للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ (وَإِنْ ادَّعَى بِالسِّنِّ) بِأَنْ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً كَمَا تَقَدَّمَ، (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) عَلَيْهِ لِإِمْكَانِهَا (وَالسَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ سَبَقَ حُكْمُ إقْرَارِهِمَا) فِي بَابِ الْحَجْرِ وَالتَّفْلِيسِ

(وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الرَّقِيقِ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ كَالْقَتْلِ وَقَطْعِ الطَّرَفِ، وَالزِّنَى وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ، لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ كُلَّ نَفْسٍ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْحَيَاةِ، وَالِاحْتِرَازِ عَنْ الْآلَامِ وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ، أَنَّهُ يَضْمَنُ مَالَ السَّرِقَةِ فِي ذِمَّتِهِ تَالِفًا كَانَ أَوْ بَاقِيًا فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ السَّيِّدِ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ فِيهَا، فَإِنْ صَدَّقَهُ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَالثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ. (وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِ جِنَايَةٍ لَا تُوجِبُ عُقُوبَةً) كَجِنَايَةِ الْخَطَأِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ (فَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ) فِي ذَلِكَ (تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ) يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ وَإِنْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ فَيُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَقَدْرِ الدَّيْنِ، وَإِذَا بِيعَ وَبَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ لَا يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ (وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى السَّيِّدِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ) بَلْ يَتَعَلَّقُ الْمُقِرُّ بِهِ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ أَمْ لَا. (وَيُقْبَلُ) عَلَى السَّيِّدِ (إنْ كَانَ) مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، (وَيُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ وَمَا فِي يَدِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ بِهِ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ كَالْقَرْضِ، فَلَا يُقْبَلُ عَلَى السَّيِّدِ وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ حَجْرِ السَّيِّدِ عَلَيْهِ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ أَضَافَهُ إلَى حَالِ الْإِذْنِ لَمْ تُقْبَلْ إضَافَتُهُ فِي الْأَصَحِّ، وَقَبْلَ الْحَجْرِ لَوْ أُطْلِقَ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ فِي الْأَصَحِّ.

(وَيَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ لِأَجْنَبِيٍّ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (كَذَلِكَ) أَيْ تُصَدَّقُ وَلَا تَحْلِفُ، نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ زَوْجُهَا طَلَاقَهَا بِحَيْضِهَا فَادَّعَتْهُ فَلَا بُدَّ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ تَحْلِيفِهَا إنْ اتَّهَمَهَا.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ ادَّعَاهُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا يَحْتَاجُ إنْ كَانَ فَقِيهًا إلَى اسْتِفْصَالٍ فِي الدَّعْوَى، وَلَا فِي الْبَيِّنَةِ، وَالْقَوْلُ بِهِ يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْفَقِيهِ. قَوْلُهُ: (طُولِبَ) وَلَوْ غَرِيبًا بِبَيِّنَةِ رَجُلَيْنِ، وَيَكْفِي أَرْبَعُ نِسْوَةٍ تَشْهَدُ عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ.

فَرْعٌ: إقْرَارُ الرَّشِيدِ بِجِنَايَةٍ فِي الصِّغَرِ مَقْبُولَةٌ فَيَلْزَمُهُ أَرْشُهَا إنْ كَانَتْ مِمَّا يَلْزَمُهُ فِي الصِّغَرِ بِأَنْ كَانَتْ بِإِتْلَافٍ، وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ.

قَوْلُهُ: (وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الرَّقِيقِ) خِلَافًا لِلْمُزَنِيِّ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ وَالْمُبَعَّضُ فِي بَعْضِهِ الْحُرُّ كَالْحُرِّ، وَفِي الرَّقِيقِ كَالرَّقِيقِ وَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً، وَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ مَا يُقَابِلُ الرِّقَّ مِنْ مَالِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ عَنْ مُعَامَلَةٍ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهَا فَهُوَ كَالْحُرِّ فَيَقْضِي مِمَّا فِي يَدِهِ عَلَى مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (يَضْمَنُ مَالَ السَّرِقَةِ فِي ذِمَّتِهِ) خَرَجَ مَالُ الْجِنَايَةِ بِعَفْوِ مُسْتَحِقِّهَا فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ قَهْرًا عَلَى السَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَاقِيًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْزَعُ مِنْ يَدِهِمَا بِلَا تَصْدِيقِ السَّيِّدِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ وَجَبَ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا بَلْ بِرَقَبَتِهِ وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا، لَكِنْ يُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ وَالْمَجْنِيُّ الْأَوَّلُ فَإِنْ ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ بِبَيِّنَةٍ اشْتَرَكَ فِي رَقَبَتِهِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِمَا، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ قَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِهِ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ فِيهَا) فَإِنْ صَدَّقَهُ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ فَقَطْ جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ، وَلِلسَّيِّدِ فِدَاؤُهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ وَلَا يُتْبَعُ بِمَا فَضَلَ بَعْدَ عِتْقِهِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ) أَيْ لَمْ يُصَدِّقْهُ. قَوْلُهُ: (إذَا عَتَقَ) أَيْ جَمِيعُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ) وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (كَالْقَرْضِ) وَكَذَا شِرَاءُ مُعَيَّنٍ وَبَيْعُ فَاسِدٍ، وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ فَيَتَعَلَّقُ بَدَلُهُ لَا ثَمَنُهُ لَهُ ثَمَنُهُ فِي الْمَبِيعِ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (لَمْ تُقْبَلْ إضَافَتُهُ) فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ أَيْ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ السَّيِّدُ، وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْزِلْ عَلَى دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ) فَيَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ، وَمَحَلُّهُ إنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ وَإِلَّا وَجَبَتْ وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى تَفْسِيرِهِ وَإِقْرَارِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ بِمَا كَانَ قَبْلَهُ كَإِقْرَارِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ بِمَا كَانَ قَبْلَهُ، وَكُلُّ مَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ فَالدَّعْوَى بِهِ عَلَيْهِ وَمَا لَا فَعَلَى سَيِّدِهِ.

فَرْعٌ: عَبْدٌ فِي يَدِ إنْسَانٍ أَقَرَّ بِهِ لِشَخْصٍ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِرِقِّهِ لِآخَرَ قُبِلَ إقْرَارُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ دُونَهُ، وَإِقْرَارُ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ لَا يُقْبَلُ إلَّا فِي دَيْنِ جِنَايَةٍ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَإِذَا بِيعَ فِيهَا وَبَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يُطَالَبْ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ) وَيُحْسَبُ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا نَحْوَ هِبَةٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَطْلَقَهُ، فَيُحْمَلُ عَلَى وُقُوعِهِ فِي الْمَرَضِ فَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ. قَوْلُهُ: (بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ) قُيِّدَ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ وَنِكَاحٍ وَغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْوَارِثُ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَة، وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ تَحْلِيفُهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ عَنْ حَقِيقَةٍ، وَكَذَا لَهُمْ تَحْلِيفُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِذَا نَكَلَ مَنْ طُلِبَ تَحْلِيفُهُ حَلَفُوا وَبَطَلَ الْإِقْرَارُ. وَمِنْهُ إقْرَارُهُ بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى وَارِثٍ، وَقَبْضُهَا صَدَاقَهَا مِنْ زَوْجِهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ) أُجِيبَ بِأَنَّهُ وَصَلَ إلَى حَالَةٍ لَا يَكْذِبُ فِيهَا ظَاهِرًا.

ــ

[حاشية عميرة]

فَرْعٌ: لَوْ ادَّعَى الْبُلُوغَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا بِهِ الْبُلُوغُ فَفِي تَصْدِيقِهِ وَجْهَانِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْمُخْتَارُ اسْتِفْسَارُهُ. قَوْلُهُ: (فِي بَابَيْ الْحَجْرِ إلَخْ) لَمْ يُسْبَقْ حُكْمُ إقْرَارِ السَّفِيهِ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ بَاطِلٌ، لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ يُشْكِلُ بِقَبُولِ إقْرَارِهِ الْمَرْأَةَ بِهِ مَعَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِنْشَاءِ، وَتَوَقُّفِ صَاحِبِ الْمَطْلَبِ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ إذَا طَرَأَ السَّفَهُ حَالًّا فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ سَابِقًا عَلَى السَّفَهِ.

[إقْرَارُ الرَّقِيقِ]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الرَّقِيقِ إلَخْ) .

وَقَالَ الْمُزَنِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا تُوجِبُ عُقُوبَةً) خَرَجَ بِهَذَا الْمَالُ فِي إقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّ فِيهِ خِلَافًا سَبَقَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ: عُقُوبَةً يَرُدُّ عَلَيْهِ الْغَصْبَ وَالْإِتْلَافَ عَمْدًا وَسَرِقَةَ مَا دُونِ النِّصَابِ، فَإِنَّهَا تُوجِبُ التَّعْزِيرَ، وَيَتَعَلَّقُ الْمَالُ بِالذِّمَّةِ قَطْعًا كَدِيَةِ الْخَطَأِ. قَوْلُهُ: (يَتْبَعُ بِهِ إلَخْ) لَوْ كَانَ عَنْ شِرَاءٍ مَثَلًا فَاَلَّذِي يَتْبَعُ بِهِ الْقِيمَةُ لَا الثَّمَنُ.

قَوْلُهُ: (صَدَّقَهُ السَّيِّدُ أَمْ لَا) أَيْ بِخِلَافِ دَيْنِ الْجِنَايَةِ عِنْدَ تَصْدِيقِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْمُعَامِلَ مُقَصِّرٌ. قَوْلُهُ: (بِدَيْنِ) فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ وَعَكْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>