بِالْحَجِّ أَمَّا إذَا كَفَرَ بِالصَّوْمِ وَقُلْنَا وَقْتُ الْوُجُوبِ إذَا أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ لَمْ يُقَدِّمْ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْقَضَاءِ وَيَصُومُ السَّبْعَةَ إذَا رَجَعَ مِنْهُ، وَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ بِالْفَوَاتِ فَفِي جَوَازِ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ فِي حَجَّةِ الْفَوَاتِ وَجْهَانِ، وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ فِي إحْرَامٍ نَاقِصٍ وَالْمَعْهُودُ إيقَاعُهَا فِي نُسُكٍ كَامِلٍ.
(وَالدَّمُ الْوَاجِبُ) فِي الْإِحْرَامِ (بِفِعْلِ حَرَامٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ) بَلْ يَجُوزُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يَخْتَصُّ بِيَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ الضَّحَايَا (وَيَخْتَصُّ ذَبْحُهُ بِالْحَرَمِ فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] فَلَوْ ذَبَحَ خَارِجَ الْحَرَمِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَالثَّانِي يُعْتَدُّ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُنْقَلَ وَيُفَرَّقَ فِي الْحَرَمِ قَبْلَ تَغَيُّرِ اللَّحْمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ اللَّحْمُ وَقَدْ حَصَلَ بِهِ الْغَرَضُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ (وَيَجِبُ صَرْفُ لَحْمِهِ إلَى مَسَاكِينِهِ) أَيْ الْحَرَمِ جَزْمًا الْقَاطِنِينَ وَالطَّارِئِينَ وَالصَّرْفُ إلَى الْقَاطِنِينَ أَفْضَلُ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي دَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَلَوْ كَانَ يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ بَدَلًا عَنْ الذَّبْحِ وَجَبَ تَخْصِيصُهُ بِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ، وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ الصَّرْفُ إلَى ثَلَاثَةٍ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ فِي الْإِطْعَامِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ كَالْكَفَّارَةِ وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّفْرِقَةِ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الرُّويَانِيُّ وَقِيسَ الْفُقَرَاءُ عَلَى الْمَسَاكِينِ.
(وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) مِنْ الْحَرَمِ (لِذَبْحِ الْمُعْتَمِرِ الْمَرْوَةُ وَلِلْحَاجِّ مِنًى) لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ تَحَلُّلِهِمَا. (وَكَذَا حُكْمُ مَا سَاقَا مِنْ هَدْيٍ) تَطَوُّعٍ أَوْ مَنْذُورٍ (مَكَانًا) فِي الِاخْتِصَاصِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ (وَوَقْتُهُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ كَدَمِ الْجُبْرَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَخَّرَ ذَبْحَهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا ذَبَحَهُ قَضَاءً وَإِلَّا فَقَدْ فَاتَ فَإِنْ ذَبَحَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَتْ شَاةَ لَحْمٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَاجِبَ يَجِبُ
ــ
[حاشية قليوبي]
عِنْدَ إرَادَةِ الْإِحْرَامِ، وَلَوْ أَخْرَجَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ كَمَا فِي الْمُتَمَتِّعِ.
قَوْلُهُ: وَالدَّمُ الْوَاجِبُ قُيِّدَ بِهِ لِمُتَعَلِّقِهِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ بِهِ الْمَطْلُوبُ، وَلَوْ نَدْبًا كَدَمِ عَدَمِ الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي الْوُقُوفِ. قَوْلُهُ: (بِفِعْلِ حَرَامٍ) أَيْ أَصَالَةً وَإِنْ جَازَ لِعُذْرٍ وَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِهِ إذَا عَصَى بِسَبَبِهِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ) أَيْ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ ذَبَحَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) فَيَلْزَمُهُ إبْدَالُهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ تَغَيُّرِ لَحْمِهِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ صَرْفُ لَحْمِهِ) وَكَذَا بَقِيَّةُ أَجْزَائِهِ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ صَرْفِهِ بِنَحْوِ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ وَلَوْ مِنْ فُقَرَاءِ الْحَرَمِ لَمْ يُجْزِئْهُ لَكِنَّ لَهُ شِرَاءَ اللَّحْمِ بَدَلَهُ وَيُفَرِّقُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ إلَخْ) أَيْ يَجِبُ فِي تَفْرِقَةٍ أَيْ طَعَامِ مَا يَجِبُ فِي صَرْفِ اللَّحْمِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّفْرِقَةِ) أَيْ الْإِطْعَامِ، وَتَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ عَزْلِهِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَالنِّيَّةِ فِي الذَّبْحِ عِنْدَهُ، وَلَوْ نَوَى عِنْدَ الصَّرْفِ فَهُوَ أَكْمَلُ.
قَوْلُهُ: (وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) بِتَاءِ التَّأْنِيثِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. وَيَجُوزُ كَوْنُهُ بِهَاءِ الضَّمِيرِ أَيْ الْحَرَمِ وَهِيَ أَوْلَى لِشُمُولِ الْأَوَّلِ لِغَيْرِ
ــ
[حاشية عميرة]
الْأَوَّلِ إذَا أَحْرَمَ إلَخْ) وَقِيلَ هُوَ كَالْقَضَاءِ يَجِبُ فِي سُنَّةِ الْفَوَاتِ، وَإِنْ وَجَبَ تَأْخِيرُهُ صَرَّحَ بِحِكَايَةِ هَذَا الْوَجْهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
تَنْبِيهٌ: لَك أَنْ تَقُولَ حَيْثُ كَانَ هَذَا الدَّمُ يَجِبُ إذَا أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ، فَهَلَّا جَازَ تَقْدِيمُهُ فِي سُنَّةِ الْفَوَاتِ كَمَا جَازَ فِي دَمِ التَّمَتُّعِ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ؟ قُلْت فِي مَسْأَلَةِ التَّمَتُّعِ: إذَا قُدِّمَ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ كَانَ وَاقِعًا فِي سُنَّةِ الْحَجِّ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْقَضَاءِ. نَعَمْ قِيَاسُ هَذَا أَنْ يَجُوزَ فِعْلُهُ فِي سُنَّةِ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فِيهَا بِالْقَضَاءِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِفِعْلِ حَرَامٍ) أَيْ مَا أَصْلُهُ ذَلِكَ لِيَشْمَلَ دِمَاءَ الْمَعْذُورِينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجِبُ صَرْفُ لَحْمِهِ إلَخْ) لَوْ ذَبَحَهُ بِالْحَرَمِ فَسُرِقَ مِنْهُ سَقَطَ الذَّبْحُ، وَبَقِيَ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ إمَّا بِذَبْحٍ أَوْ بِلَحْمٍ يَشْتَرِيهِ وَيُفَرِّقُهُ.
فَرْعٌ: قَوْلُهُ وَيَجِبُ صَرْفُ لَحْمِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَذَا سَائِرُ أَجْزَائِهِ الْمَأْكُولَةِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. قَوْلُهُ: (الصَّرْفُ إلَى ثَلَاثَةٍ) اسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَدَمَ التَّعْمِيمِ عِنْدَ الِانْحِصَارِ كَالزَّكَاةِ بِجَامِعِ عَدَمِ جَوَازِ النَّقْلِ فِيهِمَا، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا حُرْمَةُ الْبَلَدِ، وَالْمَقْصُودَ فِي الزَّكَاةِ سَدُّ الْحَاجَاتِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ فِدْيَةَ الْحَلْقِ وَنَحْوِهِ، يَجِبُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ السُّنَّةِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ التَّفْرِقَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِي النِّيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى التَّفْرِقَةِ مَا قِيلَ فِي الزَّكَاةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ جَمْعًا مُضَافًا لِضَمِيرِ الْحَرَمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِذَبْحِ الْمُعْتَمِرِ) أَيْ غَيْرِ الْقَارِنِ أَوْ الْمُتَمَتِّعِ، أَمَّا الْمُتَمَتِّعُ الَّذِي عَلَيْهِ دَمٌ فَالْأَفْضَلُ ذَبْحُ دَمِ تَمَتُّعِهِ بِمِنًى قَالَهُ السُّبْكِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقْتُهُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ) قِيَاسًا عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَأَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَجُوزُ أَكْلُهُ