لِي وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ: أَحَلْتَنِي أَوْ قَالَ) الْأَوَّلُ (أَرَدْتَ بِقَوْلِي أَحَلْتُكَ الْوَكَالَةَ وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ: بَلْ أَرَدْت الْحَوَالَةَ صُدِّقَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْحَقَّيْنِ (وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَجْهٌ) بِتَصْدِيقِ الْمُسْتَحِقّ بِيَمِينِهِ لِشَهَادَةِ لَفْظِ الْحَوَالَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافُ إذَا قَالَ: أَحَلْتُكَ بِمِائَةٍ مَثَلًا عَلَى عَمْرٍو فَإِنْ قَالَ بِالْمِائَةِ الَّتِي لَكَ عَلَيَّ عَلَى عَمْرٍو، فَالْمُصَدَّقُ الْمُسْتَحَقُّ قَطْعًا؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُحْتَمَلُ إلَّا حَقِيقَةَ الْحَوَالَةِ، وَإِذَا حَلَفَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ انْدَفَعَتْ الْحَوَالَةُ، وَبِإِنْكَارِ الْآخَرِ الْوَكَالَةَ انْعَزَلَ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضٌ، وَإِنْ كَانَ قَبَضَ الْمَالَ قَبْلَ الْحَلِفِ بَرِئَ الدَّافِعُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ أَوْ مُحْتَالٌ، وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ لِلْحَالِفِ وَحَقُّهُ عَلَيْهِ بَاقٍ (وَإِنْ قَالَ) الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ: (أَحَلْتُكَ فَقَالَ) الْمُسْتَحِقُّ: (وَكَّلْتَنِي صُدِّقَ الثَّانِي بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ، وَكَذَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إذَا قَالَ عَنْ الْآخَرِ: إنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَحَلْتُكَ الْوَكَالَةَ. وَقِيلَ الْمُصَدَّقُ الْآخَرُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَيَظْهَرُ أَثَرُ النِّزَاعِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عِنْدَ إفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ فِيهِمَا انْدَفَعَتْ الْحَوَالَةُ، وَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ الْآخَرِ، وَيَرْجِعُ بِهِ الْآخَرُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ ابْنُ كَجٍّ. .
بَابُ الضَّمَانِ وَيُذْكَرُ مَعَهُ الْكَفَالَةُ: هُوَ الْتِزَامُ مَا فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ مِنْ الْمَالِ، وَيَتَحَقَّقُ بِالضَّامِنِ وَالْمَضْمُونِ لَهُ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا سَيَأْتِي. (شَرْطُ الضَّامِنِ) لِيَصِحَّ ضَمَانُهُ (الرُّشْدُ) وَهُوَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَجْرِ صَلَاحُ الدِّينِ وَالْمَالِ، وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ بِدُونِ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ،
ــ
[حاشية قليوبي]
الْمُحِيلُ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَهُوَ الْمُحْتَالُ وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا بِهَذَا اللَّفْظِ لِإِنْكَارِ الْحَوَالَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ) وَلِأَنَّهُ الْمُصَدَّقُ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَكَذَا فِي صِفَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْحَقَّيْنِ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ هُوَ كَيْفَ صَحَّ صَرْفُ الصَّرِيحِ الْمُخَالِفِ لِقَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ، لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ إذْ لَفْظُ الْحَوَالَةِ صَرِيحٌ فِي بَابِهَا، وَلَفْظُ الْوَكَالَةِ صَرِيحٌ كَذَلِكَ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ بَقَاءَ الْحَقَّيْنِ، احْتَجْنَا إلَى الْمُسَامَحَةِ هُنَا بِصَرْفِ الصَّرِيحِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَ بِالْمِائَةِ الَّتِي لَكَ عَلَى فُلَانٍ فَالْمُصَدَّقُ الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ الْمُحْتَالُ قَطْعًا. قَالَ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: أَحَلْتُكَ بِحَقِّك عَلَى فُلَانٍ، أَوْ نَقَلْت حَقَّكَ إلَى ذِمَّةِ فُلَانٍ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ التَّقَاصِّ أَوْ الظَّفَرِ لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهُ، وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فِي يَدِهِ سَقَطَ حَقُّهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَالٌ بِزَعْمِهِ وَلَيْسَ لِلْمَدِينِ أَنْ يُطَالِبَهُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِزَعْمِهِ أَوْ بِتَفْرِيطِهِ ضَمِنَ، وَلَا يُطَالَبُ لِسُقُوطِ حَقِّهِ بِزَعْمِهِ الْحَوَالَةَ. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ إلَخْ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الْأَصْلِ بَقَاءَ حَقِّهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) وَهُمَا الْأَخِيرَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا فِي الشَّرْحِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ إفْلَاسِ إلَخْ) وَكَذَا عِنْدَ دَعْوَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهُ قَبَضَ وَتَلِفَ عِنْدَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ. قَوْلُهُ (وَيَرْجِعُ بِهِ) أَيْ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
بَابُ الضَّمَانِ ذَكَرَهُ عَقِبَ الْحَوَالَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعَلُّقِ الْأَحْكَامِ بِالدُّيُونِ، وَمِنْ تَحَوُّلِ حَقٍّ إلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى، وَمِنْ مُطَالَبَةٍ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ قَبْلَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ الْتَزَمَ مَالَ غَيْرِهِ فَقَدْ جَعَلَهُ فِي ذِمَّتِهِ، وَكُلُّ شَيْءٍ جَعَلْتَهُ فِي شَيْءٍ فَقَدْ ضَمِنْتَهُ إيَّاهُ فَهُوَ مِنْ الضِّمْنِ، لَا مِنْ ضَمِّ ذِمَّةٍ إلَى أُخْرَى كَمَا تَوَهَّمَ؛ لِأَنَّ أَصَالَةَ النُّونِ تَمْنَعُ ذَلِكَ، وَهُوَ لُغَةً: الِالْتِزَامُ وَشَرْعًا: بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَحَقُّهُ عَلَيْهِ بَاقٍ) ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِجَحْدِهِ الْحَوَالَةَ وَحَلِفِهِ.
[بَابُ الضَّمَانِ]
ِ قَوْلُ الْمَتْنِ (شَرْطُ الضَّامِنِ الرُّشْدُ) يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُكْرَهُ وَالْمُكَاتَبُ وَالسَّكْرَانُ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ، فَإِنْ قِيلَ هَذَا عَارِضٌ يَزُولُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute