للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَرْفُ لَحْمِهِ إلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَفُقَرَائِهِ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي وُقُوعِ التَّطَوُّعِ مَوْقِعَهُ مِنْ صَرْفِهِ إلَيْهِمْ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِائَةَ بَدَنَةٍ» فَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَنْ يَهْدِيَ إلَيْهَا شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ إلَّا بِالنَّذْرِ.

بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ لِلْحَجِّ (مَنْ أُحْصِرَ) عَنْ إتْمَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ مَنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ عَدُوٌّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْكُفَّارِ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

الْحَرَمِ. قَوْلُهُ: (وَالْحَاجُّ) وَلَوْ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا) أَيْ الْمَرْوَةَ وَمِنًى مَحَلُّ تَحَلُّلِهَا. وَيُنْدَبُ أَنْ يُذْبَحَ الْمُعْتَمِرُ قَبْلَ حَلْقِهِ وَبَعْدَ سَعْيِهِ. قَوْلُهُ: (وَوَقْتُهُ) أَيْ الْهَدْيِ الَّذِي يَقَعُ ضَحِيَّةً مِنْ تَطَوُّعٍ أَوْ مَنْذُورٍ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ وَإِنْ تَعَيَّنَ غَيْرُهُ لِأَنَّ تَعْيِينَ الزَّمَانِ لَيْسَ قُرْبَةً فَلَا يَصِحُّ نَذْرُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ صَرْفِهِ فِيهِمَا لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ، وَلَهُ الْأَكْلُ مِنْ غَيْرِ الْوَاجِبِ، وَيَجِبُ ذَبْحُ الْوَاجِبِ بَعْدَ فَوَاتِ الْوَقْتِ قَضَاءً وَيَفُوتُ الْمَنْدُوبُ كَمَا ذَكَرَهُ.

فُرُوعٌ: الْهَدْيُ مِنْ غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَوْ مِنْ الْمُعْتَمِرِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَجِّ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ غَصَبَ الْهَدْيَ الْمُسَاقَ إلَى الْحَرَمِ فِي الطَّرِيقِ أَيْ عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَمْلِهِ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا مُعَيَّنًا وَجَبَ ذَبْحُهُ فِي مَحَلِّ عَضْبِهِ وَتَفْرِقَةُ جَمِيعِهِ عَلَى أَهْلِهِ أَوْ مُعَيَّنًا عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَلَهُ أَكْلُهُ وَيَجِبُ إبْدَالُهُ أَوْ مَنْدُوبًا فَلَهُ أَكْلُهُ بِلَا إبْدَالٍ.

بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ أَيْ بَيَانُهُمَا وَحُكْمُهُمَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا وَالْإِحْصَارُ لُغَةً الْمَنْعُ مِنْ أَحَصَرَهُ وَحَصَرَهُ. وَالْأَوَّلُ فِي الْمَرَضِ أَشْهَرُ وَالثَّانِي فِي الْعَدُوِّ أَشْهَرُ، وَوَقْعُ الْأَوَّلُ فِي الْقُرْآنِ لِلْعَدُوِّ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْفَصَاحَةِ. وَشَرْعًا الْمَنْعُ مِنْ النُّسُكِ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَالْفَوَاتُ لُغَةً عَدَمُ إدْرَاكِ الشَّيْءِ وَشَرْعًا هُنَا عَدَمُ إدْرَاكِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ. وَأَسْبَابُ الْحَصْرِ سِتَّةٌ الْعَدُوُّ وَالْمَرَضُ وَالسِّيَادَةُ وَالزَّوْجِيَّةُ.

وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْلِيَّةُ وَالدِّينِيَّةُ فَيُنْدَبُ لِلْفَرْعِ وَإِنْ سَفَلَ اسْتِئْذَانُ جَمِيعِ أُصُولِهِ وَلَوْ كُفَّارًا أَوْ أَرِقَّاءَ فِي أَدَاءِ النُّسُكِ، وَلَوْ فَرْضًا وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ مَنْعُهُ مِنْهُ إحْرَامًا وَسَفَرًا وَتَحْلِيلُهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ إنْ كَانَ تَطَوُّعًا إلَّا إنْ كَانَ مُسَافِرًا مَعَهُ، أَوْ كَانَ سَفَرُهُ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ بِأَمْرِهِ بِمَا يَأْتِي. وَيُنْدَبُ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ اسْتِئْذَانُ دَائِنِهِ وَإِنْ قَلَّ الدَّيْنُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ السَّفَرُ بِدُونِ عِلْمِ رِضَاهُ أَوْ قَضَائِهِ. وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ بَعْدَ طَلَبِهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَهُوَ مُوسِرٌ، وَإِنْ فَاتَهُ النُّسُكُ وَلَيْسَ لَهُ نَائِبٌ فِي قَضَائِهِ لِتَعَدِّيهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ كَمَا لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْإِحْرَامِ مُطْلَقًا. وَإِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَّا بِإِتْيَانِ مَكَّةَ وَإِعْمَالِ الْعُمْرَةِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِتَعَدِّيهِ، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعَدٍّ كَأَنْ حُبِسَ ظُلْمًا تَحَلَّلَ كَغَيْرِهِ بِمَا يَأْتِي وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (لِلْحَجِّ) مُتَعَلِّقٌ بِالْفَوَاتِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَنْ إتْمَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) عَبَّرَ بِالْإِتْمَامِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَحَلَّلَ فَهُوَ مَسْبُوقٌ بِالْإِحْرَامِ

ــ

[حاشية عميرة]

مِنْهُ؟ قُلْت نَعَمْ هُوَ كَأُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِالنَّذْرِ) اُنْظُرْ هَلْ يَكْفِي فِيهِ التَّعْيِينُ كَالْأُضْحِيَّةِ؟ . ثُمَّ الْهَدْيُ إنْ غُصِبَ فِي الطَّرِيقِ نَحَرَهُ، فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ عَيْنًا عَمَّا فِي الذِّمَّةِ جَازَ أَكْلُ الْجَمِيعِ، وَيُبْدِلُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ عِنْدَ بُلُوغِ الْحَرَمِ، وَإِنْ كَانَ مُعَيِّنًا ابْتِدَاءً حُرِّمَ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَهْلِ الْقَافِلَةِ وَلَهُ فُقَرَاءُ بَلْ يَتْرُكُهُ لِأَهْلِ الْمَوْضِعِ الَّذِي عَضَبَ فِيهِ.

[بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ لِلْحَجِّ]

بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ إلَخْ قَوْلُهُ: (الْإِحْصَارُ) يُقَالُ عَلَى الْمَشْهُورِ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ، وَأَحْصَرَهُ الْمَرَضُ، وَيُقَالُ: هُمَا فِيهِمَا وَفِي الِاصْطِلَاحِ الْمَنْعُ عَنْ إتْمَامِ أَرْكَانِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ. قَوْلُهُ: (لِلْحَجِّ) كَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فَوَاتُ الْعُمْرَةِ تَبَعًا لِلْحَجِّ فِي حَقِّ الْقَارِنِ. قَوْلُهُ: (عَنْ إتْمَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) أَيْ إتْمَامِ أَرْكَانِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَفِي كَلَامِهِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ، إذْ لَوْ حُصِرَ عَنْ الرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ جَبَرَهُمَا بِدَمٍ مَعَ تَمَامِ الْأَرْكَانِ، وَتَمَّ حَجُّهُ، وَيَنْبَغِي بِأَنْ يَتَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ التَّامُّ عَلَى هَذَا الدَّمِ أَيْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>