للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَرَضُ وَإِلَّا فَعَاضِلٌ فَلَا مَعْنَى لِلْبَيِّنَةِ عِنْدَ حُضُورِهِ، (وَلَوْ عَيَّنَتْ كُفُؤًا وَأَرَادَ الْأَبُ) الْمُجْبِرُ كُفُؤًا، (غَيْرَهُ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ نَظَرًا مِنْهَا، وَالثَّانِي لَا إعْفَافًا لَهَا، وَهُوَ قَوِيٌّ أَمَّا غَيْرُ الْمُجْبِرِ، فَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ غَيْرِ مَنْ عَيَّنَتْهُ جَزْمًا.

فَصْلٌ لَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ لِنَقْصِهِ (وَصَبِيٍّ) لِسَلْبِ عِبَارَتِهِ (وَمَجْنُونٍ) أُطْبِقَ جُنُونُهُ لِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ أَوْ تَقَطَّعَ، كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَغْلِيبًا لِزَمَنِ الْجُنُونِ، فَيَزَوَّجُ الْأَبْعَدُ فِي زَمَنِ جُنُونِهِ دُونَ إفَاقَتِهِ وَالْأَشْبَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، أَنَّهُ لَا يُزِيلُ الْوِلَايَةَ كَالْإِغْمَاءِ، فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ وَلَوْ قَصُرَتْ نَوْبَةُ الْإِفَاقَةِ جِدًّا فَهِيَ كَالْعَدَمِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، (وَمُخْتَلُّ النَّظَرِ بِهَرَمٍ أَوْ خَبَلٍ) أَصْلِيٍّ أَوْ عَارِضٍ لِعَجْزِهِ عَنْ الْبَحْثِ عَنْ أَحْوَالِ الْأَزْوَاجِ وَمَعْرِفَةِ الْكُفْءِ مِنْهُمْ، وَفِي مَعْنَاهُ مَنْ شَغَلَهُ عَنْ ذَلِكَ الْأَسْقَامُ، وَالْآلَامُ (وَكَذَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) بِأَنْ بَذَرَ فِي مَالِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهُ لِنَقْصِهِ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَا يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَلِي فِي وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ كَامِلُ النَّظَرِ فِي أَمْرِ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُضَيِّعَ مَالَهُ فَإِنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَمَا يَنْبَغِي أَنْ تَزُولَ وِلَايَتُهُ، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الْحَاوِي وَصَحَّحَ فِي الْمَطْلَبِ كَالذَّخَائِرِ زَوَالَهَا أَمَّا مَنْ بَلَغَ مُفْسِدًا لِدِينِهِ، فَاسْتَمَرَّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ، فَهُوَ مِنْ صُوَرِهِ مَسْأَلَةُ الْفَاسِقِ الْآتِيَةُ، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ يَلِي لِكَمَالِ نَظَرِهِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ لَا لِنَقْصٍ فِيهِ، (وَمَتَى كَانَ الْأَقْرَبُ بِبَعْضِ هَذِهِ الصِّفَاتِ، فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ) ، فَيُزَوِّجُ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ، فَإِذَا زَالَتْ عَادَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَقْرَبِ

(وَالْإِغْمَاءُ إنْ كَانَ لَا يَدُومُ غَالِبًا) ، كَأَنْ حَصَلَ بَهِيجَانِ الْمِرَّةِ الصَّفْرَاءِ، (اُنْتُظِرَ إفَاقَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَرِيبُ الزَّوَالِ كَالنَّوْمِ (وَإِنْ كَانَ يَدُومُ أَيَّامًا) ، فَأَقَلَّ أَيْ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ وَأَكْثَرَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، (اُنْتُظِرَ) الْإِفَاقَةُ مِنْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُدَّتَهُ قَرِيبَةٌ (وَقِيلَ) الْوِلَايَةُ (لِلْأَبْعَدِ) كَمَا فِي الْجُنُونِ (وَلَا يَقْدَحُ الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَهُ مِنْ الْبَحْثِ عَنْ الْأَكِفَّاءِ،

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي مَوَانِعِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَوَانِعُ الْخَاصَّةُ وَاسْتِثْنَاءُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ الْأَبْكَارَ إجْبَارًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَا وِلَايَةَ) خَرَجَ الْوَكَالَةُ فَسَيَأْتِي صِحَّتُهَا فِي الرَّقِيقِ وَالسَّفِيهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ. قَوْلُهُ: (الرَّقِيقُ) أَيْ وَلَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُبَعَّضًا وَتَزْوِيجُهُ أَمَتَهُ بِالْمِلْكِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِزَمَنِ الْجُنُونِ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ هَذَا لِمُخَالَفَتِهِ لِلتَّفْرِيعِ بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُزَوِّجُ فِي زَمَنِ إفَاقَتِهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ قَلَّ وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ غَيْرِهِ فِيهِ، وَعَكْسُهُ زَمَنَ الْجُنُونِ كَذَلِكَ، وَلَوْ وَكَّلَ فِي زَمَنِ إفَاقَتِهِ صَحَّ عَقْدُ وَكِيلٍ فِي زَمَنِ الْإِفَاقَةِ دُونَ زَمَنِ الْجُنُونِ؛ لِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِهِ. قَوْلُهُ: (فَهِيَ كَالْعَدَمِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَوْ قَصُرَ زَمَنُ الْجُنُونِ جِدًّا كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ اُنْتُظِرَ كَالْإِغْمَاءِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (خَبَلٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِهَا خَلَلٍ فِي الْعَقْلِ أَوْ كَالْجُنُونِ. قَوْلُهُ: (لِعَجْزِهِ) فَهُوَ غَيْرُ أَهْلٍ وَلَيْسَ لَهُ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا.

قَوْلُهُ: (وَفِي مَعْنَاهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعَجْزُ الْمَذْكُورُ، وَعَطْفُ الْآلَامِ عَلَى الْأَسْقَامِ مُرَادِفٌ أَوْ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ بَذَّرَ إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِهِ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَنْ بَذَّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهَذَا هُوَ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ. قَوْلُهُ: (أَمَّا مَنْ بَلَغَ إلَخْ) إذَا تَأَمَّلْت مَا ذَكَرَهُ رَأَيْت أَنَّ مَنْ فَسَقَ بَعْدَ رُشْدِهِ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ هُنَا وَكَذَا مَنْ بَلَغَ غَيْرَ مُصْلِحٍ لِمَالِهِ وَدِينِهِ مَعًا وَقَدْ يُجْعَلُ كَلَامُهُ شَامِلًا، لِهَذِهِ بِأَنْ يُرَادَ مُفْسِدًا لِدِينِهِ أَيْ فَقَطْ أَوْ مَعَ مَالِهِ، وَأَمَّا الْأَوْلَى فَإِخْرَاجُهَا مُتَعَيِّنٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَسْأَلَةِ الْفِسْقِ الْآتِيَةِ فَإِدْخَالُهَا يَقْتَضِي تَكْرَارَهَا، وَلِذَلِكَ جَعَلَ مَا هُنَا مِنْ أَفْرَادِهَا دُونَ عَكْسِهِ نَعَمْ قَدْ يُشْكِلُ، وَيُقَالُ: التَّبْذِيرُ فِي الْمَالِ مِنْ الْحَرَامِ، وَهُوَ مُفَسِّقٌ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَا يَأْتِي أَيْضًا فَإِنْ حُمِلَ عَلَى تَبْذِيرٍ غَيْرِ مُفَسِّقٍ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُخَصِّصُهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ الْوِلَايَةِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (بِالْفَلَسِ) أَيْ وَهُوَ مُكَلَّفٌ. قَوْلُهُ: (لِلْأَبْعَدِ) مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْ الْمُعْتَقِ أَوْ عَصَبَتِهِ فَلَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ وَأَخٍ كَبِيرٍ فَالْوِلَايَةُ عَلَى عَتِيقَتِهِ لِلْأَخِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (وَالْإِغْمَاءُ) وَمِثْلُهُ السُّكْرُ بِلَا تَعَدٍّ. قَوْلُهُ: (وَالْإِغْمَاءُ إنْ كَانَ لَا يَدُومُ) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِقْدَارَ يَوْمٍ فَقَطْ اُنْتُظِرَ إفَاقَتُهُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ احْتَاجَتْ. قَوْلُهُ: (وَأَكْثَرُ) أَيْ أَكْثَرُ مِنْ يَوْمٍ إلَى مِقْدَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ اُنْتُظِرَ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ عَنْهُ قَطْعًا لِلْأَبْعَدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: تَنْتَقِلُ

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ لَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فِي النِّكَاحِ]

فَصْلٌ لَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى نَفْيِ الْوِلَايَةِ يُفْهِمُ جَوَازَ الْوَكَالَةِ أَعْنِي أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْقَبُولِ دُونَ الْإِيجَابِ عَلَى الْأَصَحِّ، فِيهِمَا فَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ جَازَ الْقَبُولُ قَطْعًا وَمِثْلُ الرَّقِيقِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فَيَصِحُّ تَوَكُّلُهُ فِي الْقَبُولِ دُونَ الْإِيجَابِ. قَوْلُهُ: (دُونَ إفَاقَتِهِ) لَوْ وَكَّلَ هَذَا الْوَلِيُّ فِي حَالِ الْإِفَاقَةِ شَخْصًا اشْتَرَطَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ إيقَاعَهُ قَبْلَ عَوْدِ الْجُنُونِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْجُنُونِ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ خَبَلٍ) هُوَ فَسَادٌ فِي الْعَقْلِ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالْجُنُونِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ) دَلِيلُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ أُمَّ حَبِيبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِوِلَايَةِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، أَوْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَكِلَاهُمَا ابْنُ عَمِّ أَبِيهَا مَعَ وُجُودِ أَبِي سُفْيَانَ كَافِرًا» ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْكُفْرِ فَيُقَاسُ الْبَاقِي عَلَيْهِ.

فَائِدَةٌ: قَالَ الْأَقْرَبُ لِلْأَبْعَدِ زَوَّجْت بَعْدَ تَأَهُّلِي فَتَزْوِيجُك بَاطِلٌ، وَقَالَ الْأَبْعَدُ بَلْ قَبْلَهُ فَتَزْوِيجِي صَحِيحٌ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمَا وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِلزَّوْجَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ إلَخْ) حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ مُوَافَقَةُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا وَاقْتِضَاءُ التَّعْبِيرِ بِالْأَيَّامِ أَنَّ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اُنْتُظِرَ) . الْأَحْسَنُ فِي هَذَا مَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إنْ كَانَتْ مُدَّتُهُ بِحَيْثُ يُعْتَبَرُ فِيهَا إذْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>