للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ تَحِلُّ خِطْبَةُ خَلِيَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ تَعْرِيضًا وَتَصْرِيحًا وَتَحْرُمُ، خِطْبَةُ الْمَنْكُوحَةِ كَذَلِكَ إجْمَاعًا فِيهِمَا، (لَا تَصْرِيحَ لِمُعْتَدَّةٍ) فَيَحْرُمُ رَجْعِيَّةً كَانَتْ أَوْ بَائِنًا، أَوْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ إجْمَاعًا (وَلَا تَعْرِيضَ لِرَجْعِيَّةٍ) فَيَحْرُمُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمَنْكُوحَةِ. (وَيَحِلُّ تَعْرِيضٌ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) قَالَ تَعَالَى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: ٢٣٥] وَهِيَ وَارِدَةٌ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، (وَكَذَا الْبَائِنُ) بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِانْقِطَاعِ سُلْطَةِ الزَّوْجِ عَنْهَا، وَالثَّانِي يَحْرُمُ؛ إذْ لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ أَنْ يَنْكِحَهَا فَأَشْبَهَتْ الرَّجْعِيَّةَ فَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ.

ــ

[حاشية قليوبي]

تَنْبِيهٌ: هَذَا الْحُكْمُ مُقَيَّدٌ بِالْحَيَاةِ، أَمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَفِي تَحْرِيمِ النَّظَرِ عَلَى الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي بَابِ الْجَنَائِزِ، وَخَرَجَ بِالنَّظَرِ الْمَسُّ فَلَا خِلَافَ فِي حِلِّهِ فِي جَمِيعِ بَدَنِهَا وَلَوْ لِلْفَرْجِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِلَا كَرَاهَةٍ إلَّا لِمَانِعٍ أَيْضًا كَعِدَّةِ شُبْهَةٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَنَحْوِهَا. فُرُوعٌ: يَجُوزُ نَوْمُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ أَوْ ثَوْبٍ وَاحِدٍ حَيْثُ وُجِدَ حَائِلٌ يَمْنَعُ الْمُمَاسَّةَ لَلْأَبَدَانِ، وَيَحْرُمُ ذَلِكَ مَعَ الْعُرْيِ، وَإِنْ تَبَاعَدَا أَوْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ وَكَانَ مَحْرَمِيَّةً كَأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ جَدٍّ صِغَرٌ لَكِنْ مَعَ بُلُوغِ عَشْرِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ، وَيُكْرَهُ نَظَرُ فَرْجِ نَفْسِهِ عَبَثًا، وَتَحْرُمُ مُصَافَحَةٌ وَتَقْبِيلٌ وَمُعَانَقَةٌ فِي نَحْوَ أَمْرَدَ، وَيُكْرَهُ ذَلِكَ فِي ذِي عَاهَةٍ كَبَرَصٍ وَجُذَامٍ، وَيُسَنُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ خُصُوصًا لِنَحْوِ قُدُومِ سَفَرٍ، وَيُنْدَبُ تَقْبِيلُ طِفْلٍ وَلَوْ لِغَيْرِ شَفَقَةٍ وَوَجْهِ مَيِّتٍ لِنَحْوِ صَلَاحٍ وَيَدِ نَحْوِ عَالَمٍ وَصَالِحٍ وَصَدِيقٍ وَشَرِيفٍ لِأَجْلِ غِنًى، وَنَحْوِهِ وَالْقِيَامُ لَهُمْ كَذَلِكَ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ وُجُوبَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ صَارَ قَطِيعَةً.

[فَصْلٌ تَحِلُّ خِطْبَةُ خَلِيَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ تَعْرِيضًا وَتَصْرِيحًا]

فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِطْبَةِ بِكَسْرِ الْخَاءِ مِنْ الْخِطَابِ الَّذِي هُوَ اللَّفْظُ أَوْ مِنْ الْخَطْبِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ بِمَعْنَى الشَّأْنِ، وَالْحَالِ أَوْ الْأَمْرِ الْمُهِمِّ وَشَرْعًا الْتِمَاسُ النِّكَاحِ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (تَحِلُّ) أَيْ إنْ حَلَّ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَتَحْرُمُ فَلَهَا حُكْمُهُ وُجُوبًا وَنَدْبًا وَكَرَاهَةً وَتَحْرِيمًا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (خَلِيَّةٍ) أَيْ وَلَوْ بِدَعْوَاهَا سَوَاءٌ، قَالَتْ: كُنْت زَوْجَةَ فُلَانٍ مَثَلًا وَطَلَّقَنِي، وَانْقَضَتْ عِدَّتِي أَوْ سَكَتَتْ وَلِلْوَلِيِّ اعْتِمَادُ قَوْلِهَا فِي ذَلِكَ وَتَزْوِيجُهَا نَعَمْ لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجُهَا فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (عَنْ نِكَاحٍ) أَمَّا الْأَمَةُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ فَكَالْخَلِيَّةِ وَإِلَّا فَفِي زَمَنِ الْفِرَاشِ كَالْمَنْكُوحَةِ وَفِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ كَالرَّجْعِيَّةِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ كَالْبَائِنِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (تَصْرِيحٌ لِمُعْتَدَّةٍ) وَكَذَا فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ وَشُبْهَةٍ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَا تَعْرِيضٌ لِرَجْعِيَّةٍ) وَإِنْ أَذِنَ الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى وَمِثْلُهَا مُعْتَدَّةٌ عَنْ رِدَّةِ الزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ تَعْرِيضٌ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) وَكَذَا عِدَّةُ شُبْهَةٍ وَبَائِنٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ) أَيْ لِذَاتِهَا كَمَا مُثِّلَ أَمَّا مَنْ يَمْتَنِعُ نِكَاحُهَا لِعَارِضٍ كَأُخْتِ الزَّوْجَةِ وَخَامِسَةٍ وَوَثَنِيَّةٍ وَصَغِيرَةٍ ثَيِّبٍ أَوْ بِكْرٍ بِلَا مُجْبِرٍ فَلَا تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ فِيهِنَّ لِعَدَمِ الْمَعْنَى فِي غَيْرِهِنَّ. قَوْلُهُ: (كَالْمُطَلَّقَةِ إلَخْ) وَتَحْرُمُ خِطْبَتُهَا عَلَى الْمُطَلِّقِ، وَالْمُفَارِقِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا صَاحِبُ الْعِدَّةِ فَلَهُ التَّعْرِيضُ وَالتَّصْرِيحُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ. قَوْلُهُ: (وَالتَّصْرِيحُ) وَهُوَ مَا يَقْطَعُ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ، وَمِنْهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا، وَمِنْهُ عِنْدِي جِمَاعٌ يُرْضِي مَنْ جُومِعَتْ وَمِنْهُ رَضِيتُك زَوْجَةً لِي

ــ

[حاشية عميرة]

فَصْلٌ تَحِلُّ خِطْبَةٌ بَلْ تُسْتَحَبُّ إنْ كَانَ الْخَاطِبُ مِمَّنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ النِّكَاحُ، وَتُكْرَهُ مِمَّنْ يُكْرَهُ لَهُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْوَسِيلَةِ حُكْمُ الْمَقْصِدِ وَإِنْ كَانَ هَذَا التَّعْلِيلُ يَنْتَقِضُ بِالْمُحْرِمِ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ الْخِطْبَةُ دُونَ النِّكَاحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَحِلُّ خِطْبَةُ الثَّيِّبِ الصَّغِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ نِكَاحُهَا الْآنَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ حِلُّ خِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ سِوَاهَا حَرُمَتْ الْخِطْبَةُ اهـ قُلْت مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُعْتَدَّةِ بِشُبْهَةٍ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْمُقْرِي وَقَدْ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ، وَنُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ حُرْمَةُ التَّصْرِيحِ دُونَ التَّعْرِيضِ فَفِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمْت أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ وَمَوْضِعِي فِي قَوْمِهِ» فَكَانَتْ تِلْكَ خِطْبَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (خِطْبَةٌ) هِيَ بِالْكَسْرِ وَحُكِيَ الضَّمُّ وَهِيَ إمَّا مِنْ الْخَطْبِ أَيْ الشَّأْنِ أَوْ مِنْ الْخِطَابِ بِمَعْنَى الْكَلَامِ قَوْلُهُ: (وَتَحْرُمُ خِطْبَةُ الْمَنْكُوحَةِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهَا السُّرِّيَّةُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ إذَا لَمْ يُعَرِّضْ السَّيِّدُ عَنْهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا تَصْرِيحٌ لِمُعْتَدَّةٍ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: حِكْمَتُهُ أَنَّ فِي الْمَرْأَةِ مِنْ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ وَالرَّغْبَةِ فِي الْأَزْوَاجِ مَا يَدْعُوهَا إلَى الْكَذِبِ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ أَيْضًا) لَوْ أَذِنَ الزَّوْجُ فِي التَّعْرِيضِ لِلرَّجْعِيَّةِ فَهَلْ تَرْتَفِعُ الْحُرْمَةُ هُوَ مُحْتَمَلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>