِهِ قَهْرًا، (وَكَذَا مُكْرَهٌ عَلَى شُرْبِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ) فَلَا يُحَدُّونَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِ الْأَوَّلَيْنِ وَالْآخَرَيْنِ وَعَدَمِ الْتِزَامِ الْمُتَوَسِّطَيْنِ حُرْمَةَ الشُّرْبِ وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ طَرِيقٌ حَاكٍ لِوَجْهَيْنِ، (وَمَنْ جَهِلَ كَوْنَهَا) أَيْ الْخَمْرِ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مُقَدَّمٌ مُطْلَقًا إنْ لَمْ يُفَوِّتْ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ كَانَا قُتِلَا أَوْ قُطِعَا، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَلَعَلَّهُ لِلْأَغْلَبِ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فَلَوْ اجْتَمَعَ قَطْعُ الْقِصَاصِ وَقَتْلُ رِدَّةٍ قُدِّمَ الْقَطْعُ، أَوْ اجْتَمَعَ قَطْعُ سَرِقَةٍ وَقَطْعُ مُحَارَبَةٍ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى لَهُمَا لِاسْتِوَاءِ الْحَقَّيْنِ قَطْعًا إذْ الْمُغَلَّبُ فِي الْمُحَارَبَةِ الْقَوَدُ وَرِجْلُهُ لِلْمُحَارَبَةِ، أَوْ قَتْلُ زِنًى وَقَتْلُ رِدَّةٍ عَمِلَ الْإِمَامُ بِالْمَصْلَحَةِ فِي أَيِّهِمَا يُقَدَّمُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي كَوْنِهِمَا حَقَّيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ قَطْعُ سَرِقَةٍ وَقَتْلُ مُحَارَبَةٍ قُطِعَ، ثُمَّ قُتِلَ وَصُلِبَ لِلْمُحَارَبَةِ وَقُدِّمَ حَقُّ اللَّه هُنَا لِعَدَمِ فَوَاتِ حَقِّ الْآدَمِيِّ بِهِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ قِصَاصٌ بِلَا مُحَارَبَةٍ وَقَتْلُ مُحَارَبَةٍ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي كَوْنِهِمَا حَقًّا لِلْآدَمِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبْقٌ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ اجْتَمَعَ قَتْلُ قِصَاصٍ وَقَتْلُ رِدَّةٍ قُدِّمَ الْقَتْلُ عَلَى الْقِصَاصِ وَإِنْ سَبَقَتْ الرِّدَّةُ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَلَا نَظَرَ إلَى مَصْلَحَةٍ أَخْذًا مِمَّا سَبَقَ فِي الْقَاعِدَةِ، وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِمَا مَرَّ فِي قَطْعِ الْيَدِ الْيُمْنَى عَنْ السَّرِقَةِ وَالْمُحَارَبَةِ مَعًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي قَطْعِ الْيَدِ سَبْقٌ لِتَوَقُّفِهِمَا مَعًا عَلَى طَلَبِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَأَنَّ الْقِصَاصَ إلَخْ) تَقَدَّمَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ عَنْ شَيْخِنَا.

كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ أَيْ بَيَانُ حَقِيقَتِهَا وَحُدُودِهَا وَمُسْتَحِقِّيهَا، وَفِيهِ بَيَانُ التَّعْزِيرِ وَمُسْتَحِقِّهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَلَى مَشْرُوبٍ، أَوْ لِتَغْلِيبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ عُقُوبَةً أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (جَمْعُ شَرَابٍ بِمَعْنَى مَشْرُوبٍ) وَحَقِيقَتُهُ الْمُتَّخَذُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ وَأُلْحِقَ غَيْرُهُ بِهِ وَقِيلَ الْخَمْرُ حَقِيقَةٌ فِي الْجَمِيعِ، وَلِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا جَمَعَهَا كَالتَّعَازِيرِ وَالْمُرَادُ بِالْمَشْرُوبِ مَا يَعُمُّ الْمَأْكُولَ.

قَوْلُهُ: (أَسْكَرَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ فِي ذَاتِهِ لَا مَا فِيهِ تَخْدِيرٌ كَالْبَنْجِ وَالْحَشِيشِ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (حَرُمَ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ الْوَاقِعِ آخِرًا فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ لَا تَحْرِيمِهِ فِي ثَالِثِ سِنِي الْهِجْرَةِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ حَلَالًا قَبْلَهَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أُحِلَّ بَعْدَهُ، ثُمَّ حَرُمَ ثُمَّ أُحِلَّ ثُمَّ حَرُمَ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، فَهُوَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ النَّسْخُ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ وَشُرْبُهُ كَبِيرَةٌ، وَإِنْ مَزَجَهُ بِمِثْلِهِ مِنْ الْمَاءِ وَيُكَفَّرُ مُسْتَحِلُّهُ إلَّا قَدْرًا لَا يُسْكِرُ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِحِلِّهِ.

قَوْلُهُ: (وَحُدَّ شَارِبُهُ) وَإِنْ لَمْ يَسْكَرْ حَيْثُ كَانَ مُكَلَّفًا مُسْلِمًا مُخْتَارًا عَامِدًا عَالِمًا بِهِ، وَبِتَحْرِيمِهِ وَتَعَاطَاهُ شُرْبًا بِلَا شُبْهَةٍ وَلَا يَرِدُ حَدُّ الْحَنَفِيِّ لِمَا يَأْتِي وَيَتَعَدَّدُ الْحَدُّ لِمَنْ حُدَّ عَقِبَ كُلِّ مَرَّةٍ وَإِلَّا كَفَى حَدٌّ وَاحِدٌ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَحَرْبِيًّا) وَلَوْ مُعَاهَدًا كَالذِّمِّيِّ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَعَدَمُ الْتِزَامِ إلَخْ) أَيْ بِسَبَبِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ فَلَا يَرُدُّ عِقَابَهُمَا فِي الْآخِرَةِ، وَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَقَيَّأَهَا، وَكَذَا كُلُّ مُكَلَّفٍ وَلَوْ مُكْرَهًا كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَنُدِبَ لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَوْ بَعْدَ إفَاقَتِهِ وَيُصَدَّقُ الْمُكْرَهُ بِيَمِينِهِ.

قَوْلُهُ: (لِوَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا وُجُوبُ الْحَدِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ.

ــ

[حاشية عميرة]

كَانَ حَدُّ الزِّنَى رَجْمًا فَلَا خِلَافَ فِي تَقْدِيمِ الْقَطْعِ عَلَيْهِ. اهـ وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ حَدُّ الْقَذْفِ مُقَدَّمٌ عَلَى الرَّجْمِ قَطْعًا ثُمَّ قَوْلُهُ وَالثَّانِي يَرْجِعُ لِحَدِّ الشُّرْبِ أَيْضًا فَيُقَدَّمُ عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ لَكِنَّ صَنِيعَ الشَّارِحِ اقْتَضَى أَنَّ الْقِصَاصَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَدِّ الزِّنَى وَهُوَ مَمْنُوعٌ.

[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

ِ قَوْلُهُ: (وَحَدُّ شَارِبِهِ) وَلَوْ كَانَ يُرَى حَالَ تَنَاوُلِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ عَدَمُ سُكْرِهِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا صَبِيًّا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْحَدِّ خَاصَّةً ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ ذَكَرَهُ بَعْدُ، لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا مُكْرَهٌ إلَخْ) . نُقِلَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَيَّأَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَعْذُورًا بِشُرْبِهِ أَمْ لَا، قَالَ وَكَذَا سَائِرُ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَاَلَّذِي فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ الِاسْتِحْبَابُ.

قَوْلُهُ: (لِوَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا يُحَدُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ شُرْبَهَا لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>